رئيس التحرير
عصام كامل

استفزاز حفلات رأس السنة والضرائب التصاعدية!


لا يمكن أن يكون الإصلاح الاقتصادي عادلا، وهو لا يتم تحميله على كل من يعيش في هذا البلد بحلوه ومره.. ولا يمكن أن يكون الإصلاح جريئا، وهو لا يقترب من الأثرياء حتى لو كان بحجة أن النشاط الاقتصادي يحتاج إلى التشجيع.. فالمعيار العادل هو فرض الضرائب على الدخل، لأن التقييم الحقيقي للنشاط الرأسمالي يرجع للعائد الأخير وهو الدخل أو الربح.. سيكون من الصعب إقناع الناس باستبعاد الضرائب التصاعدية من حلول ممكنة بيد الحكومة، بينما تذاكر بعض حفلات رأس السنه تصل إلى 15 ألف جنيه، من أجل اللهو لساعتين أو أكثر أو أقل! أي إن قيمة حضور أسرة كاملة يعادل دخل أسرا أخرى في خمس سنوات وربما أكثر!


الرئيس السيسي ضرب المثل بنفسه في بداية حكمه، وتنازل عن نصف راتبه وزاد بالتبرع بنصف ثروته.. أي إنه ليس من ذلك "النوع" من الرؤساء المهتمين بجمع المال، وتكوين الثروات بالحلال أو بالحرام.. بل إنه من المؤكد أن ثروته بعد مدته الرئاسية ستكون أقل مما قبلها، وهو وحده من يؤكد في كل لقاءاته أن ما جري من إجراءات اقتصادية "صعب" للغاية، ويشيد بتحمل المصريين لها، ويصفها بالإجراءات القاسية، وأنها ضغطت في فترة وجيزة بينما كانت تحتاج لتقبلها لسنوات، بينما نجد العكس من رئيس الحكومة الذي استجمع نشاطه لينفي نية الحكومة -مجرد نية الحكومة- في فرض ضرائب تصاعدية، بينما تفوق عليه وزير المالية نفيا ورفضا للفكرة من أساسها!

مثل هذه التصرفات تستفز الناس وترسل إليهم رسائل تقول إن الفقراء والطبقة الوسطي وحدهم من تستطيع الحكومة فرض إجراءاتهاعليهم، بينما الحكومة ومن فيها تتراجع أمام الأثرياء ونفوذهم، واليوم كشفت حفلات ختام العام المستور، وتقول إن في مصر قادرين على اللهو البريء أو غير البريء بعشرات الألوف في حين ينتظر الملايين الفرج في أن تؤتي الإجراءات ثمارها !!

على الرئيس أن يرفض تقارير هذه الحكومة، ويبحث في فرض الضرائب التصاعدية.. إذ إنها تصاعدية.. أي سيدفع أكثر من يربح أكثر، وبالتالي فالعدل فيها لا يحتاج إلى تفسير، وليس منطقيا أن يتحمل على الدوام "غلابة" هذا الوطن إصلاح ما لم يتسببوا فيه، بل وحرموا لأكثر من ثلاثين عاما من علاج فعلي، وتعليم حقيقي، ومكان مناسب في وسيلة مواصلات مناسبة، بينما أدوا كل فرائض الوطن من الخدمة الوطنية إلى الاستشهاد فداء له أو بالبطولات الأسطورية دفاعا عنه!
الجريدة الرسمية