رئيس التحرير
عصام كامل

25 يناير.. و6 سنوات من الفوضى.. وفشل النخبة!


من لا يعترف أننا منذ 25 يناير نعيش حالة من الفوضى في الشارع لا بد أن يراجع نفسه، والفوضى التي أقصدها ليست فوضى المرور أو التجاوزات التي تحدث من الأفراد أو أصحاب المحال والاستيلاء على الشارع، أو ارتفاع الأسعار بلا منطق أو ضمير، أو...أو...الخ


الفوضى التي أقصدها فوضى النخبة الفاشلة، المفسدة، التي لا تتوانى في تصدير كل ما يفجر الجهل والإثارة والغضب بلا مبرر، النخبة تصدر للمجتمع قتل الوعي وليس زيادة الوعي، النخبة ترسخ الجهل بدلًا من تنمية العلم والتعلم، نخبة تقود إلى زيادة التخلف ولا تحاول زراعة التحضر، للأسف نخبة عنها الانتماء لتراب مصر، نخبة تتجاهل مصالح الوطن لصالح أهواء ومآرب شخصية، النخبة تشجع على زيادة إغلاق العقول وليس نضجها!

بسبب النخبة أصبح المواطن البسيط حائرًا لا يعرف رأسه من قدمه، أصبح المواطن بين شقي رحى نار الحكومة ودجل وكدب النخبة، إلى أين يذهب !؟ من أبرز صور هذه النخبة المفسدة، الإعلام سواء الإعلاميين أو من يصدر من ضيوفهم، وأصبح الأمر أحد صورتين إما مع النظام فأنت لا ترى إلا كل ما تعتقد أنه الأكمل، ولكن الصورة الأخرى التي تأخذ من سب النظام والتجرأ بكلام وألفاظ منحطة "سبوبة"، الطريف زمان كان المعارض للنظام فقير، مطارد، أما الآن فحدث ولا حرج، فالملايين في البنوك أقل شيء، وأصبح على رأسهم ريشة، الإعلام أوحى للشارع أن الصوت العالي وقلة الأدب والخروج عن كل مواثق الأخلاق والأدب هى المعارضة والشطارة.

كتب الإعلامي "عاصم بكري" الجمعة 6 من يناير: كان هناك مادة رئيسة في كلية الإعلام كان يدرسها قديمًا أساتذة قانون وليس أساتذة صحافة- عنوان هذه المادة (تشريعات إعلامية)، كان من ضمن بديهياتها عدم إمكانية عرض وجه إنسان به جرح بارز - مجرد جرح - لأن هذا فيه اعتداء على مشاعر السادة المشاهدين- لاحظ (السادة) وللحقيقة حينما عملنا في اتحاد الإذاعة والتليفزيون كانت هذه القواعد من بديهيات عمل الرقابة، مرت سنون وعمل في القنوات التليفزيونية العديدة جهلاء بالتشريعات وجهلاء باللغة وجهلاء بالأعراف والقواعد..إلخ فاستباحوا كل شيء..

إن حلقة "وائل الإبراشي" الأخيرة وحلقات أخرى عديدة له لو رفعت عليها قضية واحدة من واحد فقط من الجمهور لكان الحكم يقينًا من الجلسة الأولى بإيقاف القناة وتغريمها تعويضًا للمتضرر، إن حلقة أبلة فاهيتا مع ميدو كفيلة بإغلاق قناة السي بي سي فورًا وتغريمها تعويضًا كبيرًا للمتضرر، السؤال لي شخصيًا ولماذا لم أرفع أنا القضية؟والإجابة: خشيت أن يفهم الأمر بأبعاد شخصية لكوني إعلامي، لكنه سبب غير كافِِ وأظنني لن انتظر بعد الآن، ويختتم كلمته قائلًا: فهل من مشارك؟ هل من مشارك؟ هل من مشارك؟

وللمرة المائة أكتب رأي للرائد الكبير الراحل "وجدي الحكيم" عندما سألته عن الإعلام الآن، ابتسم وقال: ما نراه ليس إعلاما، فليس برفع الصوت وإحراج الضيف!؟

قلت: وماذا لو أنني أريد إجابة على سؤال معين لا يريد الضيف الإجابة عليه !؟

قال الأستاذ وجدي الحكيم: أولًا الضيف أنت الذي اختارته، وبالتالي لا بد أن يعامل بكل احترام لأنه ضيفك ولا يتم إحراجه بأي صورة.. ثانيًا لو أن هناك سؤالًا مهمًا وتريد الإجابة عليه حاول بطرق عدة ومختلفة للوصول إلى ما تريد شريطة ألا تسبب حرجًا للضيف!

وطالما نتحدث عن الإعلام، لدينا إعلام حكومي سواء الصحف أو التليفزيون، وإعلام خاص أيضًا سواء قنوات أو صحف، بالإضافة إلى الصحف الحزبية ! أليس من حق الحكومة تغيير رؤوساء تحرير صحفها؟ أليس من حقها تغير رئيس التليفزيون ورؤوساء القنوات!؟ من حقها تمامًا.

أليس من حق إدارة الحزب أو صاحب الجريدة أن يغير رئيس تحرير الجريدة ؟؟ أليس من حق أصحاب القنوات تغيير رؤساء القنوات؟ فإذا كان من!

إذن الصراخ والعويل من أجل هذا وذلك نوع من الكذب ومحاولة كسب تعاطف الشارع، في الوقت نفسه هؤلاء جميعًا للأسف يمارسون الإعلام بأدنى درجات الاحترام ويعف قلمي أن كتابة أسماء البعض منهم، واكتفي بنهاية المقال الاستعانة بالعبقري د"جمال حمدان" الذي يرجع ما نحن فيه إلى اختيار الضعف للقيادة، وإعطائه أكبر من حجمه.

يقول جمال حمدان:«واحد من أخطر عيوب مصر هى أنها تسمح للرجل العادي المتوسط بل للرجل الصغير بأكثر مما ينبغي وتفسح له مكانًا أكبر مما يستحق، الأمر الذي يؤدي إلى الركود والتخلف وأحيانًا العجز والفشل والإحباط.. ففي حين يتسع صدر مصر برحابة للرجل الصغير إلى القمىء فإنها على العكس تضيق أشد الضيق بالرجل الممتاز.. فشرط النجاح والبقاء في مصر أن تكون اتّباعيًا لا ابتداعيًا، تابعًا لا رائدًا، محافظًا لا ثوريًا، تقليديًا لا مخالفًا ومواليًا لا معارضًا... وهكذا بينما تتكاثر الأقزام على رأسها ويقفزون على كتفها تتعثر أقدامها في العمالقة وقد تطؤهم وطئًا»..!
الجريدة الرسمية