سيرك.. «تيران وصنافير» !
مهما كان رأيك في موضوع تيران وصنافير، لن تمانع أن الموضوع دخل مرحلة "الحركات".. أدخلنا محسوبين على تيار الثوريين والناصريين والاشتراكيين مرحلة "الشقلبظانات".. خالد علي نصب "سيرك"، وحمدين صباحى وجد في القضية أكسير حياة، بعد سم تجرعه من ابتعاد جماهيرى وإعلامي لم يستطع استيعابه للآن.
أحزاب الدرجة الثالثة عامت على نفس الموجة، سلم نواب بالبرلمان الداخلية إخطارًا بتظاهرة رافضة اتفاقية الجزيرتين على يد محضر.. أول مرة يطالب نواب بتظاهرة رفضًا لاتفاقية معروضة على البرلمان، سهل أن يرفضوها من مقاعدهم نوابًا للشعب.. كان طريفًا مطالبة نيابيين باستخدام حقهم في التظاهر، مع أن سلطتهم الدستورية في البرلمان، أقوى من استخدام حقهم القانونى في الشارع!
المسألة لم تعد لا وطنية، ولا خوف من بيع الأرض.. القضية تحولت إلى "شو إعلامي"، تسعى معه تيارات سياسية فقدت سيطها في الشارع، التكسب منها في عدائها للنظام.
من يمكن أن يقول إن خالد على أشد وطنية من مدير سابق للمخابرات الحربية، مات زملاؤه على الأرض دفاعًا عنها، بينما خالد على وزملاؤه كانوا لا يزالون تلاميذ "بشورت"؟ من يمكن أن يستوعب أن حمدين صباحى أقوى وطنية من قادة وضباط ورجال عسكريين يموت كل منهم يوميًا عشرات دفاعًا عن الأرض، بينما حمدين صباحى يتداول أحاديث عن الوطنية بغرف حزب الكرامة في الدفايات ؟
خيّب الله الناصريون في الأرض، وخيب الحقوقيين "السكارتة".. السكارتة للعلم جمع "سكروت".. و"السكروت" لفظ عامى يعنى "أجوف وبلا مبدأ"!
اتفاقية تيران وصنافير ليست هي الصفقة لبيع الوطن، الذين يبيعون الوطن هم من استغلوها، لإشعال الشارع، وإعادة شعبية وأدها الزمن، وأماتتها 6 سنوات مضت على ما سموها "ثورة".
للآن، الخلاف حول الجزيرتين قانوني.. مفترض أن يظل نزاعًا قضائيًا ونيابيًا ودستوريًا، بين مؤيدين ورافضين.. لا الهيئات القضائية فاسدة، وحمدين صباحى هو الوحيد الذي "تنط الوطنية والصلاح" من عينيه، ولا الدستوريين متواطئون، بينما خالد علي وأحزاب الكرامة والدستور، والتحالف الشعبى الاشتراكى، والعدل، والمصرى الديمقراطى هم وحدهم من يحوزون جوازات سفر مصرية تدل على جنسياتهم.
مهما كانت جنسية الجزيريتن، فالذين حولوا الخلاف من قانونى فقهى دستورى تاريخى، وحاولوا النزول به للشارع ليست نياتهم خالصة لوجه الله.. هؤلاء انحرفوا بمسار القضية إلى معترك "شعبوي" يهدد الجميع.. يفعلون الآن ما فعلوه أول مرة، على عتبات يناير وما بعدها، فاستغلوا ثغرات اجتماعية واقتصادية، لتأليب الشارع.. وتفجير الدولة.
ثم، منذ متى والأراضي المصرية، وخرائط الطبوغرافية، ووقائع التاريخ الحدودية تناقش على فيس بوك، وتحسم من على تويتر ؟
صحيح أخطأت الإدارة في عدم التمهيد لاتفاقية الجزيرتين، لكن حسم جنسية الجزيرين في الوقت نفسه، يبقى لا من اختصاصى ولا من اختصاصك ولا من اختصاص خالد على.. الأخير لجأ للقضاء، فلماذا يدعو إلى التظاهرات وإلى النزول إلى الشوارع؟ نواب موجودون تحت قبة مجلس الشعب، يمارسون سلطات من أقوى السلطات في تاريخ الدول، فلماذ يخطرون الداخلية برغبتهم في التظاهر والهتاف في الشارع ؟
حتى الآن، لا يستند موقف خالد علي وحمدين صباحى والذين اتبعوهما لا إلى تاريخ ولا إلى وثائق أو شهادات موثقة.. ما زال موقف أحزاب "الدرجة الثالثة" كلاما وحديثا تغلب عليه إنشائية فاقعة تعتمد على الشحن العاطفي، ومحاولة إثارة انقسامات وطنية تتناقض رأسًا مع ما يدعّون أنهم يدعون إليه.
تسليم «الداخلية» إخطار مظاهرة على يد محضر، حركة من الحركات.. توجه نواب لقسم الشرطة، للحصول على إذن من المأمور بالموافقة على التظاهرة "شقلباظ" آخر واستمرار "للشو".
الواقع أن موقف "سيرك الرافضين" لم يعد موجهًا ضد السعودية.. تحركاتهم و"شقلباظاناتهم" أكملت صورة لاستغلال انتهازي لموضوع الجزيرتين، في انعكاس لموقفهم المعارض من الرئيس السيسي.
ما الذي فعله السيسي؟ هل الرئيس هو المسئول عن سقوط "النخبة في الشارع"؟ هل السيسي هو السبب في الـ 750 ألف مجمل أصوات حمدين صباحى في الانتخابات الرئاسية؟
كيف يريدوننا أن نصدقهم في أنه ولو شبر من الأرض حرام بيعه، بينما هم من سبق وعرضوا البلد كلها للبيع ؟
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan