رئيس التحرير
عصام كامل

«مساطيل» التواصل الاجتماعي!


الديمقراطية هي العامل المشترك الأعلى على شبكات التواصل الاجتماعي فالكل سواء بسواء لهم الحقوق ذاتها وعليهم جميعا التزامات واحدة.. إلا أن المدهش كم التناقضات الموجودة إلى حد الاعتقاد أن أصحابها يتعاطون شيئًا ما.. منكر بطبيعة الحال.. حتى أنك ستجد الشيء ونقيضه وبما يؤكد ما قلناه في مقالات سابقة من غياب التفكير عند الكثيرين!


فالبعض مثلا يهاجم الدولة بحجة أنها تترك الفساد بلا مواجهة فإن واجهته هاجمها أيضًا لأنها أقالت المستشار هشام جنينة رغم أن جنينة من قال إن الفساد في مصر لا يواجهه أحد وعلى خلاف ما يجري!

يهاجمون الحكومة إن اقتربت من السعودية بحجة الخضوع لهيمنتها فإن توترت العلاقات قالوا إن مصر ستخضع لا محالة وعندما لا تخضع اتهموها بأن ما يجري لنا نتيجة الخضوع للسعودية ! وإنهم -قال إيه- حذروا من الأول رغم أنهم هم أنفسهم من أقسموا على أنهم سيكونون مع الدولة إن تخلصت من التبعية للسعودية!

هم أول من يطالبون بالاعتماد على الذات وعلى قدراتنا مهما كانت محدودة ومهما تحملنا.. وأن قرارنا المستقل أثمن وأغلى من أي شيء ولكنهم يصرخون ويحرضون الناس عند أول إجراءات اقتصادية جذرية (تحفظنا على الإجراءات الاقتصادية بمقالات مكتوبة لكننا نتكلم عن تناقضاتهم) فلا هم مع أن نعتمد على مساعدات السعودية ولا مع الاعتماد على الذات بإجراءات حادة ولا مع الاقتراض من صندوق النقد ولا مع بقاء الأحوال كما هي فيطلبون حدًا أدنى للأجور وتشغيل المصانع ومواجهة البطالة وتحسين الخدمات وبناء مدارس وإصلاح أحوال المستشفيات والتأمين الصحي وإصلاح الطرق وزيادة توفير السلع بمنظومة التموين وتوسيع شبكة شركات التجارة الداخلية المملوكة للدولة إلى آخره.. لكن لا يقول أحد كيف يمكن فعل كل ذلك بلا مساعدات وبلا قروض وبلا إجراءات حادة؟

هم يصرخون بضرورة الخروج من الوادي "الضيق" وتفريغ القاهرة التي تختنق فإذا ما قررت الدولة إنشاء عاصمة جديدة اعترضوا! وكلما تسلمت إسرائيل سلاحًا تغامزوا عن مقارنات سخيفة بيننا وبين العدو الإسرائيلي فإذا ما اشترينا أسلحة حديثة اعترضوا!

وعندما تشرف الدولة على ندوات ضد الإدمان والجريمة أعطونا محاضرات في عدم جدوى ذلك بسبب وجود العشوائيات المصدر الرئيسي في نظرهم للجريمة والإدمان فإذا ما واجهنا العشوائيات سخروا وهاجموا إنجازات المساكن الجديدة ! يكتبون ويذيعون عن نزيف الأسفلت فإذا اهتمت الدولة بمشروع الطرق الجديدة هاجموه وأنه بلا فائدة وكان الأولى من وجهة نظرهم أن تذهب أمواله إلى كذا وكذا! وعند الاهتمام بسيناء يقولون الصعيد أولى وإن اهتمت بالصعيد يقولون مناطق الإرهاب أولى!

إن قبضت على أي مسئول حدثوك عن الكبار الذين لا يقترب منهم أحد فإن قبضت على وزير قالوا إن الوزير ضحية.. "تصفية حسابات" فإن حاكمت الوزير دون أن يقول هو ولا محاموه ولا أقاربه إنه ضحية لشيء قالوا إن رجال الأعمال كما هم لا يقترب منهم أحد فإن استرديت 800 مليون من أحدهم "حتة واحدة" في أرض قرب المطار قالوا إن صهر مبارك كما هو فإن استرديت من صهر مبارك ما يقرب من 300 مليون في أرض قضية "نيو جيزة" عادوا وقالوا إن الفساد أكبر مما نتخيل فإذا قلت لهم إنها تركة موروثة ولكنه يحارب الآن عادوا إلى نقطة الصفر وقالوا إن الصغار وحدهم من يتم القبض عليهم!!!

لا يخلو المعسكر الآخر من ذلك حتى أن كثيرين يقولون إن الوضع يحتاج إلى "عودة اللواء حبيب العادلي لمواجهة الإخوان" رغم أننا شاهدنا مباراة قاسية بينه وبين الإخوان انتهت بانتصار الإخوان عليه حتى أدخلوه هو نفسه وبشحمه ولحمه إلى السجن !! لكنها فريضة التفكير الغائبة وكل منهم يترك عقله لغيره يفكر له.. فليس عليك إلا أن تنشر مقولة على "الفيس أو تويتر" وتأكد أنها ستنتشر بسرعة البرق.. فلا أحد يفكر ولا أحد يحلل قبل أن يكرر كلام غيره أو ينشره حتى أنك تظن أن الأكثرية على هذه الشبكات يتعاطون شيئًا ما وأنهم "مساطيل" دون أدنى شك !
الجريدة الرسمية