رئيس التحرير
عصام كامل

الاستفتاء الشعبي على تيران وصنافير يثير جدلا قانونيا.. كبيش: يجوز حال إلغاء حكم القضاء الإداري بمصرية الأرض.. طارق خضر: لا ينطبق على الاتفاقية.. ورفعت السيد: التحكيم الدولي الحل الأمثل


بعد إحالة اتفاقية تيران وصنافير للبرلمان، بالتزامن مع نظرها أمام القضاء الذي لم يصدر حكما نهائيا بشأنها حتى الآن، خرجت العديد من المطالبات التي تنادي باستفتاء شعبي حولها، معتبرين أن ذلك هو الحل الوحيد لإنهاء حالة الجدل المثارة حول تلك القضية، باعتبار أن الأرض ملك للشعب المصري، وهو الأجدر بأن يقول كلمته بخصوص تحديد مصيرها.


وتقول المادة 151 من الدستور إنه يتم طرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي في حال إلغاء المحكمة لحكم القضاء الإداري وإقرارها بصحة الاتفاقية، وذلك لأن المادة 151 من الدستور تنص على: "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة"، وتستعرض "فيتو" في التقرير التالي، آراء خبراء القانون حول مدى قانونية طرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي، وما الحالات التي سيتم فيها اللجوء إليه لحسم الجدل الحالي.

إلغاء حكم البطلان
أكد الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة، أن طرح الاتفاقية للاستفتاء حاليا "غير قائم قانونا"؛ لأنها تعتبر لاغية وباطلة طبقًا لقرار محكمة القضاء الإداري التي قضت ببطلان الاتفاقية ومصرية الأرض.

وأوضح «كبيش» أنه في حال إقرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم القضاء الإداري بشأن بطلان الاتفاقية، فإنه يحق للبرلمان مناقشتها، وأيًا كان رأيه سواء بالتصديق على الاتفاقية أو رفضها فإنها يجب طرحها على الشعب؛ لأنها متعلقة بالسيادة، وبترسيم حدود مصر، وبمقتضاها تم إلغاء سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير.

التحكيم الدولي
ومن جانبه، قال المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن اتفاقية تيران وصنافير ليست من الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي، مشيرًا إلى أنها تتعلق بترسيم الحدود مثل التي وقعت مع اليونان، وليس التنازل عن جزء من الوطن فيؤخذ رأي الشعب حول هذا التنازل.

وأضاف «السيد» لـ«فيتو»: «الناس واخدين الاتفاقية من زاوية وضع اليد، وهذا ليس صحيحا؛ لأنها اتفاقية قانونية محضة، تخضع للتاريخ والخرائط والوثائق وليس لقرار الشعب وعاطفته».

وأشار إلى أن الحل الأمثل لإنهاء هذه الزوبعة التي أثيرت حول الاتفاقية، أن يتم اللجوء إلى التحكيم الدولي، مثلما حدث في أرض «طابا»، مشيرا إلى تشكيل لجنة محايدة بمحكمة العدل الدولية بالاتفاق مع السعودية، ويقدم الطرفان ما لديهما من مستندات وأدلة تاريخية، ثم تحدد المحكمة من هو صاحب الحق في هذه الأرض وينتهي الأمر.

الاستفتاء غير مطروح
فيما أوضح اللواء الدكتور طارق خضر، رئيس قسم القانون بكلية الشرطة، محافظ دمياط السابق، أننا أمام احتمالين؛ أولهما: أن تقضي المحكمة الإدارية في 16 يناير الجاري بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري الخاص بأن الجزيرتين مصريتان، وفي هذه الحالة لا يجوز بأي حال من الأحوال مناقشة الأمر مرة أخرى، سواء في مجلس النواب أو غيره، وذلك طبقًا للفقرة الثالثة من المادة 151 من الدستور، والتي تقول: "في جميع الأحوال لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم بالدولة".

وتابع بأن الاحتمال الثاني يقول إن المحكمة الإدارية العليا ستقبل الطعن وتلغي قرار "القضاء الإداري" بمصرية الجزيرتين، وتقر بأن الجزيرتين سعوديتان، وفي هذا الوقت يحق للبرلمان مناقشة الاتفاقية والتصديق عليها، مشيرًا إلى أن رفض الاتفاقية بعد قرار القضاء غير مطروح، فسيوافق عليها بالضرورة.

وأكد أنه وفقًا للدستور، فإنه لا يجوز طرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي، في أي من الأحوال، لأن الاستفتاء يخص حالات تنازل الدولة عن جزء من أراضيها، وهذا لا ينطبق على الوضع القانوني لتيران وصنافير.

جدير بالذكر أن محكمة القضاء الإداري، قضت في شهر يونيو الماضي بإلغاء الاتفاقية التي تم التوقيع عليها من مصر والمملكة العربية السعودية، بشأن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، وتم الطعن على هذا الحكم بتقدم هيئة قضايا الدولة بطلب إصدار حكم بأحقية السعودية في الجزيرتين، ومن المقرر أن تصدر المحكمة الإدارية العليا حكمها يوم 16 يناير المقبل.
الجريدة الرسمية