رئيس التحرير
عصام كامل

العشوائيات فى مصر.. المشكلة والحل1


ظهرت العشوائيات فى مصر منذ مايقرب من نصف قرن، ولكن كانت العشوائيات فى الأصل كما هو الحال فى جميع دول العالم تبنى من الصفيح والأخشاب والخيش، وكانت تبنى على أطراف المدن أى أن مدينة مثل القاهرة كان على أطرافها يوجد عشوائيات فى أماكن مثل المقطم وعين شمس حاليا، وغيرها من هذه الأماكن، والتى كان يعيش فيها بعض المهمشين، وكذلك كان يعيش فيها بعض الوافدين من الريف أو الصعيد.. ويريدون العيش فى المدينة، ومن هنا ظهرت مقالب الزبالة، وهى كانت على أطراف المدن، وكان أكثرَ الأفراد عملا فى نشاط الزبالة الواحيون أى من أبناء الواحات، وهم الذين كانوا يقومون بجمع القمامة من المنازل والشركات والوزارات وغيرها، ثم يقومون بنقل هذه المخلفات إلى أماكن تواجدهم حيث يتم الفرز وتربية الحيوانات مثل الخنازير على فائض القمامة


ولذلك كانت كلما توسعت المدن فى البناء على أطرافها كان يتم نقل هذه العشوائيات إلى أماكن أخرى بعيدة، وذلك لأنها كانت مثل كافة عشوائيات العالم قائمة على الصفيح والكرتون والأخشاب، وإن نقلها كان أمرا سهلا، وكان هذا الحال حتى منتصف السبعينيات وبداية توقيع اتفاقيات فض الاشتباك الأول والثانى مع العدو وبداية خروج أول دفعات من( القوات المسلحة) من مجندين وغيرهم، وهم الذين تم دخولهم للقوات المسلحة إبان حرب يونيو 1967،  وكذلك حدثت طفرة كبيرة فى أسعار البترول فى دول الخليج فارتفع سعر البرميل من 2 دولار إلى حوالى 40دولارا، وكل هذه الثروة عادت لدول النفط بالخليج، ولذلك فإن قيادات هذه الدول رأت أن يتم عمل نهضة عمرانية واقتصادية وتعليمية واجتماعية فى هذه الدولة، مما كان له أكبر الأثر فى استخدام العمالة المصرية بكافة أنواعها سواء مهنية أو زراعية أو تجارية أو غيرها، وكان من أثر ذلك أن تسبب فى زيادة تحويلات العاملين من الخارج .


وكان أكثر الأفراد ثراء فى ذلك هم العمالة الفنية سواء فلاحين أوسباكين أو طائفة معمار أو مهنية مثل المدرسين والأطباء والمحاسبين وغيرهم.. وكان أول أثر فى ذلك هو تغيير البنية الأساسية سواء فى الريف أو الحضر إذ عاد كل فرد من دول الخليج وهو يحلم ببناء منزل له علما بأن العمالة المصرية فى ذلك الوقت، والتى كانت بدول الخليج كانت تقدر بحوالى ما بين (4.5: 5 ملايين مواطن، وكان تعداد السكان فى ذلك الوقت يقترب من الـ (40 مليون نسمة) أى حوالى ما يعادل من (10% : 12.5%) من تعداد السكان كان يعمل بالخارج.


ولذلك نجد أن كافة المناطق التى كانت عشوائيات وبها مبانٍ من الصفيح والكرتون قد تحولت إلى مبانٍ من الأسمنت والطوب والمسلح، وكانت أول وأهم هذه المناطق هى منطقة الهرم والملك فيصل وحى الثلاثينى وغيرها من هذه الأحياء، والتى نجد أنها حتى عام 1986 و 1987 كان يوجد بشارع الملك فيصل ترعة أو ما يعرف باسم الرشاح، ولذلك نجد أن معظم هذه العمارات والبنايات فى هذه الأماكن تمت دون تخطيط من الدولة أو وجود مرافق عمومية سواء بنية تحتية أو كهرباء أو خلافه، وكذلك نجد أن هناك منطقة عشوائيات فى مصر، ولكنها عشوائيات لوكس هى منطقة المهندسين وهى مثال صارخ على التخبط والعشوائية وتسمى عشوائيات (دى لوكس)، وكذلك مناطق عين شمس والنعام والمرج وغيرها تعد من المناطق العشوائية والتى ليس بها أى خدمات .

أما أهم وأكبر منطقة عشوائية داخل محافظة القاهرة هى منطقة الدويقة، وهذه المنطقة بها حوالى ( 3ملايين نسمة ) وبها حوالى ( 1.5 مليون ) خنزير، وكان بها أكبر مقالب للقمامة أو الزبالة وكان يختلط فيها الإنسان بالحيوان فى حجرة واحدة، ونجد أن هذه المنطقة قد تم بناؤها على مدار حوالــى من ( 25-30 ) سنة أى منذ عام 1980 .

فى البداية.. كانت على استحياء، حيث إنها كانت عام 1980  من أطراف المدينة، ولكن نظرا للعمالة بالخليج فإنه تم بناء جميع المساكن بها بالأسمنت والحديد والطوب وكان كل 5 سنوات ومع كل انتخابات سواء لمجلس الشعب أو مجلس الشورى فى العهد السابق خاصة الانتخابات منذ (1984 . 1987. 1990 . 1995 . 2000. 2005 .2010) وكذلك انتخابات المحليات، وكان كل المرشحين خاصة من أعضاء الحزب الوطنى (المنحل حاليا)، والذى كان يعد الحزب الحاكم فى تلك الأيام حتى قيام الثورة ( 25 /1/2011)، كان كافة المرشحين يخطبون ود هذه الكتلة التصويتية لصالحه، ولذلك كانت الأجهزة الحكومية تغمض عينيها عن تلك المخالفات، ويقوم المرشحون بوعد أصحاب هذه العشوائيات بأنه لن يتم هدمها، بل الأكثر من ذلك أن يتعهد السادة الأعضاء المرشحون بإمداد هذه العشوائيات بدخول المرافق من مياه وكهرباء وتليفونات وكانت الدولة ممثلة فى الحزب الحاكم وأعضاء البرلمان تدعم هذه العشوائيات

وكذلك نجد مثلا(منشأة ناصر) ونجد بعض الأماكن على أطراف القاهرة و الجيزة وحلوان و 6 أكتوبر والقليوبية، قد تحولت بفعل الزمن ومساندة الحكومة إلى أماكن لا يستطيع أحد أن يقرب منها بل إننا لا نبالغ إذ نقول إن رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور/ أحمد فتحى سرور، والذى استمر رئيسا لمجلس الشعب منذ عام (1990) وحتى قيام الثورة (25/1/2011) أى قرابة عشرين عاماً، قد قال فى إحدى الندوات الانتخابية له فى منطقة السيدة زينب إنه لن يتم نقل المدبح من مكانه لأن المدبح يعد مثل أهرامات الجيزة، ولا يستطيع أحد أن ينقله من مكانه وطبعا حظى سيادته بالتصفيق الحاد وبالأصوات التى رفعته إلى مقعد رئاسة البرلمان وحظى المدبح بالتواجد وحظيت مصر بالأوبئة وبمزيد من الأصنام التى لايستطيع أحد الاقتراب منها..

والسؤال الذى يطرح نفسه حاليا..
 
كم عدد المناطق العشوائية فى مصر؟..

نكمل غدًا.. إن شاء الله

الجريدة الرسمية