نقد خطاب الوحى.. عند نصر أبو زيد 4
رغم أن الدكتور على حرب يتقاطع مع نصر أبوزيد أيديولوجيا، ويوصف بأنه "علمانى متشدد"، إلا إن له رأيا مغايرا فى أطروحات أبى زيد..
يقول حرب:
«يستهدف أبوزيد، بالنقد والتحليل، خطاب الوحى، بجعله مادة لمعرفة نقدية عقلانية، شأنه بذلك شأن أى خطاب بشرى وأى إنتاج معرفى.. مستلهمًا موقف طه حسين الذى اعتبره أبوزيد الفدائى الأول فى مقاومته للنظرة التقديسية إلى النصوص الدينية».
ويعلق على كتابه « مفهوم النص» بالقول:
«كان أولى به أن يسمى هذا الكتاب «نقد النص» إذ هو يتناول فيه القرآن وعلومه تناولاً تحليليًا نقديًا.. أجل إنها لجرأة بالغة أن يتعامل باحثنا مع النص القرآنى بوصفه « منتجًا ثقافيًا»، أنتجه واقع بشرى تاريخى»!!.
مضيفا: مشروع «نصر أبوزيد» هو وضع التصورات الماركسية والمضامين المادية الجدلية وتفسيراتها للحياة والكون والإنسان والوحى والنبوة والغيب والعقيدة فى المعنى القرآنى.. فيصير القرآن ماركسيًا ينطق باسم ماركس وفلاسفة المادية الجدلية والهرمنيوطيقا (نظرية تفسير مادية)، فيغير بذلك المفاهيم الرئيسة للقرآن.. ويلغى المعانى الحقيقية للسور والآيات.. ويطمس الحقائق الدينية التى رسخها القرآن وبينتها السنة.
إذًا.. فأبوزيد يتهم الوحى بأنه ليس له مصدر سماوى مقدس، وينفى عنه صفة الفوقية ، إن صح التعبير، لأنه عنده خرج من الواقع ورجع إلى الواقع، وليس هناك إلا الواقع!، وهو ينص على ذلك فى قوله:«فالواقع أولاً والواقع ثانيًا، والواقع أخيرًا»!!، الواقع فقط!!.
وهو يظن أنه بهذه الاتهامات يستطيع أن ينزع صفة الوحى الإلهى عن القرآن، ويظن أنه قد حطم بذلك الأسطورة الدينية وكشف عن حقيقة رموزها، والرموز بزعم الماركسية هى الله، تعالى عن قوله، الملائكة، الجن، الوحى، الغيب، اليوم الآخر، وما إلى ذلك.
إذًا.. فغاية الهرمنيوطيقا، التى هى نظرية فى التفسير غربية المبنى والمعنى، تحطيم الأسطورة الدينية، والرمز لا يعنى شيئًا قط.. وإنما هو وسيط شفاف، أو حقيقة زائفة، ينم عما وراءه من موروثات لغوية بيئية معرفية تاريخية أسطورية!.
ينقل «نصر أبوزيد» هذه النظرية، ليقوم بنفس الغاية التى توصل إليها هؤلاء الملاحدة مع الكتب اليهودية والمسيحية.. وبدلاً من أن يكتفوا بإظهار أساطير القوم، الأساطير التى أظهرها الإسلام من قبلهم!.
وهو هنا يعطى للنظرية المادية التى تنكر الله سبحانه وتعالى، وترفض الوحى، صفة « العلمية» و«الهيمنة» على القرآن!، ويريد أن ينقل الثقافة الإسلامية والحقائق الإسلامية إلى حالة أخرى مغايرة لها تمامًا، حالة الوعى الماركسى والفرويدى اللعين، والذى أدى فى عالم الغرب إلى فصل الإنسان عن ربه وخالقه ومبدعه فى نفس الوقت الذى أنزله إلى مرتبة الحيوان "دارون"، وحلل نفسيته بأنها حيوان أشد ولوغًا فى الجنس من الحيوان.
لم تقتصر افتراءات نصر أبوزيد عند هذا الحد، وإن كان ذلك أشنعها، لكنها شملت أيضا الطعن فى صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضى الله عنهم، حيث اتهمهم بتأليه النبى محمد صلى الله عليه وسلم، كما اتهمهم بأنهم ليسوا أطهارا ولا أخيارا، كما طعن فى أئمة المسلمين واتهمهم بالكذب مثل: الإمام أبى حنيفة..
ونكمل غدًا....