رئيس التحرير
عصام كامل

«الانتحار» يصل إلى الجامعات.. طالب حلوان ينهي حياته والأسباب مجهولة.. الاكتئاب يقضي على حياة «عبدالرحمن» في عين شمس.. وخبراء: 21 سن الخطر وضغوط الحياة السبب



«أبا الهول، ماذا وراء البقاءِ - إذا ما تطاول - غيرُ الضجَر؟»، تراصت كلمات هذا البيت الشعري لأمير الشعراء أحمد شوقي، لتكون لسان حال شباب في مقتبل العُمر آثروا اغتيال حياتهم بالانتحار للتخلص من أزماتهم المؤقتة، الأمر الذي يتطلب وقفة للبحث حول الأسباب التي تدفع المنتحرين لكتابة الفصل الأخير من حياتهم بهذا الشكل، ويبقى السؤال لماذا ينتحر طلبة الجامعات؟.


جامعة حلوان

وبالأمس قرر الطالب أحمد عيد بالفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة حلوان، إنهاء حياته، بإلقاء نفسه من الطابق السادس بالمبنى رقم 15 وتحديدًا من الغرفة رقم 609، بالمدينة الجامعية، وفي مشهد مأساوي سالت دماء الطالب المنتحر في الحرم الجامعي.

ومن جانبه، كشف ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان، عن آخر ما كتبه الطالب قبل انتحاره من غرفته بالدور السادس، وهي رسالة إلى أهله يقول فيها: «سامحيني يا أمي، سامحني يا أبي، هتوحشوني كتير»، وأكد الدكتور ماجد نجم، أن هذه الرسالة عثر عليها بغرفة الطالب.

محاولات فاشلة

وفي أول يوم دراسي، وتحديدًا في 25 سبتمبر 2016، حاولت طالبة بجامعة أسيوط أن تنهي حياتها احتجاجًا على الظلم الواقع عليها من قِبل الجامعة، وعلى حسب قولها، وبالمعاينة، اكتشف قيام طالبة دراسات عليا بكلية الحقوق، ومقيمة بمحافظة سوهاج، بمحاولة التخلص من حياتها، بقطع شرايينها بآلة حادة «موس»، بأحد دورات المياه، بعد معرفة رسوبها في امتحانات الدراسات العليا بالترم الأكمل وتحرير محضر غش ظلم لها.

ولم تكن الحالة تلك الحالة الأولى التي يُقدم فيها طالب على الانتحار داخل الحرم الجامعي، ففي فبراير الماضي، ألقى عبدالله محمد الهواري، طالب بالفرقة الثالثة بكلية التمريض، نفسه من الدور الثالث، بجامعة كفر الشيخ، بعد تعنت العميدة تسجيله بنظام الساعات المعتمدة للدراسة، وفي حالة من الغضب والاستياء تجمهر العديد من الطلبة تضامنًا مع زميلهم فيما رافقه آخرون إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة له، كما تقدمت عميدة الكلية الدكتورة مهجة عبدالعزيز سليم تقدمت باستقالتها من عمادة الكلية.

عين شمس

«أنا آسف يا بابا وآسف يا ماما، وإن شاء الله هشوفكم قريب»، كما كتب اعتذارًا لزميله عبد الله: «متزعلشي ياعبد الله مني، أنا بحبك»، كانت تلك آخر الكلمات التي كتبها عبدالرحمن محمد بالفرقة السادسة بكلية الطب جامعة عين شمس، عام 2012، قبل أن يشنق نفسه بالمدينة الجامعية مستخدمًا الحزام، وقال بعض زملاء عبدالرحمن إنه كان يعاني في الفترة الأخيرة من أمراض نفسية، واكتئاب قرر على إثرها التخلص منها والتخلص من حياته نهائيًا.

علم النفس

وبتحليل هذه الظاهرة، قال الدكتور محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، بالنسبة لأي شخص يُقدم على الانتحار في سن الـ21، فإن لذلك أسبابًا معروفة والتي تقع أغلبيتها على الأسرة التي فشلت في احتواء ابنها، وغياب الوعي والتثقيف النفسي للأسرة، ناهيك عن خلل في شخصية الفرد المنتحر، من ضعف الشخصية، وضعف يقينه بحل مشكلاته، وضعف ثقته بالله، بالإضافة إلى إحساسه بأنه لا يوجد من يساعده من الأسرة أو الإخوة أو الأصدقاء.

وأوضح أن سلسلة من التراكمات السلبية تترسب داخل نفسيته تسوقه إلى الانتحار، فقد يكون فشل في الوصول لحلم معين، أو لقي ظلما من مكان ما، بغض النظر عن طبيعة المكان، جامعة أو مكان عمل، أو البيت، فيشعر الفرد بأن هدفه في الحياة ضاع وأصبح بلا هوية، و"طموحه اتقتل".

بينما أوضح الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، عندما يتعرض الشخص لضغوط نفسية أو مالية أو عاطفية أو أسرية في سنة المراهقة فإن الانتحار يكون أسهل الحلول بالنسبة له لإنهاء الأزمة وهروبًا من المواجهة، وإذا فشلت محاولة انتحاره فإنه لن يعاود القيام بهذا الفعل مرة أخرى، وهذا يسمى، تدهور سن المراهقة أما الانتحار السودوي "الانتحار الأسود" فهو الذي يكون صاحبه قد وصل إلى مرحلة صعبة من الاكتئاب والتي على إثرها سيعاود محاولة الانتحار مرة أخرى.

أما عن اعتبار الجامعة أحد الأسباب التي تؤدي لانتحار الطلبة؛ بسبب ظلم وقع عليهم أو اضطهاد تعرضوا له، فهناك العديد من الطلبة يتعرضون للفصل من الجامعة كل عام، وكذلك الحرمان، وإجراءات تأديبية لهم، إلا أنهم لا ينتحرون، معللًا ذلك بالفروق الشخصية، وأن العيب يكون نابعًا عن الشخصية وليس الضغط النفسي؛ لأن الجميع يعيشون تحت ضغط نفسي، ولكن الفرق في كيفية تعامل كل فرد مع ضغوطه النفسية ومشكلاته.
الجريدة الرسمية