رئيس التحرير
عصام كامل

خطوة على طريق طويل !


مازال الطريق طويلا أمامنا، حتى نستطيع القول بأن مصر التحقت بعصر العلم، رغم أن لدينا علماء استطاعوا تحقيق إنجازات عديدة وفي مجالات العلوم، وقدموا مبادرات علمية على مستوى العالم، ولكن اقتحام عصر العلم يتطلب إزالة العقبات التي تعطل البحث العلمي.


تلك هي الخلاصة التي توصل إليها المشاركون في ندوة بعنوان «آفاق التقدم العلمي في مصر» في إطار الندوات الشهرية التي يدعو إليها الدكتور أحمد جمال الدين وزير التعليم الأسبق، لتطرح كل منها للنقاش قضية تتعلق بمستقبل الوطن، والمعوقات التي تحول دون انطلاق مصر نحو التقدم، كما تطرح الحلول لمشكلاتها المزمنة.


وتأتي أهمية تلك الندوات من مشاركة خبراء متميزين في مجالات عديدة، منهم وزراء سابقون، ورؤساء وأساتذة جامعات، ومثقفون وإعلاميون، وفي مقدمتهم علماء إجلاء يؤمنون أن مصر لن تتقدم دون الاهتمام بالعلم.


تحدث في الندوة الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي، والدكتور أحمد حمزة رئيس جامعة المنصورة الأسبق.

أشار الدكتور صقر إلى حقيقة أن المجتمع العلمي في مصر، قادر على إنتاج المعرفة.. ولكنه غير قادر على تحويل المعرفة إلى واقع، وهذا هو التشخيص الموضوعي لأزمة البحث العلمي في مصر كما يراها الدكتور صقر من واقع خبرته الطويلة في المؤسسات والهيئات التي تعمل في هذا المجال.


العلماء يتوصلون إلى ابتكارات يمكن أن تؤدي إلى نهضة حقيقية في مختلف المجالات، ولكن تلك المشروعات تتعطل عن التنفيذ، إما بسبب البيروقراطية.. أو تعدد الجهات التي تعمل في مجال البحث العلمي.. وتمارس نفس المسئوليات، ما يؤدي إلى تشتت جهود العلماء وعدم استطاعتهم توحيد جهودهم لتنفيذ ما توصلوا إليه من ابتكارات على أرض الواقع، ما أدى إلى حدوث فجوة مصداقية بين المواطنين والمسئولين عن البحث العلمي، نتيجة لأن المواطنين يستمعون إلى تصريحات عديدة عن التقدم العلمي في بعض المجالات دون أن يجدوا ما يثبت صحتها على أرض الواقع، لذلك أصاب الناس الملل من الحديث عن أن العلم هو القاطرة التي تقود البلاد نحو التقدم، أو غيرها من الشعارات التي لم تتجاوز حدود التناول الإعلامي دون أن تجد طريقها نحو التنفيذ.


وكالعادة أثار المشاركون قضية غياب البحث العلمي عن اهتمام أجهزة الإعلام، فقد اختفت أو كادت أن تختفي الصفحات التي كانت مخصصة لتناول موضوعات البحث العلمي، وإلقاء الضوء على العلماء الذين يعملون في هذا المجال، والمساهمة في إزالة العقبات التي تواجه هؤلاء العلماء، كما غاب هذا الاهتمام عن التليفزيون الرسمي والفضائيات الخاصة، بما لا يساعد على توصيل الثقافة العلمية إلى قطاعات أوسع من المواطنين.


والإعلام ليس وحده المسئول عن غياب تلك الثقافة، إنما وزارات في الحكومة مثل الثقافة والتعليم والتنمية المحلية كلها تشارك في تغييب التفكير العلمي عن المصريين.


سألت الدكتور صقر.. عن جدوى الرهان على مساهمة العقول المصرية المهاجرة في تطوير البحث العلمي في مصر، خاصة أن هناك من يرى أن هؤلاء العلماء أعطوا ظهورهم لمصر منذ سنوات، ولا جدوى من مشاركتهم في تطويرها، بينما يرى آخرون أن هجرة العقول لم تكن اختيارية إنما فرضت عليهم فرضا، لأنهم لم يجدوا من يساعدهم في وطنهم على البحث ويوفر لهم أدواته.

وكان رأي الدكتور صقر، أن هؤلاء العلماء لم يقصروا في تقديم خبراتهم، ومنهم من يشارك العلماء المصريين في الداخل في إنجاز أبحاث مشتركة، ومن يتبرع بشراء معدات إلى الجامعة التي تعلم فيها بالمجان، ومن يتواصل مع الأكاديميين في الأنشطة المختلفة.

وقد تباري الحاضرون في مناقشة المحاضرين، وقدم العديد منهم رؤي متقدمة لتطوير البحث العلمي، بحيث يصعب تقديمها في هذا المقال.. وتحتاج إلى وقفات أطول.
الجريدة الرسمية