رئيس التحرير
عصام كامل

«مصر بدون مولانا»..غياب الرمز الديني سبب انتشار الأفكار المتطرفة.. مواقع الفتوى الإلكترونية قبلة الملايين..ضعف الأزهر يساعد على انتشار التشدد.. والابتعاد عن السلطة شرط المواطنين للثقة


لم يكن الهجوم الشرس على فيلم «مولانا» للفنان عمرو سعد والمؤلف إبراهيم عيسى سوى خوف من إظهار بعض من امتهنوا الدين لتحقيق مكاسب شخصية وبالتالي كان الأمر بمثابة فتح «عش الدبابير» للكشف عن زيف الكثيرين ممن يدعون الحديث باسم الله.


الأمر أيضًا له دلالة على ما هو أخطر وهو غياب الرمز الديني الذي يثق فيه المصريون ويعتبرونه قبلة لهم لمعرفة كل ما يتعلق بشئونهم الدينية وقد ساعد في ذلك الكثير مثل ثورة 25 يناير التي كشفت السلفيين والإخوان الذين خدعوا الشعب المصري خلال العقود الماضية، بجانب ضعف دور الأزهر في هذا الأمر والوقوف عند مرحلة بعينها لا تواكب العصر الحالي.

ذلك التذبذب أدى إلى انصراف شريحة كبيرة من المصريين عن المؤسسة الرسمية المعتدلة والاتجاه إلى التيارات المتطرفة التي لا تعرف سوى فتاوى القتل والسرقة وإهدار الدماء وارتكاب الأعمال الإجرامية، كما اتجه البعض الآخر إلى قنوات عربية لا تعبر عن الثقافة والجينات المصرية التي تتميز بالاعتدال والتوسط دومًا.

بدورها استغلت التيارات المتشددة ثورة الاتصالات في تدشين عدة مواقع إلكترونية للفتوى أصبحت هي المسيطرة على فضاء الفتاوى الإلكترونية وأصبح الناس أكثر تشتتًا.

ووفقًا لبعض الإحصاءات غير الرسمية فإن عدد متصفحي تلك المواقع يصل إلى الملايين سنويًا بعد أن تحولت إلى قبلة لكل من لديهم استفسار في ظل منظومة عمل على مدى اليوم من جانب تلك الجماعات.

الأمر ذاته فتح باب التجنيد الإرهابي لعدد من التنظيمات التكفيرية وفق ما أشارت إليه تقارير غربية أكدت أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت موطن تجنيد الكثير من الإرهابيين ما دفع «داعش» إلى تخصيص لجان تتولى تلك المهمة.

وفقا للدكتور محمد حبيب فإن التطرف هو نتيجة دومًا للتقصير من جانب الدولة سواء من خلال حماية المؤسسات الدينية أو تدعيمها كما هو واجب في الوضع الحالي، خاصة أننا أمام تيارات إرهابية ممولة على أعلى مستوى وتتقن كافة وسائل الاتصال الحديثة.

وأوضح أن إيجاد رمز ديني قادر على حل المشكلات والتعاطي مع وسائل العصر الحديثة أمر ضروري، مشددًا على ضرورة ابتعاد هذا الرمز عن السلطة والأحزاب السياسية ليحظى بثقة المواطنين.
الجريدة الرسمية