رئيس التحرير
عصام كامل

ألا تخجل من نفسك !


جرب ركوب وسيلة مواصلات عامة، واختلق أي كلمة عن ارتفاع الأسعار، ستجد على الفور حوارا جماعيا يأتيك من كل مكان في وسيلة المواصلات، لدى كل راكب عشرات القصص المبكية عن نيران ارتفاع الأسعار، التي تمسك في جسد الجميع دون رحمة، تفاصيل مبكية عن دواء القلب الذي تجاوز سعره ثلاثة أضعاف سعره بعد التعويم، وسيأتيك صوت آخر عن سيدة تقوم بتجهيز ابنتها للزواج ومع ارتفاع الأسعار، اضطرت لبيع كل شيء في منزلها لتجهيز ابنتها ورواية ثالثة لرجل مسن، لم يتمكن من دفع كشف الطبيب الذي يعالج عنده والذي قفز إلى 400 جنيه ورواية رابعة عن مطلقة تعيش مع طفليها وتمنحها وزارة التضامن الاجتماعى معاش 300 جنيه فقط، لا تكفى لأي شيء ولم تعد تقيم وأد أطفال يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويتعلموا ويلعبوا ويستروا أنفسهم بقطعة ملابس من أسواق العتبة.


فجأة ارتفع الستر عن جميع المصريين الغالبية تتجرع الهوان من أجل توفير أقل القليل من الاحتياجات لم يعد بإمكان الكثير السير في ركاب مزاد الأسعار الذي يتجاوز حدود المعقول كل ساعة لم يعد هناك مكان للرفاهية كثير من الأسر تنازلت عن رفاهية الفواكه واللحوم والتاكسى والأندية والمولات حتى الصغيرة منها.هكذا أصبح حال المصريين.

في المقابل تجلس أمام خطاب الرئيس تشعر بالخجل من نفسك ومن طريقة تفكيرك ومن نظرتك الضيقة للأمور.. هل الحياة مجرد كيس سكر وزجاجة زيت ودجاجة وكيلو بطاطس؟

الحياة أكبر من هذا بكثير أمن يجعلك قادرا على الحركة في أي وقت وجيش يحمى سماءك وأرضك وزوجتك وأولادك من كل من يفكر أن تمتد يده اليهم بسوء أليست هذه نعمة بل إذا شئت الدقة نعمة كبيرة تستحق أن تشكر الله عليها الدهر كله ماذا تفعل بكيس السكر وزجاجة الزيت إذا لم تجد من يحميك ؟

ألا تتوقف عن التفكير في الطعام والشراب قليلا وتنظر لما حولك بفخر أصبح لديك حاملة طائرات وتطوير لمعدات جيشك العسكرية وأصبح هناك طرق أنت أول المستفيدين منها وأصبح هناك وسائل مواصلات جديدة أنت أول من ركبها وهناك أكثر من خط للمترو يتم تنفيذها حاليا ستريحك في القادم وأصبح هناك قناة سويس جديدة وفى القريب ستضاف للرقعة الزراعية مليون ونصف المليون فدان وغيره من المشروعات العملاقة ألا يكفى كل هذا لتتأكد بنفسك أن المستقبل في الطريق وأن مصر القادمة غير مصر الحالية لن تجوع أو تشقى فيها.

كل من يريد أن يأخذ ثواب الصيام عليه أن يتحمل الجوع والعطش أنت أيضا لابد أن تدفع نصيبك من التضحية لن تشارك في الحصاد طالما أنك لم تزرع نصيبك من الصبر.

من آخر وسيلة المواصلات يأتى صوت رجل تغلبه الدموع أنا من الممكن أن أصبر وأن أتحمل وأنتظر حتى أركب الأتوبيس الجديد وآكل من إنتاج المليون ونصف مليون فدان وأستقل خطوط المترو الجديدة وعلى استعداد تام أن أتنازل عن كل ما هو غير ضرورى وأن أحرق الزيت والسكر بيدى ولكن أولادى لن يتحملوا هم يريدون أن يأكلوا عندما يجوعون.. النقود التي كانت تكفى إفطار خمسة أطفال لم تعد تكفى طفلا واحدا.. زجاجة الدواء التي كانت تعالج جميع أفراد العائلة عندما يمرضون لم تعد تكفى أحدا.

أليس من حقى أن أغضب والحكومة مازالت مصرة على كذبها أنها تعمل وتعمل وتعمل ولكن لا أثر لهذا العمل لأنها لا تجيد العمل من الأساس وتأخذ الفرصة تلو الأخرى ونحن ندفع الثمن.. قرارات متخبطة ونتائج كارثية.. هل الزيت والسكر أصبحا ضد الوطنية؟ أليس من حقى الحصول على ما يقيم صلبى ويشبع أولادى.. أليست هذه مهمة الحكومة أم أن مهمتها هي الكذب ثم الكذب على محدودي الدخل.. أنقذونا يا ناس.. هل من مجيب؟
الجريدة الرسمية