رئيس التحرير
عصام كامل

حسن أمين الشقطي يكتب: 20 مليار دولار مكاسب حوكمة النزاهة سنويا


أعلنت جامعة أسوان عن مؤتمر اقتصادي يهدف إلى نشر الثقافة حول حوكمة السلوك الوظيفي لمسئولي الاستثمار بالقطاع الحكومي.. فأزمة الدولار بمصر حاليا نابعة عن ضعف في المعروض من الدولار، وهذا الضعف يرجع لسببين رئيسيين، ضعف الصادرات وضعف تدفقات الاستثمارات الأجنبية.. ولا يخفى أن مصر اكتشفت أن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا من خلال تنمية الصادرات والاستثمار.


وكثيرا ما قلنا إن هناك معوقات للاستثمار، أهمها الروتين والبيرقراطية، ولكن في الزمن الماضي كان الروتين هو روتينا إداريا لم توجد شكوك كبيرة في نزاهته.. ولكن مؤخرا ظهر نوع جديد من الروتين، وهو الروتين المقصود بهدف دفع المستثمر لتقديم رشوة، وهو روتين أشد قسوة من الروتين الذي لا يهدف للرشوة.

ولكن الأمر لم يعد إما هذا أو ذاك، وإنما امتد إلى الازدواجية، لدرجة أن بعض المستثمرين يعلن صراحة أنه مستعد لتقديم الرشوة، فقط يضمن أن طلباته الاستثمارية يتم تلبيتها. أي حدث تداخل بين الفساد المالي والإداري. وتشير دراسات عديدة إلى أن الفساد الإداري أكثر خطورة من الفساد المالي، وخاصة أن الفساد الإداري قد يتسبب في توقف تدفق الاستثمارات الجديدة سواء أكانت استثمارات محلية أو أجنبية.. وحتى الاستثمارات القائمة قد تفكر في المغادرة حال تم مضايقتها في إجراءاتها الدورية للتوسع أو تحويل الأرباح أو إنهاء أي إجراءات حكومية.

أكثر من ذلك، فإن التكرار والازدواجية للفساد الإداري قد تتسبب في ضيق إضافي للمستثمر القائم، حيث إنه يتعرض للتراخي الإداري ليس في جهة بعينها، ولكن في كافة سلاسل الإجراء المطلوب تنفيذه.

من هنا تطرح جامعة أسوان من خلال مؤتمرها الاقتصادي الأول مبادرة حيوية وهامة حول لائحة حوكمة السلوك الوظيفي لمسئولي الاستثمار بالقطاع الحكومي، بحيث يتم ضمان الوصول إلى المستوى الوظيفي الأعلى والمثالي في أداء ومعالجة الطلبات الاستثمارية سواء للمستثمر المصري أو الأجنبي.

وتنطلق هذه المبادرة من فرضية مفادها ضخامة حجم الطلبات الاستثمارية العالقة أو المعروضة يوميا أو شهريا في دوواين المحافظات والوزارات الحكومية، والتي يعتقد أنها لا تقل سنويا عن 20 مليار دولار، فهل يعقل أن ينطلق الرئيس والجهود الوزارية والحكومية في جولات محلية وخارجية للترويج للاستثمار، ثم نفاجأ بأن الطلب الاستثماري عالق في ديوان محافظة معينة لفترات طويلة قد تصل لسنوات نتيجة روتين وتعقيدات قد تكون بدون قصد نتيجة تراخي إداري أو قد يكون روتين بقصد الفساد والرشوة.

وفي اعتقادي الشخصي أن حجم الطلبات الاستثمارية بمصر يصل سنويا إلى 20 مليار دولار، ولكن المتحقق فعليا الذي يستطيع أن يتحول لاستثمار حقيقي قد لا يتجاوز 5 مليار دولار سنويا. فهناك 15 مليار دولار تقريبا طلبات استثمارية تفقدها مصر نتيجة الفساد الإداري المغلف في شكل روتين وإجراءات بيروقراطية متعمدة ومقصودة.

ومبادرة جامعة أسوان تتعرض لمعالجة كلا النوعين من الفساد، فالفساد المالي متمثلا في الرشوة قد ينحصر تأثيره الضار في قيمة الرشوة التي تزعج وتضايق العديد من المستثمرين، ولكن تأثير الفساد الإداري (تراخ أو عدم معرفة أو عدم قدرة على خدمة العميل) قد يكون أشد ضررا، لأنه قد يتسبب في مضايقة المستثمر الجديد، بشكل يدفعه للامتناع عن الاستثمار أو ربما تحويل طلبه الاستثماري لدولة أخرى.

نحتاج لحوكمة السلوك الوظيفي لمسئولي الاستثمار، بما يضمن نزاهته وشفافيته، وبشكل يضمن تدفق كافة الاستثمارات المصرية والأجنبية بعد ضمان جدواها الاقتصادية والبيئة وضمان عدم خطورتها على مصر وأمن مصر.

كيف نضمن أن ما قدمه مسئولي الاستثمار من اعتراضات أو مبررات لإيقاف هذا الطلب الاستثماري؟!
الجريدة الرسمية