رئيس التحرير
عصام كامل

«ولايا» البرادعي والصبيان والأمريكان!


ربما كان توقيت الفضيحة تدبيرا إلهيا، وربما كان التوقيت حتمية تاريخ، قضت بأن حقبة العار والهوان وبيع الأوطان ينبغي لها أن تغلق وأن يبصق عليها، وأقول إن القضاء الألهي سبق بالقطع وبالطبع التدبير الإداري، وعجل بسقوط الشريكين الآثمين في خيانة مصر وفي نفس الأسبوع.


البرادعي في مصر وجماعة الإخوان الإرهابية في واشنطن.

لقد بدأ الزميل أحمد موسى السبت الماضي بإذاعة مكالمات محمد البرادعي مع غيره، يسب ويشتم ويتهكم ويحتقر، زملاءه الثورجية، خريجي مدرسة صربيا والمخابرات المركزية التي كان يعمل لها ضد مصر. لن أكرر أقواله المعيبة في زويل، وفي عمرو موسى، وفي الإخوان حتى. فهي دليل على لسان بذيء متعال محتقر لبنى وطنه جميعا!

أهم وأخطر المكالمات على الإطلاق ما بثه موسى الثلاثاء، مكالمة البرادعي مع دان بريمن مسئول المخابرات الأمريكي الذي يتعامل معه البرادعي رأسا، يوجهه ويتلقي منه.. في هذه المكالمة انطلق بصوته المنفر يكشف بكل ما يملكه من معلومات عن حال المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الأعلي، الذي كان يحكم مصر في أعقاب تخلي الرئيس الأسبق مبارك عن السلطة، وكيف أن الجيش لا يريد البقاء أكثر من ستة أشهر، وأنه البرادعي أصبح اللاعب الرئيسى في المشهد، وأن طنطاوي مرعوب لعدم وجود مرتبات للموظفين، وقدرها عشرة مليارات دولار، وأن الشرطة منهارة والاقتصاد واقع!

ويلفت النظر لحد القرف هنا تلك اللغة المتداعية المتكسرة، ولسانه اللاهث بالحروف يجمعها ليبني جملة معلومات عن الوطن، يقدمها لمخابرات دولة أجنبية. ومن المؤكد أن البرادعي يملك صوتا منفرا مؤذيا للأذن، وأنا شخصيا لا أطيق الصوت ولا الوجه، صوت رفيع سرسوب مسحوب، لا يتناسب مع الصلعة والنظارة والوقار الذي طار وحل محله على السحنة قار وقطران. جملته اللاهثة تعكس تعجله لعدم ثقته في أن الآخر يرضي عما لديه وسيكشفه له، وهو أيضا تعجل يفضح غياب ثقة المتكلم في نفسه، كما أن اللهاث في عرض المعلومات أشبه بلهاث الغانية لإرضاء الزبون!

وأمس الأربعاء وقع تحولان جوهريان في الموقف الأمريكي مع بشائر تقلد ترامب للسلطة، وإثر خطاب الوداع الذي ألقاه أوباما أفشل رئيس حكم أمريكا وتآمر على العرب، فقد تقدم السيناتور تيدكروز بمشروع قانون إلى الكونجرس لاعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وقال السيناتور" فخور بأني أقدم مشروع القانون لاعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وحان الوقت لتسمية العدو بالاسم الحقيقي".

بل إن وزير الخارجية الأمريكي المعين تيلرسون وضع داعش والقاعدة والإخوان وإيران في سلة واحدة، أعداء لأمريكا، وأن المهمة الأولى للإدارة الجديدة هي القضاء على داعش "التي خلقتها إدارة أوباما" على حد تعبير الرئيس المنتخب دونالد ترامب في مؤتمره الصحفي العاصف الذي هاجم فيه شبكة CNN، واعتبرها منظمة لبث الأخبار المزيفة، وألقم البي بي سي حجرا وقال هاهى غانية أخرى! بل كشف مصيبة أعتى وهي أن مخابرات أمريكا تتجسس عليه وتصوره وتكتب تقارير مزرورة عنه!

وهكذا يبدو لنا من بعيد أن العالم القديم يتقوض، وأن ملامح حقبة جديدة تتشكل وتتخلق.

أسبوع السقوط المدوي المطرز بالعار لمحمد البرادعي وافتضاح حقيقته أمام الرأي العام المصري، شهد، ويا لجسارة الحتمية التاريخية، انكشاف أمر جماعة الإخوان وإدارة أوباما صانع داعش. هذان التطوران البارزان يمثلان نافذة على الأفق، يتنفس فيها العالم العربي الصعداء، وتجلس مصر لتهدأ، وتسترد أنفاسها، بعد أن انقلب الراعي على ذئابه!

لقد ضربت وستضرب من بعدها بريطانيا راس الأفعي. وعلينا في مصر العمل على محاكمة نائب رئيس الجمهورية الذي أفشي أسرارا عسكرية وأمنية بالغة الخطورة لجهاز أمني أجنبي. بل علينا العمل على إعادة النظر في توصيف الخامس والعشرين من يناير بالثورة، ضمن الدستور.

الغيوم تتكشف والعملاء يتساقطون تباعا.

لكن الأخطر حقا ما ستشهده أمريكا ذاتها من صدام مروع بين رئيسها وإعلامها ومخابراتها والخلايا النائمة.
الجريدة الرسمية