رئيس التحرير
عصام كامل

«أبطال على الحدود».. تفاصيل 72 ساعة تدريب لجنود حرس الحدود.. تدريبات شاقة لإحباط تهريب الأسلحة والمخدرات إلى ليبيا.. استعدادات تامة للتصدي للأعمال الإرهابية.. وضبط آلاف الأطنان من السجائر ال


هناك مشاهد من الصعب أن تصفها، خاصة التي تحمل في باطنها المعانى الكثيرة، وهذه المشاهد عاشتها "فيتو" صوتًا وصورة مع مجموعة من الأبطال الذين يقدمون أرواحهم فداءً لهذا البلد وشعبه على خطوط النار، وهم رجال حرس الحدود الذين عشنا معهم 72 ساعة متكاملة تبدأ من الساعة الخامسة صباحًا وحتى السادسة مساءً، رصدنا خلالها المتاعب والجهود والبطولات التي يحققها أبطال هذا السلاح في الحفاظ على الأمن القومى المصرى وحماية من الهجرة غير الشرعية، وضبط محاولات تهريب المواد المخدرة والمسرطنة والأسلحة المختلفة، كل ذلك إلى جانب التصدى للأعمال الإرهابية التي تحدث في المناطق المختلفة، واكتشاف وتدمير الأنفاق بشمال سيناء.


الضبطية القضائية
سلاح حرس الحدود هو أحد أقدم الأسلحة المصرية الذي يؤمن ما يقرب من 6 آلاف كيلومتر هي إجمالي الحدود المصرية في المناطق المختلفة، ويعتبر السلاح الوحيد الذي لديه ضبطية قضائية نظرًا لحجم التحديات التي تواجههم أثناء تنفيذ المهام والتي تتطلب القبض الفورى على المهربين أثناء مطاردتهم وتقديمهم إلى النيابة.

الأجهزة المتطورة
ووضعت القيادة العامة للقوات المسلحة بعد ثورة 30 يونيو خطة من أجل القضاء على ظاهرة التهريب على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، حيث تم تطوير كل الأنظمة المساعدة في مراقبة أعمال التهريب ورصد أي محاولات للتسلل أو التهريب وكذلك الهجرة غير الشرعية.

"فيتو" قامت بجولة داخل بعض الكتائب الحدودية بالمنطقة الغربية العسكرية القريبة من ليبيا من أجل تقريب الصورة والتعرف بشكل موضح على العمليات التي تتم من أجل حماية الحدود في تلك الجهة التي انتشر فيها المهربون بصورة كبيرة وحقق سلاح حرس الحدود بطولات كبرى من أجل التصدى لتلك الأعمال التي تهدد الأمن القومى المصرى، ويتفرع من تلك الكتيبة العديد من النقاط والتمركزات المنتشرة على طول الحدود الدولية.

«أبطال على الحدود»
خلال اليوم الأول، التقت "فيتو" بعض الجنود الأبطال بإحدى الكتائب الرئيسية داخل المنطقة الغربية، حيث أكد ملازم أول مقاتل عبد الحميد محمد، أن مهمتهم تأمين الحدود بالبلاد وتأمين الشعب ومكافحة أعمال التهريب والتسلل ومواجهة أعمال تهريب السلاح، إلى جانب فرض السيطرة والسيادة للدولة على مناطقها الحدودية، مضيفًا أنه في إطار عملهم يتم التبليغ عن أي أعمال عدائية وحماية البيئة من تهريب المواد المخدرة والسجائر المسرطنة.

«الإبلاغ الفورى»
ويقول عريف مقاتل «محمد قاسم»، أحد أبطال قوات حرس الحدود، إنه يقوم بتدريب زملائه المستجدين على المهام العسكرية لجندى حرس الحدود والدور الأساسى له الذي ينفذه دون رقيب، مشيرًا إلى أنه من الممكن تكليف اثنين فقط من أفراد حرس الحدود بمهمة لمراقبة أحد القطاعات ويتم مراقبة القطاع الواحد 6 ساعات باستمرار ثم يتم التبديل مرة أخرى مع زميله وإذا تم اكتشاف أي ظروف غير طبيعة يتم الإبلاغ فورًا عنها.

«قصاص الأثر»
من جانبه، أوضح العريف مقاتل يوسف محسوب، أحد حكمدارية رفع الأثر في المناطق المختلفة بالمنطقة الغربية، أن عملهم في الجبل حيث ترتكز النقاط والسرايا، وأنه يقوم برفع أي أثر يوجد في الصحراء والجبال حيث كشف أنه يمكنه رفع أثر عجلات العربات وتحديد نوع العربة وحمولتها وذلك من خلال علامات توجد أسفل العجلات ويحدد حمل العربة الواحدة من عمق الحفرة، كما أنهم يتمكنون من تحديد الدواب وحمولتها قائلًا: «إذا كانت حركة الدابة تسير بحركة ضيقة يكون عليها حمل كبير ويتم تتبعها وإذا كانت الخطوة سريعة تكون الأحمال قليلة».

وأشار محسوب إلى أنه تم تدريبهم على رفع الأثر وتحديد نوع السير وحمولته والوصول إلى اتجاهاته كاملة إلى أن يتم رصده ويوميًا يتم رفع الأثر في المناطق المختلفة.

ويؤكد العريف عماد كمال أنه خلال ثلاثة أشهر فقط تعلم قوة التحمل والجدية ومعنى الرجولة والفداء، وأضاف: «رأيت بعيني كيف يقوم أبطال القوات المسلحة بالدفاع عن تراب الوطن في أصعب الظروف دون تقصير، ومدى تضحياتهم في الدفاع عن أمن وسلامة الشعب المصري ضد المخاطر والتحديات المختلفة التي يواجهونها يوميًا».

بطل حرس الحدود
وعن تفاصيل يوم في حياة بطل حرس الحدود، يقول جندي مقاتل «عبد العزيز محمد»، إنه يستيقظ مع زملائه في السادسة صباحًا مع سماع نوبة الصحيان، ثم يتم التجمع في أرض الطابور لعمل تدريبات طابور اللياقة لمدة ساعة، بعدها يتوجهون لتناول وجبة الإفطار في صالة الطعام «الميز»، ثم بعد ذلك يتم اصطفافهم في أرض الطابور مرة أخرى، لتوزيع المهام عليهم، حيث يقوم كل فرد بمهمة محددة يتم التدريب عليها باستمرار بشكل يومي.

قال جندى مقاتل «محمد سعد»، إنه يقوم بتدريب وتعليم المستجدين من أبطال قوات حرس الحدود على أساسيات الأجهزة التي يستخدمها المقاتل لتنفيذ مهام التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الغربى، وكذلك تدريبهم عمليا من خلال تدريبات واقعية أثناء عمليات التفتيش والتأمين الدورية لشرح كيفية تنفيذ كافة المهام بمنتهى الدقة والسرعة سواء في تحديد موقع الهدف أو الوصول إليه والتعامل معه.

كمين الحدود الليبية
كما أن هناك تنسيقًا يتم بشكل دوري بين جميع النقط والدوريات التي تغطي الحدود الغربية بالكامل، وذلك باستخدام أحدث المعدات ووسائل الاتصال المتطورة التي تستخدمها أفضل قوات حرس الحدود على مستوى العالم.

وعلى بعد أكثر من 120 كليومترًا من سيوة، زارت "فيتو" أحد الأمكنة الرئيسية على الحدود الليبية، وهو أحد الأكمنة الرئيسية التي تؤمن المناطق الحيوية على الحدود الغربية على الخطوط الدولية، ووصلت "فيتو" في الساعة السادسة صباحًا وكانت الأمور تسير بصورة طبيعية ويؤدى الجنود كل منهم دوره، فمجموعة تؤمن الطريق الرئيسي وتجرى التفتيشات على جميع المارة إلى جانب مجموعة استطلاع تقوم بالمراقبة بالأجهزة المتطورة من خلال نظارات الميدان وأجهزة الرؤية الليلية، وفى حالة رصد أي عدائيات أو محاولات تهريب يتم التحرك فورًا من خلال مركبات السرية الجاهزة بجميع الأطقم الرئيسية والتي من ضمنها سيارة كاملة للمعيشة مجهزة بكل شىء، وتستخدم في حالة إقامة المعسكر في أي منطقة طبقًا للمعلومات الواردة بقدوم مهربين، وقد تم تكريم قائد السرية نتيجة لقيامهم بضبط 13 عملية تهريب في فترة وجيزة.

ويقول قائد الكمين، إن هناك مجموعات عمل تنفذ الربط على الحدود الدولية على مدى 24 ساعة، وإذا تم رصد أي اختراق أو تحرك غير قانونى فإنه يتم إبلاغ جميع نقاط الربط للتنسيق واتخاذ اللازم، وأشار إلى أن مواجهة العناصر الإجرامية وعمليات التسلل والتهريب ومكافحة الإرهاب، تمثل أهم مهام النقاط والتمركزات الثابتة على خط الحدود الغربى، وكذلك تأمين الأفواج السياحية.

وأضاف: «علشان نرتقي بالمقاتل يجب رفع لياقته البدنية»، وذلك للوصول به إلى معدلات أداء قوية، ولابد أن يتحلى مقاتل حرس الحدود بالصبر والجلد، وتدريبه جيدًا على البقاء داخل الصحراء لمدة أسابيع، وتعليمهم الاعتماد على أنفسهم في تجهيز كل مستلزمات معيشتهم والحفاظ عليها، وأكد أنه على الجندى أن يثق في إمكانياته، ويحافظ على سلاحه، ولذلك يتم رفع روحه المعنوية بشكل كاف ويشعر أن كل مشكلاته محلولة.

وأكد أن كل فرد في موقعه أثناء العمليات يعتبر صاحب قرار ويتخذ ما يلزم من إجراءات في أسرع وقت ممكن وفقًا لما تدرب عليه في مواجهة التحديات المختلفة والمتنوعة والتي تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن ظرف إلى آخر، مشددًا على أن الروح المعنوية هي الشيء الأساسي لنجاح مقاتل حرس الحدود.

حملة مكبرة
من حسن الطالع أن تشارك "فيتو" قوات حرس الحدود عملية حية للقبض على مجموعة من المهربين في إحدى المناطق الحدودية بالمنطقة الغربية حيث وردت معلومات من قوات الاستطلاع الخاصة بإحدى نقاط المرور تفيد وجود سيارة دفع رباعى تخترق الحدود إلى داخل البلاد، وعلى الفور تم تجهيز وحدة من قوات حرس الحدود، وفى أقل من خمس دقائق تحركت المعدات اللازمة لضبط الهدف بعد تحديد مكانه بدقة.

وداخل بحر الرمال المتحركة كانت تتحرك معدات قوات حرس الحدود بسرعة الريح حتى وصلت إلى الهدف أثناء تسلله إلى داخل الأراضى المصرية وحاولت إيقافه إلا أنه حاول الفرار فكان الرد بطلقات تحذيرية أجبرت سائق السيارة المستخدمة في عملية التهريب على التوقف.

وتبين أن السيارة المضبوطة محملة بـ 80 كرتونة سجائر مسرطنة، وأجرت "فيتو" لقاءً مع أحد المضبوطين ويدعى "موسى طاهر" 19 سنة طالب بالصف الثالث الثانوي التجارى ويعمل سائقًا، وأكد أنه تسلم البضاعة من الجانب الليبى من خلال أحد السماسرة مقابل 60 ألف جنيه للعملية الواحدة، قائلًا «أول ما لاحظت ملاحقة الكمين ارتعبت».

وخلال الجولة تفقدنا مجموعة من المضبوطات التي ضبطها قوات حرس الحدود بالمنطقة الغربية، وشملت مجموعة من السجائر المسرطنة التي تحمل بداخلها أمراضًا مسرطنة وتباع بأسعار زهيدة، وتليفونات محمولة مهربة، وأسلحة مختلفة منها الآلى، ومنها رشاش تركية الصنع، ونبات بانجو، ومسدسات وطلقات.
الجريدة الرسمية