صفقات ٢٠١٧ في قناة السويس
عشرات الأسئلة تحوم حول الوجود الإنجليزى المكثف في مصر، وفى نفس الوقت في منطقة الخليج العربى خلال الفترة الأخيرة، والمتوقع أن تتزايد في عام ٢٠١٧خاصة مع إعلان بريطانيا رغبتها القوية في الاستثمار في المنطقة الاقتصادية لتنمية قناة السويس، وطلبها شراء مليونى متر لإنشاء منطقة صناعية إنجليزية على ضفاف قناة السويس.
ففى الوقت الذي بدأت فيه لندن إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية لها مع القاهرة، بدأت في التقارب مع دول مجلس التعاون الخليجى وخاصة قطر والسعودية، فما هو السر؟
مصادر متابعة للوجود البريطانى في المنطقة قدمت تفسيرًا للرغبة الإنجليزية للاستثمار في قناة السويس أبرزها أن تكون الاستثمارات الإنجليزية بوابة دخول لدول أخرى إلى الأراضى المصرية، مقابل تأمين الإمدادات القطرية البترولية والخليجية لإنجلترا من خلال صفقة “قطر غاز” المتفق عليها من الطرفين.
التفسير الثانى، يتمثل في الركون إلى رغبة بريطانيا في تأمين مرور ناقلات البترول المملوكة للشيخة موزة والتي تحمل اسمها وتنقل الغاز والمواد البترولية من الخليج إليها عبر قناة السويس.
ومع تصاعد الخلافات بين دول الخليج ومصر والتي ترعاها أطراف أجنبية معروفة للبريطانيين كان طبيعيا أن تخطط لندن لتأمين اتفاق البترول الموقع بينها وبين قطر والخاص بإمداد إنجلترا لمدة 25 عاما بالغاز من شركة “قطر غاز” والشركة والإنجليز متعاقدون على نقل البترول والغاز عبر قناة السويس المصرية على ناقلات الغاز التي تحمل اسم “موزة”.
وتؤكد التوقعات أن أسعار الغاز والبترول ستعاود الارتفاع خلال الأعوام الثلاثة المقبلة لتقترب من حاجز الـ70 دولارا للبرميل والذي يمثل عامل قلق لأوروبا وتحديدا بريطانيا، التي ترغب في تأمين الأسواق المصدرة للغاز والمواد البترولية لها عبر خط سوميد من مصر أو عبر قناة السويس، وهو ما دفع لندن للسعى لتأمين مرور ناقلات البترول التي تحمل اسم والدة أمير قطر “موزة”.
وفى الوقت الذي بدأت تسيطر فيه مصر مؤخرًا على نسبة كبيرة من خريطة الغاز العالمية، وبدأت الحكومة الروسية السعى لمبادلة الغاز المصرى بالبترول، ما يسهم في توفير إمدادات البترول لمصر خلال السنوات المقبلة، تخطط للوجود بقوة في مصر خلال الفترة المقبلة، بدأت بريطانيا على اعتبار أنها ستكون بمثابة سوق ارتكازيـة تفتح لها أبواب أفريقيا والأسواق العربية.
وجاءت عمليات بيع حصة من شركة إينى الإيطالية التي تسيطر على واحد من أكبر حقول الغاز بمصر، وتنازلت عن حصة كبيرة بالبيع لشركة قطرية هي شركة قطر غاز لتؤكد أن حصة “قطر غاز” في الآبار المصرية التابعة لإينى سيتم تسليمها لبريطانيا من مصر في إطار الحصة والاتفاق (القطرى – الإنجليزي) وهو ما يجعل الوجود الإنجليزى في مصر ضرورة اقتصادية لتأمين اتفاق الغاز خاصة في حالة مقاضاة مصر الشركة الإيطالية ورفض تسليم الغاز لقطر لتبعيته لإنجلترا دون أن تستفيد منه القاهرة في شيء.
ويأتى السر الأخير في الوجود الإنجليزى في حقيقة نية هيئة قناة السويس رفع الرسوم على ناقلات البترول والغاز المارة من القناة، وهو ما يعنى أن أسعار الغاز والمواد البترولية التي تحصل عليها إنجلترا سترتفع بنسبة كبيرة للغاية تصل لأكثر من 12% ارتفاعا في الأسعار بسبب الرسوم الإضافية، لهذا وضعت إنجلترا الخطة المحتملة لتخفيض سعر الغاز وتفويت الفرصة على الشعب المصرى في الاستفادة من رفع الرسوم على ناقلات الغاز.
وفى حالة نجاح إنجلترا في الحصول على أراض بمحور القناة بحجة إنشاء مدينة صناعية إنجليزية تستطيع إنجلترا أن تستخدم منطقتها الصناعية في استقبال الغاز القادم من قطر أو من مصر وإعادة تصديره عبر قناة السويس مستفيدة من القرار الخاص بتخفيض الرسوم بنسبة 75% لأى سفينة قادمة أو مسافرة من ميناء مصرى، وبالتالى فإن الحقيقة الكاملة للوجود الإنجليزى بمحور القناة تكمن في رغبتها في الحصول على تخفيض على ناقلات موزة المارة من القناة.
يقول اللواء محمد جاب، رئيس شركة القناة للتوكيلات، إن الغاز أيا كانت جنسيته في حال إعادة تصديره من موانئ مصرية فإن الشركة المصدرة ستحصل على الامتيازات السابق إعلانها للتصدير من الموانئ المصرية، وبالتالى لابد من العمل على إعادة دراسة ملف الاستثمارات الأجنبية في مصر وخاصة في الموانئ والتي لا تهدف إلا للاستفادة من القرارات المصرية والتخفيضات ولن تستفيد الحكومة المصرية منها شيئًا.
وتعقيبًا على هذا الأمر طالب، القبطان محمد إسبيتة، عضو الاتحاد الدولى للنقل، بضرورة إعادة مراجعة أي اتفاق يتم مع الإنجليز خاصة بعد التقارب غير الطبيعى مع الخليج العربى، وهو ما يؤكد أن إنجلترا ستصبح محطة الخليج البترولية في أوروبا والعالم عبر البوابة المصرية، وعلى القاهرة تفويت الفرصة عليها وعلى الخليج للاستفادة من التشريعات المصرية التي تعطى امتيازات كبيرة للسفن المقبلة للموانئ المصرية.