أيها المصري.. هي أصلا عُوجَة.. اعْوِجها وتوكَّل
يقول المفكر الفيلسوف ابن حزم الأندلسي "994م ــ1064م: "إن اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال.. اسْتَدْعِي كلمات ابن حزم الساكنة تحت جلدي، فأنتفِض كما لو كنت ملبوسًا بعفريت قليل الأدب، حين أسمع الأستاذ الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب المصري يتكلم، وهو حامل الدكتوراه في القانون، فأردد أن اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال وإن شئت دليلا اسمع سيدك عبد العال.
بداية أسجل احترامي الشديد لعلمه القانوني وأياديه في ذلك المضمار، غير أن مسألة اللغة العربية ومشكلاتها عنده، تستدعي التوقف من باب النقد المشروع، ولا داعي لتقديم أدلة لأن الله حليم سَتَّار، وأكتفي بالقول إني داعٍ لسيادته فأمِّنُوا.. اللهم احلل عقدةً من لسانه كي نفقه قوله.. اللهم اعِنْه على ضبط علامات الرفع والنصب والجر والتنوين والتسكين.. اللهم اكشف له الحجاب عن حروف الجر وما تفعله حتى لا يجر ألسِنَتِنا إلى ما لا يحبه وما لا يرضاه.
كان حُسْن البيان والتمَكُّن من رصانة اللغة ورشاقة العبارة علامة شديدة البريق على رقي وعافية ونقاء المجتمع.. تذكروا عظماء السياسة والأدب والفكر والفن والعلم بل أساطين القانون من قضاة ومحامين في أربعينيات القرن الماضي حتى أواخر الخمسينيات، وبعدها صارت بالوظة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الآن لا تحتاج وقتا طويلا لتكتشف مدى اعوجاج اللسان على كل المستويات، لتصل إلى النتيجة التي توصل إليها ابن حزم عن اعوجاج الحال.
تحت قبة البرلمان قال الأديب والمفكر المصري العظيم عباس محمود العقاد إن البرلمان على استعداد لسحق أكبر رأس في البلد يخون الأمة ويعتدي على دستورها.. وكان يقصد الملك، ولهذا حكم عليه بالسجن وقضى تسعة أشهر ضريبة الوطنية والانحياز للأمة والدستور.
على النقيض تماما.. نائب في برلمان 2016 يقول لمذيع توك شو محدود المستوى: يا سعادة الباشا أنا باعشق التراب اللي بتدوس عليه بجزمتك.. اعوجاج وانحطاط لم تر مصر مثيله في تاريخها.
حتى مستوى حديث رجال السياسة.. هزيل.. غير منضبط.. غالبًا يخاصم المنطق ويستعصى على الاستيعاب والفهم.. وزير سياحة سابق كان يتحدث بشرم الشيخ أمام وسائل الإعلام عقب تدهور السياحة في بداياتها، فتحدث عن الخلل الذي أدى إلى تراجع السياحة ووصفه بالخُرْم، وبدلا من أن يقول سوف نعالج الخلل قال سوف نسد الخُرْم.
وهناك من يهرتل كما لو كان الليمبي بعبارات البوس البوس الحُضن الحُضن.. ولعلك تذكر المهندس محلب رئيس الحكومة السابق عندما قال في الكنيسة المعلقة "مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا".. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أترُك لك الحكم على شاب ورب الكعبة خريج آداب لغة عربية يكتب عامةً "عامتَنْ" ويكتب جدًا "جِدَّن".. كان يرغي ويزبد بطوفان من الكلام وأي كلام، ثم قال: على فكرة شعبان عبد الرحيم أسلوبه حلو في الكلام عكس الناس ما بتقول، فاندهشت وسألته إزاي؟! قال لما بيتكلم بيطلع منه "دُرَر".. هنا أدركت أن الدنيا معَزِّلة والبلد في الكازوزة، وأن ذلك الصديق على أبواب مرحلة نفسية وعقلية لا أمل في الشفاء منها، فقررت إنهاء كلامه بسؤال برائحة الاستخفاف.. قلت له: هو "الدُرَر" بكام النهاردة؟! صمت قليلًا فتصورت أنه أدرك مقصدي كى ينتهي، لكنه باغتني بقوله الدُّرَر وصل 20 جنيها يا باشا!.
*آخر حِكْمَة:
ــ خيرُ متاع الدنيا الزوجة الصالحة وكيلو سكر.