رئيس التحرير
عصام كامل

«كلمات على الجدار وكوب شاي».. آخر ذكريات «طالب حلوان» المنتحر


"سامحيني يا أمي هتوحشينى كتير".. كلمات تحمل في طياتها الكثير من معاني الألم والحسرة على فراق "الأم"، كانت آخر رسالة كتبها الطالب أحمد عيد، بالفرقة الثانية في كلية الحقوق جامعة حلوان، ليعبر بها عن حبه واشتياقه لها بعد الرحيل إلى عالم لا تتلاقى فيه إلا الأرواح.


 

 

شاب لم يتجاوز عامه العشرين قرر أن يترك الجميع وراءه ليذهب بعيدًا عن الجميع ليرتاح ولو قليلًا من هموم الدنيا الزائفة، والسؤال ما الذي يجعل شاب كان يملؤه الحب والتفاؤل بعام 2017، فقد كان آخر ما كتبه على صفحته الشخصية بوست يعبر به عن حبه لمعشوقته قائلًا: "حبيبتي ‏وجودك جنبى خلاني أشوف الدنيا لون تانى".

 

 

"هنا يرقد الصعيدي"، بداخل جامعة حلوان، بعيدًا عن الجميع  بمبنى المدينة الجامعية داخل الحرم الجامعى، وبالتحديد مبني ١٥ الدور السادس الغرفة 609، بابها مليء بالملصقات التي تحثك على ذكر الله،  ستجد غرفة يملأها الفوضي، الهرج والمرج، جميع ما فيها مبعثر ومُلقى على الأرض، فقد كان في هذه الغرفة يرقد الصعيدي" كما كتبها على حوائط غرفته وفوق سريره.

 

الغرفة مكونة من ثلاثة أسِرة، بالدور السادس بآخر طابق بالمبنى، يتوسطها ترابيزة مستطيلة ملقى عليها أكل، ملازم، شنطة سفر، كُتب مبعثرة، وشاي، وغيرها من متعلقات لثلاثة طلاب يشتركون معا في السكن بالغرفة.

 

دولاب مكون من ثلاث درف، ثياب ملقاة على الأرض، بصيص من ضوء الشمس، فراغ شاسع تجده فور وقوفك بشرفة الغرفة المطلة على صحراء.

 

مساء يوم الأربعاء وسط العتمة والسكون والفراغ قرر الطالب أن يطير يحلق من شرفة غرفته بالدور السادس، فبعد أن تحدث مع صديقة وهو يقف مكتوف الأيدي، مستديرًا بظهره له، مسرعًا إلى شرفته ليقفز منها ليرتطم بالأرض بالواقع الذي يعانيه لينهيه للأبد بسيل من الدماء.

 

"أنا قلبى عليك يا ولدى بيتقطع" حال أم تنتظر صغيرها الشاب الذي تحول إلى جثة هامدة لا حول له ولا قوة بصرخات مفجعة عليه، لعلها تعبر عن ما في قلبها وتريحه بعض الشيء ولكن بدون جدوى.

 

حالة من السكون والترقب اجتاحت مبنى ١٥ بالدور السادس الجميع خائف الخروج من باب غرفته، النظر حتى من شرفته المطلة على الحادث، دموع تحجرت في أعين زملائه على رحيل رفيق السكن بطريقة بشعة، لتأتي المباحث وتعاين مكان الواقعة في صمت وترفع البصمات للوصول إلى دوافع أحمد للانتحار وهو في ربيع شبابه ليبقى الحال على ماهو عليه لحين صدور تقرير الطب الشرعى، وما ستكشفه الأيام القادمة.

 
الجريدة الرسمية