رئيس التحرير
عصام كامل

نار الأسعار أحرقت أمل الاستقرار


استقبلت شعوب العالم العام الجديد بالفرح والاحتفال، وأمل في عام أفضل تنتهي فيه النزاعات ويسود الأمن والطمأنينة، إلا قلة من الشعوب العربية التي مازالت تعاني تهديدات إرهابية وحروبًا أهلية..


أما نحن في مصر وإن كنا ننعم بالأمن والأمان، إلا أن معاناتنا من الفشل الحكومي والتعثر الاقتصادي، ونار الأسعار التي ترتفع بشكل يومي، أحرقت في طريقها أي أمل في الاستقرار والعيش مطمئنين دون قهر وعذاب.

أتحفنا أمس محافظ البنك المركزي طارق عامر بتصريح أن "السوق السوداء للعملة لن تختفي بمجرد استخدام عصا التعويم السحرية، وأن السوق ستضبط نفسها بنفسها وتستقر خلال الفترة المقبلة "!! مصيبة إذا كان محافظ "نكسة" الجنيه يعتبر التعويم عصا سحرية، أي سحر هذا الذي جلبته للبلد، فنتيجة رؤيتك الفاشلة انهارت العملة بنسبة 300% وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، واختفت السلع والأدوية وتفشى الفساد!! أما أن السوق تيضبط نفسها، فهذا يعني ألا داعي لوجودك.

من محافظ "النكسة" إلى رئيس حكومة "التعثر"، استقبل شريف إسماعيل العام الجديد بتصريح يبشر فيه الشعب بأن "الاقتصاد سيستقر بعد 3 شهور"، مع استقرار سعر الصرف وبعدها ستحدث متغيرات كثيرة في الأسواق والاقتصاد الذي سيتحسن على المدى المتوسط".. تصريح إسماعيل لا يستحق الرد لأنه يكون مبنيًا على توقعات وعشرات التجارب السابقة أثبتت خطأ سياساته وتوقعاته!!

إسماعيل المتفائل بالعام الجديد لم يخفف من تشاؤم ومخاوف الشعب، خصوصًا أنه اختتم تصريحه بأن "الدولة تدعم حاليًا المجالات الأكثر احتياجًا، لأنه كانت هناك مجالات للدعم ما كان يجب الإنفاق فيها، وبالتالي انهارت مجالات أخرى، مثل التعليم والصحة".. وبما أن إسماعيل خص بالذكر التعليم والصحة، فلا بأس من استعادة لمحات من مآسي القطاعين في عهد حكومته المتعثرة!!

لم ننس فضائح وزارة التربية وفساد قياداتها وتخبط وزيرها الهلالي الشربيني، في امتحانات الثانوية العامة التي تحداه خلالها محترفو "تسريب الامتحانات" وجعلوه أضحوكة العالم كله، فاتخذ قرارات عشوائية نالت من أبنائنا وأضاعت جهد عام كامل ومبالغ طائلة أنفقت على الدروس الخصوصية.. هذا الوزير لم يوفق في قرار واحد، وكثير من "فرماناته" اضطر إلى التراجع عنها لأنه يتخذ القرار بـ "عنترية" دون دراسة ثم يلغيه مرغمًا، مثلما حدث في قرار استبدال اختبارات "الميدترم" بأخرى شهرية، وأمام الرفض الشعبي لأن هذا سيزيد الدروس الخصوصية تراجع صاغرا.. لكنه قرر الأسبوع الماضي اقتصار اختبارات الثانوية العامة على لغة واحدة دون تخيير الطلاب كما كان يحدث سابقًا، بما فيها مادة الجيولوجيا التي تدرسها جميع مدارس اللغات بالعربية لعدم وجود منهج إنجليزي، فكيف يجبر الطلبة على امتحانها بالإنجليزية إذا كان منهج الوزارة بالعربي!! 

ثم هل هناك مسئول عاقل يقرر أمرًا كهذا في منتصف العام؟! وأين كان الشربيني من بداية العام.. وأيضًا انتهى الأمر بإلغاء القرار من البرلمان.. أما آخر فضائح التعليم فكانت خروج مصر من تصنيف جودة التعليم عالميًّا في وقت تقدمت فيه الإمارات وقطر ولبنان والأردن والجزائر وتونس، فهل قدر أبنائنا تحمل تبعات فشل الهلالي ومن قبله شريف إسماعيل؟!

نأتي إلى الصحة التي تشهد انهيارًا غير مسبوق نتيجة سوء إدارة وسياسة إسماعيل ومعه الوزير أحمد عماد، الذي افتعل أزمة "ألبان الأطفال" بقرار عشوائي نتج عنه خسارة عشرات الملايين، وتصدرت الأزمة غير المبررة الإعلام العالمي، ولأن إسماعيل لا يراقب ولا يحاسب وزراءه عاد وزير الصحة إلى "العنتريات" واشتبك مع جهات عدة يتداخل عملها مع الوزارة واتهمه الجميع بعدم الوفاء بوعده!!

وحين قررت الحكومة "تعويم الجنيه" لنيل قرض صندوق النقد الدولي، كان أبسط الأمور أن يتأكد عماد من تأمين مخزون استراتيجي من الأدوية قبل ارتفاع سعر الصرف، لكنه "نسي" أو كان مشغولا في أمور أخرى والنتيجة اختفاء الأدوية من الصيدليات، وشح المحاليل والمستلزمات الطبية العاجلة في المستشفيات، ومعاناة المرضى تزداد يوميًا نتيجة فشل عماد ورئيسه إسماعيل في إدارة منظومة الصحة التي شارفت على الانهيار التام مع الإهمال الجسيم والاستغلال الطبي، ونجاح الرقابة الإدارية في ضبط أكبر شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية تضم أطباء وممرضين.. فأين ما يدعو للتفاؤل باستقرار وسط هذا التعثر والانهيار؟!
الجريدة الرسمية