رئيس التحرير
عصام كامل

صدق الرئيس.. وكذب طارق عامر


لا يوجد أحد في بر مصر لايشتكي من ارتفاع الأسعار، ولا يوجد من أفلت من طوفان تعويم سعر الصرف ولا يوجد من لم يتضرر من مضاعفة أسعار جميع السلع الضرورية وغير الضرورية.. الجميع يتحمل في صمت وتحدي حتى نعبر هذه المرحلة الصعبة على الجميع، من أجل البلد وليس من أجل رئيس الوزراء الذي أصيب بمرض الصمت المزمن أو أي مسئول آخر.


وفى كل مناسبة يكون الرئيس مشاركًا فيها لا يتوقف عن الحديث عن إحساسه بمعاناة الناس والشكوى من ارتفاع الأسعار، وأنه يفعل المستحيل من أجل عبور هذه المرحلة دون ضغوط على محدودي الدخل، وأن الخير قادم وأن النور بدأ في الأفق في نهاية النفق، وأنه لا بد من التماسك والمشاركة حتى نعبر هذه العاصفة.. هذه هى ثقافة الرئيس وهذه هى لغته الراقية لم ينظر إلى المواطن الفقير في استعلاء ويقول له إن ارتفاع الأسعار ظاهرة عالمية وأنه عليه أن يتحمل ارتفاع الأسعار في جميع أنواع السلع لمدة عام قادم، كما فعل محافظ البنك المركزي طارق عامر، الذي يشعر قطاع كبير من المصريين أنه سبب الأزمة التي نعيشها وأنه سبب الكثير من الأزمات الاقتصادية التي مرت علينا منذ توليه المسئولية.

فمنذ هذا التاريخ السعيد تبدلت الأحوال في البلاد والجميع يعرف أنه لا يمتلك القدر الكاف من الخبرة التي تؤهله لشغل منصب رفيع بهذا الحجم، يدير من خلاله المنظومة المالية للدولة وأن صانع القرار تسرع كثيرًا ليس في التغير ولكن في اختيار طارق عامر.. المصريون صدقوا الرئيس السيسي بضرورة التحمل والتضحية من أجل الوطن، لأنه قدم نماذج حقيقية في التضحية حيث حمل رقبته على يديه في مواجهة الإخوان من أجل الوطن وتبرع بنصف ثروته التي ورثها عن والده من أجل إرسال رسالة للجميع بضرورة المشاركة، وأن الدولة وحدها لن تستطيع أن تفعل كل شيء وغيرها من الوقائع الكثيرة التي يفعل فيها الرئيس ما يقوله وليست مجرد خطب عصماء تلهب حماس الجماهير.

أما عندما يتحدث محافظ البنك المركزي عن التضحية والعطاء والإيثار ويفتح كتاب "مصر هى أمي "فلا بد أن نراجع الكلام وندققه جيدًا حتى يعرف الجميع من يتكلم وما مدى مصداقيته، وهل يقول كلام والسلام أم أنه مؤمن بكل كلمة يقولها؟

قبل أيام قال "طارق عامر" خطبة عصماء عن ضرورة التحمل وأن المصلحة العليا للوطن تقتضي أن نصبر على الأوضاع الحالية حتى نعبرها بسلام، وأنه على المواطن أن يقدم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية مهما كانت، وأن الأزمة الاقتصادية الحالية التي نمر بها مثل الحرب لا يجب أن يتخلى عنها أحد في المشاركة..

والحقيقة أن كلام السيد المحافظ لم يحرك شعرة واحدة في رأس أي مواطن، لأنه يقول كلام والسلام وأن الدولة المصرية عندما طلبته قبل عامين بالاسم أن يضحي من أجلها ببضع آلاف من راتبه، الذي يحصل عليه عندما كان رئيسًا للبك الأهلي رفض التضحية من أجل الوطن وقدم استقالته، وركب أول طائرة إلى لندن للعمل مديرًا للبنك الأهلي المصرى هناك- الذي لا يخضع للحد الأقصى للأجور- ولم يؤمن بكلمة واحدة من "كتاب مصر هى أمي " إلا أنه للأسف الشديد يعيد فتحه مرة أخرى ويريد أن نصدقه..

نحن لا نريد عينة مسئولين من نوعية طارق عامر، الذين يقولون ما لا يفعلون، بل نريد مسؤلين من عينة الرئيس يؤمن بما يقول ويفعل ما يراه في مصلحة الوطن والمواطنين، لكي نعبر الأزمة الاقتصادية التي نمر بها.

الجريدة الرسمية