رئيس التحرير
عصام كامل

«من هو شارلى».. كتاب يشكك في عفوية التظاهرات الفرنسية


تشارك الطبعة العربية من كتاب «من هو شارلى: سوسيولوجيا أزمة دينية» تأليف إيمانويل تود ومن ترجمة أنور مغيث، الصادر حديثًا عن المركز القومى للترجمة، ضمن إصدارات المركز القومى للترجمة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الثامنة والأربعين، والذي يقام في 26 يناير الجارى.


«من هو شارلى» الكتاب المثير للجدل، من تأليف عالم الاجتماع الفرنسى الشهير إيمانويل تود، الذي شكك في عفوية التظاهرات التي نُظمت في فرنسا بعد الهجمات التي استهدفت مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة.

وأراد المؤلف إيصال فكرة مفادها أن فرنسا التي خرجت إلى الشوارع في ذلك اليوم هي فرنسا المثقفون وأصحاب الدخل المرتفع والمتوسط وليس فرنسا الأحياء الفقيرة والأرياف والعمال البسطاء، مما أثار جدلا حادا في الأوساط الإعلامية والسياسية.

وحاول المؤلف أن يسلط الضوء على التظاهرات الشعبية التي نُظمت في 11 يناير 2015 بفرنسا عامة وباريس خاصة للتنديد بالهجمات.

في حين سعت السلطات الفرنسية، وعلى رأسها الرئيس فرانسوا هولاند شخصيا ورئيس الحكومة مانويل فالس، إلى تسويق صورة هذه التظاهرات على أنها أكبر تظاهرات تشهدها فرنسا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية،

وأكدت على مدى التفاف الشعب الفرنسي بمختلف أطيافه وأديانه حول مبادئ الجمهورية والعدالة ورفض الإرهاب، جاء كتاب إيمانويل تود ليخلق شرخا في هذه النظرة ويطرح أسئلة لم تطرح آنذاك.

فالحقيقة –بحسب المؤلف- أن الطبقات المتوسطة تبدو اليوم بعيدة عن "حمل القيم الإيجابية للامة" فهى بالأساس طبقة انانية ومنطوية على ذاتها وذات مزاج قمعى، بل انها تخلت عن مبدأ المساواة، وهى في الغالب، قريبة من الأساس الكاثوليكى الفرنسى القديم أكثر من قربها من التراث العلمانى، ويبدو أن هذه الطبقات هي فرنسا اليوم وليست فرنسا ذات التراث الثورى.

بحسب المؤلف، فإنها في كل مجتمع من المجتمعات الغربية هناك شارلى نائم، فهناك دائما كتلة مسيطرة، طبقة وسطى مستفيدة من العولمة تجمع بين المتعلمين تعليما عاليا وكبار السن، مستعدة للدفاع عن امتيازاتها، وقبل ذلك عن ضميرها المستريح ضد المستبعدين أو العمال المستقرين أو ابناء المهاجرين

فشارلى يحكم في كل مكان دون أن يعرف أين يذهب، حيث تسللت كراهية الاجانب التي كانت بالامس من سمات الأوساط الشعبية إلى النصف الأعلى من البناء الاجتماعى.

يتحدث المؤلف عن الهيستريا المفرطة التي عاشتها فرنسا في يناير 2015، حيث اثارت مجزرة محررى الصحيفة الساخرة شارلى ابدو رد فعل جماعى غير مسبوق في فرنسا، وكانت وسائل الاعلام تنقل رسائل تتمثل في إدانة الإرهاب والاحتفاء بالشخصية الرائعة للشعب الفرنسى وتقديس الحرية والجمهورية.

وأصبحت مجلة شارلى ابدو ورسومها الكاريكاتورية عن النبى محمد معبدًا مقدسًا، وأعلنت الحكومة عن دعم للمساعدة في إصدار المجلة الأسبوعية

وسارت الجماهير التي استدعتها الحكومة في مسيرة في كافة انحاء فرنسا يحملون أقلام رصاص في أيديهم رمزا لحرية الصحافة، يصفقون لقوات الأمن والقناصة الموجودين على أسطح المنازل، وشعار أنا شارلى اصبح مرسوما باحرف بيضاء على خلفية سوداء قد غزا الشاشات والشوارع وقوائم الطعام بالمطاعم

ويوضح المؤلف كيف أن هذا الحادث قد تبعه التطاول بصورة منهجية ومتكررة على النبى محمد وهو الشخصية المركزية لدى جماعة ضعيفة هناك يمارس ضدها تمييز ينبغى له أن يُعد تحريضًا على الكراهية الدينية والعرقية والعنصرية.

ويوضح المؤلف موضوعيته في تفسير هذه القضية، فالحقيقة أنه ليس على علم الاجتماع أن يزعم التمييز بين الخير والشر،ولكن يسعى إلى مساعدة البشر على فهم المعنى العميق لاختياراتهم وافعالهم،واجبارهم على قبول القيم الخفية التي تقودهم لفعل هذا الاختيار الايديولوجى أو السياسي.

ويضيف: "ما يقلقني اليوم ليس حفنة من المتطرفين والمختلين عقليا الذين يرتكبون هجمات إرهابية باسم الإسلام، بل الهستيريا التي أصابت المجتمع الفرنسي إلى درجة أصبحت الشرطة تستدعي أطفالا لا تتعدى أعمارهم 8 سنوات إلى مراكز الأمن".
الجريدة الرسمية