رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ: التشاؤم في كتابات الأدباء يتوقف على شخصية الكاتب


في أواخر عام 1966 نشر نجيب محفوظ روايته ميرامار، وهى اسم مقهى بالإسكندرية على الكورنيش، وقد نشرت مجلة صباح الخير في يناير 1967 حوارا دار بين الأديب نجيب محفوظ والصحفى عبدالله الطوخى حول سؤال واحد.. لماذا قل التفاؤل والضحك في كتابات الأدباء؟


يقول عبدالله الطوخى: جلسنا على أحد الكازينوهات على النيل وقلت له مدينتنا تزداد جمالا ولكن لم يزد الفن في بلادنا بهجة.

فطلب نجيب محفوظ التوضيح.. فقلت إن معظم الأعمال الفنية في مصر في الماضى كانت تدعو إلى التشاؤم وأولهم بطل روايته ثرثرة فوق النيل. وهلم جرة في الفن وفى الصحافة وفى الإذاعة. وجاءت الثورة والأمر كما هو وسألته هل هناك دخل للثورة في هذا ؟ 


فقال الأديب نجيب محفوظ إن الشعور بالألم ورغبة الفنان في الاحتجاج لا تقف في القطب المضاد للثورة.. لكن بالعكس إنها الرغبة في الكمال التي تبثها الثورة في النفوس.


فالثورة تدعو إلى التفكير الجاد والنقد الذي لايرحم ومواجهة الأمور بشجاعة، وبطل روايتى كان في البداية يكتب بدون مداد في القلم لكنه في النهاية كان ممسكا بعصا وسائر على الطريق ليؤكد انتصار الإنسان والحياة.

نحن في فترة انتقال وفى هذه الفترة يصبح الإحساس بالخطر شعورا نبيلا والفنان الثورى من السهل أن يفرح وأن يهلل لما حققناه لكن التهليل الذي يصرفنا عن حقيقة الموقف لن يسرى عنى..

سأله عبدالله الطوخى لماذا أصبح أغلب الكتاب دمهم ثقيل ولا يحمل التفاؤل؟

قال محفوظ "يفرغ الإنسان شحناته من الضحك في جلسات أصدقائه، وحين يجلس ليكتب لا يبقى إلا الهم بعيد عنك، والكاتب لا يكتب بقصد أن يكون مفرحا أو موجعا لكن الحكاية هي أسلوب الكاتب وشخصيته وطبيعته، والمرحوم بيرم التونسى مثلا حين كنت أجلس معه أحس وكأنى سأختنق وحين أقرأ له أموت على نفسى من الضحك.

وحافظ إبراهيم كان دمه أخف ما يكون زى الشربات لكن شعره كان ثقيلا، والمازنى أيضا كانت كتابته تثير الابتسام والضحك لكن جلسته لم يكن فيها لحظة من المرح.. وكلها طباع.
الجريدة الرسمية