رئيس التحرير
عصام كامل

محمود حافظ يكتب: الصدمة!


خبر نشر بالخطأ في الصُحف غيّر حياة "ألفريد نوبل" تماما.

في عام 1888، توفي شقيق ألفريد، «لودفيج»، أثناء زيارته لمدينة كان الفرنسيه، لتقوم صحيفة فرنسية بنشر خبر وفاة ألفريد نفسه عن طريق الخطأ تحت عنوان "وفاة تاجر الموت"، ونتيجة هذا الاعتقاد الخاطيء بوفاته، أدانت الصحيفة بشدة اختراعه للديناميت، وذكرت أيضًا: «توفي  ألفريد نوبل الذي أصبح غنيًا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى».


مثلت هذه التجربة خيبة أمل وصدمة كبيرة لألفريد نوبل، خصوصًا مع ما ذكرته الصحف عنه، وأصبح مهتمًا كثيرًا بما سوف يقال عنه بعد وفاته، وكيف سيذكره الناس. 

ومن أجل محاولة تحسين صورته باعتباره «تاجر للموت»، أعاد ألفريد النظر في إطلاق اسم على هذه المادة المتفجرة القوية التي اخترعها، ليستقر على اسم «ديناميت»، وهي كلمة تعني "القوة" في اللغة اليونانية.

«ألفريد نوبل»، الذي سميت باسمه جوائز سنوية هي الأشهر والأثمن في مجالات مُختلفة، توفي قبل 120 عامًا، في العاشر من ديسمبر من عام 1896، عن عُمر ناهز 63 عامًا.

نوبل هو الابن الثالث لعمانوئيل وزوجته كارولين، ولد في استكهولم في 21 أكتوبر 1833، ذهب مع عائلته عام 1842 إلى سانت بطرسبرج، درس الكيمياء مع البروفيسور نيكولاي نيكولايفيتش، وعندما اكمل عامه الثامن عشر ذهب إلى الولايات المتحدة لدراسة الكيمياء لمدة أربع سنوات.

كرس نوبل نفسه لدراسة المتفجرات، وخاصة الصناعة والاستخدام الآمن للنيتروجليسرين الذي اكتشف في 1847 من قبل أسكانيو سوبرير واحد زملائه في جامعة تورينو، وفي 3 سبتمبر 1864 وقع انفجار كبير في مصنعهم في استكهولم، مما أدى إلى مقتل 5 أشخاص بينهم إميل شقيق ألفرد الأصغر.

كان هذا بداية اكتشافه للديناميت عام 1867م، وحصل على براءة اختراعه، فتهافت على شرائه شركات البناء والمناجم والقوات المسلحة، وانتشر استخدام الديناميت في جميع أنحاء العالم، ثم قام ألفريد بإنشاء عشرات المصانع والمعامل في عشرين دولة، وجنى من وراء ذلك ثروة كبيرة جدًا حتى أصبح من أغنى أغنياء العالم.

عندما اكتشف الفريد نوبل أن اختراع الديناميت ضار، قرر أن يرتبط اسمه بشيء خيّر وجميل قبل مماته، وفي وصيته طلب أن تستخدم ثروته لإعطاء جوائز لذوي الإنجازات المتميزة في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام، وكان هناك بعض المعارضين لرغباته، وخاصة بين عائلته، واستغرق الأمر خمس سنوات قبل أن يجري منح الجوائز أخيرًا لأول مرة عام 1901.

أحيانا نكون في أمسّ الحاجة إلى الصدمات لكى نعيد ترتيب أفكارنا من جديد، وليهدأ داخلنا ذلك الجواد الجامح المسمى بـ"الطموح" فلولا الصدمة ما كانت جائزة نوبل قد عرفت الطريق إلى النور أبدًا.
الجريدة الرسمية