رئيس التحرير
عصام كامل

الفضيحة لنا والإنجاز لغيرنا


تهلل وجه الإعلامي أحمد موسى وهو ينفي ما تردد عن استقالة رئيس الحكومة شريف إسماعيل، و"أنه يعقد اجتماعات بشأن أزمة الأدوية وغيرها من الملفات، كما لم يطلب ترك منصبه"، معتبرا الأمر شائعة مغرضة!


اعتدنا من الإعلام والحكومة بطء الرد، فلماذا سارع "موسى" هذه المرة بنفي استقالة إسماعيل، وما المغرض في الأمر، هل نجح إسماعيل في ملف واحد حتى تصبح شائعة استقالته مغرضة؟! أما أنه لم يطلب ترك منصبه فهذا مفروغ منه، والطبيعي هو إقالته التي تأخرت كثيرا بعد فشله الذريع في جميع الملفات من صحة وتعليم ومالية واستثمار وسياحة وتموين ونقل واتصالات وطاقة ورقابة وخدمات، فضلا عن إغراقه البلد في القروض والديون!!


كنا نستثني "الخارجية" من فشل حكومة إسماعيل، لكن سرعان ما انتقلت إليها العدوى، ولم تكتف بالأداء السيئ للسفارات في الخارج سواء مع المسيئين لمصر أو مع مشكلات المغتربين، بل إن سامح شكري نفسه بدأ ينكر حقائق يعرفها الجميع ويعلن تطوراتها الإعلام العالمي ليل نهار، بتأكيده "أن العلاقات مع السعودية ممتازة"، في حين أن الخلافات تزداد عمقا وتعقيدا وفشلت الوساطات في احتوائها، منذ أن صوت مندوب مصر لدى الأمم المتحدة السفير عمرو أبوالعطا لصالح مشروعي روسيا وفرنسا بخصوص الأزمة السورية رغم تناقضهما، ما أغضب السعودية ومعها دول الخليج التي تدعم المشروع الفرنسي، واعتبروا أن تصويت مصر على المشروعين محاولة لإمساك العصا من المنتصف حتى لا تخسر روسيا أو فرنسا. وطبعا انهال علينا "السوشيال ميديا" بما نخجل من ذكره!!


صحيح أن مجلس الأمن فشل في تمرير القرارين، حيث استخدمت روسيا "الفيتو" عند التصويت على المشروع الفرنسي، بينما لم يحصل المشروع الروسي على الأغلبية المطلوبة. لكن بانتهاء الجلسة بدأت أزمة مصر مع السعودية التي استغلتها قطر وتركيا بخبث شديد.


لم تتعلم "الخارجية" للأسف من الدرس القاسي بعد التصويت المزدوج لمشروعين متناقضين في مجلس الأمن، وأوقعتنا في "فضيحة" أخرى كنا في غنى عنها نتيجة سوء الأداء في مجلس الأمن!!


تبنت مصر مشروع قرار لمجلس الأمن يقضي بوقف الاستيطان تماما في الأراضي المحتلة بما فيها القدس وحصنته باللون الأزرق ما يعني عدم إمكانية التعامل معه إلا بالتصويت عليه. ورغم أنني بشكل شخصي ضد كل ما هو فلسطيني، وأفضل ترك القضية لأصحابها بعد أن تحملنا أوزارها عشرات السنين ولم نأخذ من أصحابها إلا الطعن والنكران وتخريب بلدنا، ومع هذا قلت إنه تحرك إيجابي يحسب للدبلوماسية المصرية، خصوصا مع تقديمه في فترة يلملم فيها أوباما المبتعد عن إسرائيل أغراضه لمغادرة "البيت الأبيض" ويتأهب ترامب الداعم لها لبدء فترته الرئاسية، أي يمكن اعتبارها فترة فراغ بين عهدين. وكانت الفرصة سانحة لتسجيل "إنجاز تاريخي" باسم مصر في مجلس الأمن. لكن أبى سوء الأداء المصري إلا أن تكون له الكلمة العليا، وانهالت الأنباء عن تراجع مصر بسحب مشروع إدانة الاستيطان بعد اتصال جمع الرئيسين ترامب والسيسي!!

لا يعنيني هنا ما اتفق عليه ترامب والسيسي في الاتصال، بل الزلزال والفضائح التي تلت سحب مشروع إدانة الاستيطان، فنحن أصحاب الفكرة ومن قدم المشروع واخترنا التوقيت ثم نتنازل عنه هكذا ببساطة لمجرد أن ترامب هاتف الرئيس السيسي وطلب منه الانتظار لكي يتبنى هو "حل الدولتين"!!


ولن أتحدث عن "هاشتاج" مسيء لرئيس مصر تصدر كافة الدول العربية بعد سحب المشروع، ولا عن كمية الشتائم والبذاءة التي انهالت علينا من دول تتعامل مع إسرائيل في السر وتدافع عن فلسطين في العلن، لكن أتحدث للمرة الألف عن أننا لا نتعلم من أخطائنا، وأننا نتخذ خطوات مميزة كثيرة ثم نقدم على حركة سيئة يضيع معها كل شييء.. وأمام "الفضيحة" التي منيت بها مصر عجز الجميع عن الرد والدفاع عن موقفنا، خصوصا بعد أن تبنت دول أخرى مشروع القرار ونجحت في تمريره وسجلت "الإنجاز التاريخي" باسمها. ليبرر مندوب مصر بالأمم المتحدة سحبه المشروع بسبب "الضغط والمزايدات"، ويكمل المتحدث باسم وزارة الخارجية منظومة الفشل بقوله "سحبنا مشروع إدانة الاستيطان لأننا محبناش نخسر الإدارة الأمريكية الجديدة بسببه.. ونحن بحاجة إلى دعمها للقضية الفلسطينية مستقبلًا أكبر من الآن".. حرام عليكم فضحتونا!!

الجريدة الرسمية