مصائب المرضى عند شركات الدواء فوائد.. تحريك الأسعار قبلة حياة لقطاع الأعمال العام.. الحق في الدواء: ضربة قاتلة للمرضى.. ومحام يكشف دور المافيا في تحقيق الأرباح
وصف قطاع الأعمال العام ما أعلنته وزارة الصحة والسكان قبل أيام حول زيادة أسعار 3000 من الأصناف الدوائية المحلية والمستوردة بأنه القشة التي أنقذت القطاع من الموت الإكلينيكي بعد ارتفاع سعر صرف الدولار جراء تعويم الجنيه.
وعلى الجانب الآخر أكد المركز المصري للحق في الدواء، أن موافقة الدولة على موجة ثانية من رفع أسعار الدواء ضربة قاضية للمريض المصري خاصة محدودي الدخل من أصحاب الأمراض المزمنة، لتلبية رغبة شركات الدواء في تحقيق المزيد من الأرباح.
الصناعات الدوائية
من جانبها أكدت الدكتورة يمن الحماقي، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الدوائية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام، أن موافقة الدولة على زيادة أسعار الدواء سينعكس إيجابا على شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال العام.
وتابعت بأن شركات الدواء التابعة للقابضة للصناعات الدوائية عانت خلال الأعوام السابقة بسبب إصرار الدولة على عدم تحريك أسعار منتجاتها ما أثر على قدرتها على الإنتاج بالسلب.
وتوقعت الحماقي أن يساهم القرار في تحسين اقتصاديات الإنتاج الخاصة بشركات الدواء وعلى رأسها شركات قطاع الأعمال العام، منوهة إلى أن هذا الارتفاع من المتوقع أن يلازمه توفير للأصناف التي لم تتمكن الشركات من إنتاجها لارتفاع التكلفة بالتزامن مع ارتفاع الدولار.
واستطردت أن جدوى الزيادة مرهونة بنسبة الارتفاع في المواد الخام والتي نعتمد على استيرادها، مشيرة إلى ضرورة الاتجاه للإنتاج المحلي وزيادة المكون المحلي.
مكونات الدواء
وأكدت عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الدوائية، اتجاه القيادة السياسية لإنتاج مكونات الدواء ونقل التكنولوجيا لمصانع الدواء المصرية واستغلال ما لدينا من موارد طبيعية، موضحة أن الحكومة الحالية بالتعاون مع البنك المركزي ينبغي أن يضعا سياسة لمواجهة أزمة العملة الحالية وإلا سندخل في دائرة مفرغة للتضخم.
واقترحت الحماقي تشكيل غرفة عمليات بمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات التي من شأنها مواجهة أزمة سعر الصرف.
وأكّد الدكتور محسن خلف، الخبير الصيدلي، الرئيس السابق لعدد من الشركات التابعة للقابضة للأدوية، أن زيادة أسعار الأصناف الدوائية يحد من خسائر شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال العام، ولكنه لن يحولها للربح.
وتابع بأن تحريك الأسعار بعد تحرير سعر الصرف أصبح ضرورةً؛ نظرا لارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج، وشركات قطاع الأعمال تواجه تحدياتٍ على رأسها ارتفاع الأجور والطاقة، مشيرا إلى أن تكلفة الإنتاج زادت بنسبة 100% جراء تعويم الجنيه، مطالبا بمعاملة الأصناف الخاصة بالأمراض المزمنة معاملة مختلفة، وباستثنائها من الارتفاعات المتتالية مشيرا إلى أن وزارة الصحة تعاملت مع الأمر بسياسة الأيادي المرتعشة، وهو ما أدى لارتباك الأوضاع.
ارتفاع جديد في أغسطس
وأضاف الخبير الصيدلي، أن وزارة الصحة نفت بعد ارتفاع الدولار اتجاهها لزيادة أسعار الدواء، ولكنها اضطرت بعد ذلك لزيادة الأسعار مرتين خلال 6 أشهر، ومن المقرر اتجاهها لرفع الأسعار للمرة الثالثة في أغسطس القادم، والذي ستستهدف فيه الوزارة الأصناف التي لم يتم رفع أسعارها حال استمرار أزمة العملة الحالية.
ورحب مصدر مسئول بشركة النيل للأدوية إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للأدوية بموافقة وزارة الصحة على زيادة أسعار نحو 3000 صنف دوائى محلى ومستورد.
تفادي الخسائر
وتابع المصدر أن القرار يساهم بشكل أو بآخر في تفادي الخسائر الناجمة عن زيادة سعر الدولار، خاصة أن 95% من مستلزمات إنتاج الدواء مستوردة من الخارج، منوها أن قرار رفع سعر الأدوية ليس رفاهية بالنسبة لنا ولكنه حياة أو موت.
وأشار المصدر إلى أن هذه الزيادة تواجه أزمة نقص الأدوية بالأسواق نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه.
واستطرد أن شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال العام، تكبدت الكثير من الخسائر بسبب زيادة مستلزمات الإنتاج بشكل جنوني مقابل ثبات أسعار منتجاتها منذ أكثر من 10 سنوات.
وأكد أن ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج، من الضروري أن يقابلها تحريك لأسعار المنتجات حتى تتمكن الشركات من الاستمرار في الإنتاج، وإلا تعرضت شركات الدواء الحكومية للمزيد من الخسارة، وتدريجيا للخروج من الأسواق، ومن ثم ترك المريض فريسة لشركات القطاع الخاص.
وأضاف أن هناك تعليمات من الشركة القابضة للأدوية التفاوض مع موردي الأدوية المستوردة للحصول على أفضل العروض، ولكن ذلك ليس كل شيء.
وأظهرت المؤشرات المالية المجمعة للشركة القابضة للأدوية إحدى شركات قطاع الأعمال العام عن العام المالي 2015/ 2016، تراجع صافي الربح بنسبة 11.5% عن العام المالى السابق.
وتراجعت إيرادات الشركة القابضة بنسبة 0.3% مقارنة بالعام المالي السابق، فيما تحولت شركة تابعة واحدة من الخسارة إلى الربحية، وقلت ربحية 3 شركات تابعة، وزادت خسائر شركتين، وتراجع صافي ربح الشركات التابعة بنسبة تراجع 10.6% عن العام المالى السابق.
وأوضحت الشركة القابضة للأدوية أن سبب هذا الانخفاض في صافي الربح يرجع إلى الارتفاع في تكلفة المدخلات من خامات ومستلزمات إنتاج والطاقة، بالإضافة إلى تغير أسعار صرف العملات الأجنبية، والزيادة الحتمية في الأجور.
يومٌ أسودٌ
وعلى الجانب الآخر وصف محمود فؤاد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، إعلان زيادة أسعار الأدوية بأنه يومٌ أسودٌ في تاريخ الحق في الدواء كأحد أهم الاستحقاقات الاجتماعية للمواطن، والتي نادي بها في الثورات الماضية.
وحول إعلان وزارة الصحة عن زيادة أسعار أكثر من 3000 صنف دوائي محلي ومستورد، أكّد "فؤاد" أن المواطن لا علاقة له بنقص الأدوية بالأسواق جراء ارتفاع سعر صرف الدولار بعد تعويم الجنيه، وما حدث كارثة إذ إن الدولة تُقبل للمرة الثانية على رفع سعر الدواء في فترة لا تتجاوز الـ6 أشهر وبزيادة بلغت 250%، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لحق الإنسان في الصحة.
وأكد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن الشركات المصرية انتصرت على الحكومة ضاربة بمصلحة المريض عرض الحائط، بعد مفاوضات استمرت ثلاثة أشهر والامتناع عن الإنتاج، مشيرا إلى أن ما حدث ضربة موجهة لفئات كثيرة من بينها أصحاب المعاشات وآلاف آخرين من غير المؤمن عليهم.
وأعرب "فؤاد"، عن أمله في أن تحصل شركات الدواء التابعة لقطاع الأعمال العام عن حصة مماثلة لشركات القطاع الخاص حتى تستطيع القيام بدورها والمحافظة على الدور الاجتماعي وإمداد المريض باحتياجاته.
ومن ناحيته طالب عبد الغفار مغاوري، المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة، الرئيس عبد الفتاح السيسي والنائب العام ومجلس النواب، ونقابة الصيادلة، بسرعة التدخل لمواجهة مافيا شركات الدواء.
صمت مجلس النواب
وقال إن شركات الأدوية أنتجت كميات كبيرة من الدواء دون سعر ودون أرقام تشغيل، منوها إلى أن هذه الكميات تم تخزينها لحين صدور القرار برفع الأسعار.
وأضاف مغاوري أن وزير الصحة يتاجر بأصحاب الأمراض المزمنة، ويضرب بحقوق محدودي الدخل في الصحة عرض الحائط، حيث اتجه لرفع سعر 650 صنفا من هذه الاصناف من إجمالي 3010 أصناف.
واستنكر صمت مجلس النواب، مؤكدا أن ما حدث يخالف تصريحات الرىيس عبد الفتاح السيسي بعدم المساس بالدواء، موضحا أن وزارة الصحة اتخذت قرارات غير مدروسة برفع أسعار الدواء خلال الفترة من شهر مايو 2016 حتى يناير 2017 نحو 100%.
وأضاف المحامي المهتم بقضايا عودة قطاع الأعمال للدولة، أن الدولة انحازت لشركات الدواء على حساب المواطن، لافتا إلى أن من بين المستحضرات التي ارتفع سعرها حقن ديكساميثازون لشركة العامرية والتي كان سعرها قبل ارتفاع مايو 6 جنيهات ثم وصل إلى 12 جنيها في مايو وارتفعت مجددا في يناير الجاري 50%.