رئيس التحرير
عصام كامل

«هدي خير العباد» من «زاد المعاد».. جـ 2◄47


ومازالت القراءة مستمرة في كتاب «زاد المعاد في هدي خير العباد»، للإمام العلامة شيخ الإسلام؛ محمد بن أبى بكر بن سعد بن جرير الزرعى «ابن قيم الجوزية» الجزء الثاني.. احتفاء واحتفالا بذكرى مولد خاتم الأنبياء والمرسلين، خير الأنام محمد بن عبدالله، الرسول الكريم، صاحب القرآن العظيم والمعجزات الخالدة، والذي أعزه الله بها وجعلها شاهدة على صدق نبوته، وحمله لرسالة الإسلام للناس كافة بشيرا ونذيرا.. صلى الله عليه وسلم.. حيث ننهل من سيرته وهديه صلى الله عليه وسلم، ليكون شفيعا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون...



حيث نتابع القراءة في الجزء الثاني من هذا «الكتاب القيم»...

 

قال عبد اللَّه بن أحمد: كان أبى يرى للمُهِلِّ بالحج أن يفسخَ حجَّه إن طاف بالبيت وبين الصفا والمروة . وقال فى المتعة : هى آخِرُ الأمرين من رسول الله صلى اللَّه عليه وآله وسلم . وقال صلى اللَّه عليه وآله وسلم: ((اجْعَلُوا حَجَّكُم عُمْرَةً)). قال عبد اللَّه : فقلت لأبى : فحديث بلال بن الحارث فى فسخ الحج، يعنى قوله: (( لنا خاصة))؟ قال: لا أقول به، لا يُعرف هذا الرجل ، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديثُ بلال بن الحارث عندى يثبتُ. هذا لفظه.


        

قلت: ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد، وأن هذا الحديث لا يَصِحُّ أن النبى صلى اللَّه عليه وآله وسلم أخبر عن تلك المُتعة التى أمرهم أن يفسخوا حَجَّهم إليها أنها لأَبَدِ الأبدِ ، فكيف يثبُت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة؟ هذا من أمحل المحال . وكيف يأمرهم بالفسخ ويقول : (( دَخَلَتِ العُمْرَةُ فى الحَجِّ إلى يَوْمِ القِيَامَة ))، ثم يثبت عنه أن ذلك مختص بالصحابة دون مَن بعدهم : فنحن نَشْهَدُ باللَّهِ ، أن حديث بلال بن الحارث هذا ، لا يصح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو غلط عليه ، وكيف تُقدَّم روايةُ بلال بن الحارث ، على روايات الثقات الأثبات ، حملةِ العلم الذين رووا عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم خلافَ روايته، ثم كيف يكون هذا ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وابنُ عباس رضى اللَّه عنه يُفتى بخلافه ، ويناظر عليه طول عمره بمشهد من الخاص والعام، وأصحابُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم متوافِرون ، ولا يقول له رجلٌ واحد منهم : هذا كان مختصاً بنا ، ليس لغيرنا حتى يظهر بعد موت الصحابة ، أن أبا ذر كان يرى اختصاص ذلك بهم ؟


        

وأما قول عثمان رضى اللَّه عنه فى متعة الحج : إنها كانت لهم ليست لغيرهم ، فحكمه حكم قول أبى ذر سواء ، على أن المروى عن أبى ذر وعثمان يحتمل ثلاثة أُمور :


        

أحدها : اختصاص جواز ذلك بالصحابة، وهو الذى فهمه مَنْ حرَّم الفسخ .

        

الثانى: اختصاصُ وجوبه بالصحابة ، وهو الذى كان يراه شيخنا قدَّس اللَّهُ روحه يقول : إنهم كانوا قد فُرِض عليهم الفسخ لأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لهم به ، وحتمه عليهم ، وغضبه عندما توقفوا فى المبادرة إلى امتثاله . وأما الجواز والاستحباب ، فللأُمة إلى يوم القيامة ، لكنْ أبَى ذلك البحرُ ابنُ عباس ، وجعل الوجوب للأُمة إلى يوم القيامة ، وأن فرضاً على كل مفرد وقارن لم يسق الهَدْى ، أن يحلَّ ولا بد ، بل قد حَلَّ وإن لم يشأ ، وأنا إلى قوله أميلُ منى إلى قول شيخنا.

        

الاحتمال الثالث: أنه ليس لأحد من بعد الصحابة أن يبتدئ حجاً قارِناً أو مفرداً بلا هَدْى ، بل هذا يحتاج معه إلى الفسخ ، لكن فرض عليه أن يفعل ما أَمَرَ به النبىُّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم أصحابه فى آخر الأمر من التمتع لمن لم يَسُقِ الهَدْىَ ، والقِران لمن ساق ، كما صح عنه ذلك . وأمّا أن يَحرم بحج مفرد، ثم يفسخه عند الطواف إلى عُمرة مُفردةٍ ، ويجعله متعة ، فليس له ذلك ، بل هذا إنما كان للصحابة ، فإنهم ابتدؤوا الإحرام بالحج المفرد قبل أمر النبىِّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالتمتع والفسخ إليه ، فلما استقر أمره بالتمتع والفسخ إليه ، لم يكن لأحد أن يُخالفه ويُفرد ، ثم يفسخه..

        

وإذا تأملتَ هذين الاحتمالين الأخيرين ، رأيتهما إما راجحين على الاحتمال الأول ، أو مساويين له ، وتسقط معارضةُ الأحاديث الثابتة الصريحة به جملة ، وباللَّه التوفيق .


        

وأما ما رواه مسلم فى (( صحيحه)) عن أبى ذر : أن المتعة فى الحج كانت لهم خاصَّة . فهذا ، إن أريد به أصل المتعة ، فهذا لا يقول به أحد من المسلمين ، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة . وإن أريد به متعة الفسخ ، احتمل الوجوه الثلاثة المتقدِّمة . وقال الأثرم فى (( سننه )) : وذكر لنا أحمد بن حنبل ، أن عبد الرحمن بن مهدى حدَّثه عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمى ، عن أبى ذر ، فى متعة الحج ، كانت لنا خاصة . فقال أحمد بن حنبل: رحم اللَّه أبا ذر ، هى فى كتاب اللَّه عَزَّ وجَلَّ : {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196].


        

قال المانعون من الفسخ : قول أبى ذر وعثمان : إن ذلك منسوخ أو خاص بالصحابة ، لا يُقال مثلُه بالرأى ، فمع قائله زيادة علم خفيت على مَن ادَّعى بقاءه وعمومه ، فإنه مستصحِب لحال النص بقاءً وعموماً ، فهو بمنزلة صاحب اليد فى العَيْن المدَّعاة ، ومدَّعى فسخه واختصاصه بمنزلة صاحب البيِّنة التى تُقدَّم على صاحب اليد.


        

قال المجوِّزون للفسخ: هذا قول فاسد لا شك فيه ، بل هذا رأى لا شك فيه ، وقد صرَّح  بأنه رأى مَنْ هو أعظمُ من عثمان وأبى ذر  عِمرانُ بن حصينْ ، ففى ((الصحيحين)) واللفظ للبخارى: تمتعنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ونزل القُرآنُ ، فقال رجل برأيه ما شاء . ولفظ مسلم : نزلت آيةُ المتعة فى كتاب اللَّه عَزَّ وجَلَّ : يعنى مُتعة الحج ، وأمرنا بها رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ، ثم لم تنزل آية تنسخ مُتعة الحج ، ولم ينه عنها رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم حتى مات ، قال رجلٌ برأيه ما شاء . وفى لفظ : يريد عمر.

         

وقال عبد اللَّه بن عمر لمن سأله عنها، وقال له : إن أباك نهى عنها : أَأَمْرُ رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أحقُّ أن يُتَّبَعَ أو أَمْرُ أَبى ؟، .

        

وقال ابن عباس لمن كان يُعارِضه فيها بأبى بكر وعمر: يُوشِكُ أن تَنْزِلَ عليكم حِجَارَةٌ من السماء ، أقولُ : قالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ، وتقولُون : قال أبو بكر وعمر ؟ فهذا جوابُ العلماء ، لا جوابُ مَن يقول : عثمانُ وأبو ذر أعلمُ برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم منكم ، فهلاَّ قال ابنُ عباس ، وعبدُ اللَّه بن عمر : أبو بكر وعمرُ أعلمُ برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم منا ، ولم يكن أحدٌ مِن الصحابة ، ولا أحدٌ من التابعين يرضى بهذا الجواب فى دفع نصٍ عن رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وهم كانوا أعلمَ باللَّهِ ورسوله ، وأتقى له من أن يُقَدِّمُوا على قول المعصوم رأىَ غيرِ المعصوم ، ثم قد ثبت النصُّ عن المعصوم ، بأنها باقية إلى يوم القيامة . 



وقد قال ببقائها : علىُّ بن أبى طالب رضى اللَّه عنه ، وسعدُ بن أبى وقَّاص ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو موسى ، وسعيد بن المسيِّب ، وجمهور التابعين ، ويدل على أن ذلك رأى محض لا يُنسب إلى أنه مرفوع إلى النبىَّ صلى الله عليه وسلم ، أن عمرَ بن الخطَّاب رضى اللَّه عنه لما نهى عنها قال له أبو موسى الأشعرى : يا أمير المؤمنين ؛ ما أحدثتَ فى شأنِ النُّسُك ؟ فقال : إن نَأخُذْ بِكِتَاب رَبِّنَا ، فإنَّ اللَّه يقُول : {وَأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، وإنْ نَأْخُذْ بِسُّـنَّةِ رَسُولِ اللَّه صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم ، فإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ ، فَهَذَا اتِّفَاقٌ من أبى موسى وعمر، على أن منع الفسخ إلى المتعة والإحرام بها ابتداءً ، إنما هو رأى مِنه أحدثه فى النُّسُك ، ليس عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . وإن استدل له بما استدل ، وأبو موسى كان يُفتى الناسَ بالفسخ فى خلافة أبى بكر رضى اللَّه عنه كُلِّها ، وصدراً من خلافة عمر حتى فاوض عمرُ رضى اللَّه عنه فى نهيه عن ذلك ، واتفقا على أنه رأى أحدثه عمر رضى اللَّه عنه فى النُسُك ، ثم صحَّ عنه الرجوعُ عنه .

 

 

فى معارضة أحاديث الفتح بما يدل على خلافها

        

وأما العذر الثالث: وهو معارضةُ أحاديث الفسخ بما يدل على خلافها ، فذكروا منها ما رواه مسلم فى (( صحيحه )) من حديث الزهرى ، عن عُروة ، عن عائشة رضى اللَّه عنها ، قالت : خرجنا مع رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فى حَجة الوداع ، فمنا مَن أهلَّ بعُمرة ، ومنا مَنْ أهلَّ بحج ، حتى قَدِمْنَا مكة فقالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم : (( مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرةٍ وَلَمْ يُهْدِ ، فَلْيَحْلِلْ ، ومَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وأهْدَى ، فلا يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَه ، ومَنْ أهَلَّ بِحَجٍّ ، فَلْيُتمَّ حَجَّه )) ، وذكر باقى الحديث.

        

ومنها : ما رواه مسلم فى ((صحيحه)) أيضاً من حديث مالك، عن أبى الأسود ، عن عُروة عنها : خَرجنا مع رسولِ صلى اللَّه عليه وآله وسلم عامَ حَجَّةِ الوَداع ، فمِنا مَن أهلَّ بعُمرة ، ومنَّا من أهلَّ بحج وعُمرة ، ومِنا مَنْ أهلَّ بالحجِّ ، وأهلَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم بالحجِّ ، فأمَّا مَنْ أهلَّ بعمرة فحلَّ ، وأمَّا مَنْ أهلَّ بحجٍّ ، أو جَمَعَ الحجَّ والعُمرة ، فلم يَحِلُّوا حتى يومُ النحر.


       

منها: ما رواه ابنُ أبى شيبة: حدثنا محمد بن بشر العبدى ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، حدثنى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطِب ، عن عائشة ، قالت : خَرَجْنَا مع رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلَّم لِلحجِّ على ثلاثة أنواع: فمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بعُمرةٍ وحَجَّةٍ ، ومنا مَن أهلَّ بِحَجِّ مُفرد ، ومِنَّا مَنْ أهلَّ بعُمرة مفردة ، فمَن كانَ أهلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ معاً ، لم يحِلَّ مِن شئٍ مما حَرُمَ منه حتَّى قضى مناسِكَ الحجِّ ، ومَنْ أهلَّ بحجٍّ مفرد ، لم يَحِلَّ مِن شئ مما حَرُمَ منه حتى قضى مناسِكَ الحج ، ومَنْ أهلَّ بعُمرةٍ مفردةٍ ، فطافَ بالبيتِ وبالصَّفا والمروة، حلَّ مما حرُم منه حتى استقبل حَجّاً.

        


ومنها : ما رواه مسلم فى ((صحيحه)) من حديث ابن وهب ، عن عمرو بنِ الحارِث ، عن محمد بن نَوْفَلٍ ، أنَّ رجُلاً مِن أهلِ العِراق ، قال له : سل لى عُروة بن الزبير ، عن رجل أهلَّ بالحجِّ ، فإذا طافَ بالبيت ، أيحِلُّ أم لا ؟ فذكَر الحديث ، وفيه : قد حجَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم ، فأخبرتنى عائشة ، أن أول شئ بدأ به حين قَدِمَ مكة ، أنه توضأ ، ثمَّ طَافَ بالبَيْتِ .. ثم حجَّ أبو بكر ، ثم كان أوَّلَ شئٍ بدأ به الطوافُ بالبيت ، ثم لم تكن عُمْرَةٌ ..


ثم عُمَرُ مثلُ ذلك.. ثم حجَّ عثمانُ، فرأيتُه أوَّلُ شئ بدأ به الطوافُ بالبيت ، ثم لم تكن عُمْرةٌ . ثم معاوية وعبدُ اللَّه بنُ عمر ، ثم حججتُ مع أبى  الزبير بن العوَّام ، فكان أوَّلَ شئ بدأ به الطوافُ بالبيت ، ثم لم تكن عُمْرَةٌ ، ثمَّ رأيتُ المهاجرين والأنصار ، يفعلُون ذلك ، ثم لم تَكُنْ عُمْرَةٌ ، ثم آخِرُ مَنْ رأيت فعل ذلك ابنُ عمر ، ثم لم ينقُضْها بعُمرة ، فهذا ابنُ عمرَ عندهم ، أفلا يسألونه ؟ ولا أحدٌ ممن مضى ما كانوا يَبدؤون بشىء حِينَ يضعون أقدامَهم أوَّلَ مِنَ الطَّواف بالبَيْتِ ، ثم لا يَحِلُّون ، وقد رأيتُ أُمى وخالتى حين تَقْدَمَانِ لا تَبْدآنِ بشىءٍ أوَّلَ من الطواف بالبيت ، تطوفان بِه ثم لا تَحِلاَّنِ .

                

 فهذا مجموع ما عارضوا به أحاديثَ الفسخ ، ولا مُعارضة فيها بحمد اللَّه ومَنِّـهِ.

        

أما الحديثُ الأول وهو حديث الزهرى ، عن عُروة ، عن عائشة فَغَلِطَ فيه عبدُ الملك بن شعيب ، أو أبوه شعيب ، أو جَدُّه الليث ، أو شيخه عقيل ، فإن الحديث رواه مالك ومعمر ، والناسُ ، عن الزهرى ، عن عروة ، عنها وبيَّنُوا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر مَنْ لم يَكُنْ معه هَدْى إذا طاف وسعى ، أن يَحِلَّ . فقال مالك : عن يحيى بن سعيد ، عن عَمْرَةَ ، عنها : خرجنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لِخَمس ليالٍ بقين لذى القِعدة ، ولا نرى إلا الحجَّ ، فلما دنونا من مكة ، أمر رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم مَنْ لم يكن معه هَدْى ، إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، أن يَحِلَّ  وذكر الحديث . قال يحيى : فذكرتُ هذا الحديثَ لقاسم بن محمد ، فقال : أتتك واللَّهِ بالحديثِ على وجهه .

         

وقال منصور: عن إبراهيم ، عن الأسود، عنها ، خرجنا مع رسول اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم ولا نرى إلا الحجَّ ، فلما قَدِمْنَا ، تَطَوَّفْنَا بالبَيْتِ ، فأمر النبىُّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم مَن لم يكن ساق الهَدْىَ ، أن يَحِلَّ ، فحلَّ مَنْ لم يكن ساق الهَدْىَ ، ونساؤه لم يَسُقْنَ فأحْلَلْنَ.

       

 وقال مالك ومعمر كلاهُما عن ابن شهاب ، عن عُروة ، عنها : خرجنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عام حَجة الوداع ، فأهللنا بعُمرة ، ثم قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: ((مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْىٌ ، فلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَة ، ولاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ منهما جَميعاً)).

       

 وقال ابن شهاب عن عُروة عنها  بمثل الذى أخبر به سالم ، عن أبيه ، عن النبى صلى الله عليه وسلم . ولفظه : تمتع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فى حَجَّة الوداع بالعمرة إلى الحَجِّ ، فأهدى ، فساق معه الهدىَ من ذى الحُليفة ، بدأ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ، فأهلَّ بالعُمرة ، ثم أهلَّ بالحَجِّ ، وتمتَّع الناسُ مع رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالعُمرة إلى الحَجِّ ، فكانَ مِنَ الناس مَنْ أهدى ، فساق معه الهَدْىَ ، ومنهم مَن لم يُهْدِ ، فلمَّا قَدِمَ النبى صلى اللَّه عليه وآله وسلم مَكَّةَ ، قال الناس : (( مَنْ كَانَ مِنْكُم أهْدى ، فإنَّه لا يَحِلُّ مِنْ شئ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَجَّهُ ، ومَنْ لمْ يَكُنْ أهْدَى فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ ، وبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة ، وَليُقصِّرْ وَلْيَحِلَّ ، ثُمَّ لْيُهِلَّ بالحَجِّ ولْيُهْدِ ، فمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً ، فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيَّام فى الحَجِّ ، وسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ إلى أهْلِه))... وذكر باقى الحديث.

        

وقال عبد العزيز الماجِشُون: عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : خرجنا معَ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ، لا نَذْكُرُ إلا الحَجَّ ... فذكر الحديث . وفيه ، قالت : فلما قَدمْتُ مَكَّة ، قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لأصحابه : (( اجْعَلُوها عُمْرَةً ، فأحَلَّ النَّاسُ إلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْى)).

        

وقال الأعمش: عن إبراهيم، عن عائشة: خرجنا مع رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم لا نذْكُر إلا الحَجَّ ، فلما قَدِمْنَا ، أُمِرْنَا أَنْ نَحِلَّ ... وذكرَ الحديثَ.


وقال عبد الرحمن بن القاسم: عن أبيه، عن عائشة: خرجنا مَعَ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم، ولا نذكر إلا الحَجَّ، فلما جِئْنَا سَرِفَ، طَمِثْتُ. قالت: فدخلَ عَلَىَّ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم وأنا أبكى. فقال: ((ما يُبْكِيك))؟ قالت: فَقُلْتُ: واللَّهِ لَوِدِدْتُ أنِّى لاَ أَحُجُّ العَامَ  فذكر الحديثَ. وفيه : فلما قَدِمْتُ مكة، قال النبى صلى اللَّه عليه وآله وسلم: ((اجْعَلُوهَا عُمْرةً))، قالت: فَحَلَّ الناسُ إلاَّ مْن كَانَ مَعَهُ الهَدْىُ.

الجريدة الرسمية