رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل 5 ليال قضاها صيدلي قبطي في مغارة الإرهابيين بأسيوط


«أصابته لفحة برد شديدة وتوجس قلبه خيفة ليس فقط للظلام الدامس والسكون الذي يسود القرية الصغيرة التي تقع فيها صيدلية يديرها وإنما لشعوره بأن شيئا ما قد يقع بعد قليل.. تلفت حوله كثيرا حاول أن يمسك جواله لتصفح حسابه على موقع التواصل «فيس بوك» وأثناء قيامه بإحكام «الكوفية» الشتوية حول عنقه لمنع تسرب البرد لجسده النحيل وقع ما لا يحمد عقباه».


اقشعر جسده وانكمش أكثر، ليس بفعل البرودة هذه المرة وإنما لهول ما وجده أمامه، 4 أجسام فاقت قامتها مستوى نظره.. وجهت صوب عينيه أسلحة لطالما رآها بيد سكان القرية الصغيرة التي تتسم بكثرة الخصومات الثأرية والتي تختلف تماما عن منطقته بقلب المدينة، التف بمحض إرادته خيفة أن ينالوا منه و«للخلف در» اتجه تحت تهديد السلاح صوب سيارة متأججة بالرجال وما يحميهم من عدة وعتاد ليفقد معها الوعي ويستيقظ ليجد نفسه في غياهب مغارة لا يعلم عنها شيئا ظنا منه أنه كابوس، ولكن الكابوس امتد 5 ليال أخرى في الصقيع وضباب الرؤية لحين تم الإفراج عنه من قبل الخلية الإرهابية.

تلك الكلمات تحكي حال أمير موريس إسحاق الطبيب الصيدلى القبطى الذي اختطفته عصابة لتنظيم إرهابى خطط لتفجيرات في أعياد رأس السنة مستندا على الأموال التي يتحصلها من أسرة ضحيتهم للإفراج عنه كفدية لحياته.

كان اللواء عاطف قليعي، مدير أمن أسيوط، تلقى إخطارا من اللواء أسعد الذكير مدير المباحث الجنائية، يفيد ورود بلاغ من مأمور مركز شرطة ساحل سليم بقيام مجهولين يحملون أسلحة بخطف الطبيب الصيدلي أمير موريس إسحاق 35 سنة مقيم "شارع الهلالي بحي شرق مدينة أسيوط من صيدليته بقرية دير تاسا "الرويجات" التابعة لمركز ساحل سليم بعد التعدي عليه بالضرب وتهديده بالسلاح والاتجاه به إلى مغارة بجبل أسيوط الشرقى وطلب فدية 5 ملايين جنيه من الده.

على الفور انتقلت قوات الشرطة إلى المنطقة وتم محاصرة القرية وجميع مداخلها لمطاردة الجناة وتعقبهم لتحرير المختطف، وبعد 5 ليال و6 أيام تمكن تشكيل أمني بإشراف اللواء أسعد الذكير مدير المباحث الجنائية والعميد منتصر عويضة رئيس المباحث بالاشتراك مع ضباط الأمن العام برئاسة العميد محمد طبش مدير الأمن العام و5 مدرعات قتالية وقوة مكبرة من ضباط الأمن ومن خلال فحص العناصر الإجرامية ومواقع اختبائها بمركزي البداري وساحل سليم، وتوصل فريق المباحث إلى العثور على مخزن للمواد المتفجرة المكونة من دوائر كهربائية ونترات الصوديوم بالإضافة لأوراق ورسومات كروكية معدة لتنفيذ عمليات إرهابية خلال احتفالات برأس السنة ومنها مواقع شرطية وكنائس.

وخلال مداهمة المزرعة التي يوجد بها مخزن المتفجرات تمكن ضباط الأمن من القبض على بعض أفراد التنظيم الهاربين من أحكام وبالتضييق عليهم أقروا أن التشكيل قام بنقله من المزرعة لمغارة بجبل البداري للتحفظ عليه لحين دفع الفدية، وبالفعل تم التواصل مع الخاطفين من خلال رقم الهاتف الذي اتصل بوالده وتم التفاوض معهم بمساعدة عضو مجلس النواب نعمان أحمد فتحى نعمان وبالفعل ذهبت القوات في حدود الخامسة فجرا ليعثروا على الطبيب ملقى بمنطقة وعرة بمحيط الجبل الشرقى في حالة إعياء شديدة وتم توصيله لأسرته ولم يتم حتى الآن القبض على الجناة أو معرفتهم وتكثف فرق الأمن من جهودها لضبطه خلال مراقبة مداخل الجبل.

وقال الطبيب أمير لـ«فيتو»: «أحمد الرب أنى عدت سالما إلى أهلي وأسرتي ولم أكن أتوقع منهم إلا الموت بعد الاختطاف، فطيلة الـ3 أيام الأولى لم أتلق أي معلومة تطمئن قلبي بتحريري، وخاصة أن أحد الخاطفين أكد أن الموت سيكون مصيري إذا لم يتم دفع 5 ملايين الفدية، والتي أعلم جيدا أنها لا توجد مع أبى ولكنى تركت كل شيء لله، وظللت أعيش أقسى لحظات حياتي في المغارة المتطرفة لجبل البداري، ولا أعلم مكانه حتى الآن لأني كنت ملثم العينين في الطرقات.. ولكن في اليوم الثالث تحدثت لوالدي وطلبت الفدية، وفى الليلة الخامسة تلقت العصابة اتصالات عديدة من الأمن وعضو مجلس النواب وتم التفاهم وأطلقوا سراحي دون دفع أي مبالغ مالية».

وأضاف: أتقدم بالشكر لكل من مد يد العون لي ولأسرتي لحين الإفراج عنى وخاصة قوات أمن أسيوط ونقابة الصيادلة التي طالبت بسرعة التحري للإفراج عنى وجميع قيادات أسيوط وعضو مجلس النواب حتى عدت إلى منزلى بحياة جديدة بعد لحظات الموت المتكررة في غياهب المغارة والمزرعة رغم عدم علمي سبب خطفي حتى هذه اللحظة.

فيما قال مصدر أمني رفيع المستوى إن حالة خطف الصيدلي القبطي سياسية وليست جنائية، خاصة أن التنظيم الذي خطفه كان هدفه الأول والأخير الأموال لاستخدامها في أغراض إرهابية، خاصة أن معظم المتورطين والمضبوط منهم تم تجنيدهم حديثا وهم من الهاربين من تنفيذ الأحكام والمطلوبين أمنيا، كما أنه تم ضبط بعض الكتب التكفيرية لسيد قطب، مشيرا إلى أن المباحث تكثف جهودها لضبط باقي الجناة ولكن الطرق الوعرة واختباءهم في الجبل يحول دون ذلك.

ومن جانبه قال نعمان أحمد فتحى نعمان عضو مجلس النواب عن دائرة البداري وساحل سليم في تصريحات خاصة لـ«فيتو» أنه اصطحب بعض أفراد الأمن لمعرفته الجيدة بمداخل ومخارج بلدته وتم الاتصال بالخاطفين وتدخلنا لفك سراح الطبيب دون خسائر، خاصة أن الخاطفين صمموا على قتله وقمنا بالفعل بالاطمئنان عليه وترجلنا في الجبال وسط الطرق الوعرة بقرية السيول بالنواورة التابعة لمركز البداري لنجد الطبيب ملقًى على التراب فاقد الوعي على بعد كبير من المنازل المتطرفة وأوصلناه لمركز الشرطة ومنه لمنزله.
الجريدة الرسمية