شركاء «مجرم» مجلس الدولة!
لم تكن ضربة الرقابة الإدارية أمس بالقبض على موظف مجلس الدولة هي الأكبر، فهناك قضايا أخرى أكبر منها من حيث الخطورة والحجم في قضايا للدولة نفسها مثل استعادة أرض بامتداد مطار القاهرة من أحد رجال الأعمال الكبار ثمنها 800 مليون جنيه، كما أن للرقابة الإدارية قضايا أكبر ربما أشهرها فساد القمح والفساد في أعمال إنشائية كبرى أو مشتريات لسلع أساسية من الخارج.. إنما كانت ضربة الأمس الأكثر تأثيرًا لغرابة مشهد السيولة المالية وطريقة عرضها وما تلاها من أسئلة مهمة عن سر احتفاظ المتهم بكل هذه الأموال بمختلف عملاتها في بيته وكانت أمامه وسائل أخرى لإخفائها..
بالانتقال إلى تفاصيل الجريمة نقول إنه بأي حال من الأحوال لا يمكن أن تكون مشتريات مجلس الدولة ولا حتى كل مجالس مصر تصل إلى المبلغ المضبوط وقدره 150 مليونا من الجنيهات المصرية فما بالنا إن قلنا إن كانت هذه أموال رشوة لإسناد المشتريات إلى شركات أو جهات خاصة بعينها فسنكون أمام مشتريات تصل إلى أضعاف اضعاف المبلغ المضبوط وهذا مستحيل حتى في السنوات العشر الأخيرة لمجلس الدولة..
الأمر الثاني أنه لا معني لطلب الرشوة بالعملات الأجنبية.. والأمر الثالث هو الاحتفاظ بالأموال في البيت وكان يمكن للمتهم الاحتفاظ بها في شقة سرية أو خزائن في بنوك وفنادق ولذلك نقف أمام أعمال وجرائم أخرى للمتهم ستكشفها التحقيقات ربما منها تجارة العملة والأموال المضبوطة تؤكد خطورة بقاء مثل هذه التجارة حتى بعد تحرير العملة في يد شركات خاصة أو أن المتهم يتاجر في تجارة بعيدة عن أعين الأجهزة المختصة وهو أصلا موظف عام ممنوع من مزاولة أي أنشطة تجارية..
والأمر الثاني هو أن جرائم الرشوة لا تقع أبدا من طرف واحد، وبالتالي فالشعب من حقه أن يعرف الأطراف الأخرى التي دفعت هذه الأموال أو جزءًا منها ولماذا دفعتها وفي أي شيء كانت والتوصل إلى هؤلاء سيشكل ردعًا مهمًا لجرائم قد تحدث في المستقبل..
الأمر الثالث وجود حل جذري يضع حدًا لبقاء مثل هذه الوظائف المهمة والحساسة في يد موظف واحد أو إدارة واحدة بغير رقابة مباشرة والأمر الرابع الذي ينتظره المصريـون هو تشديد العقوبات وتغليظها وخصوصًا أن سرقة أموال شعب فقير هي جريمة الجرائم !
وأخيرًا نقول إننا كتبنا عدة مقالات عن جهود الرقابة الإدارية ومعها مباحث الأموال العامة وقلنا إن الحرب على الفساد غير مسبوقة لأننا نقف أمام فساد غير مسبوق ينهش في مصر وعلى مدى أكثر من 40 عاما وتصاعد منذ إلغاء الرئيس السادات للرقابة الإدارية عام 1980 وحتى رد الاعتبار لها ولدورها بعد تولي الرئيس السيسي المسئولية وبدعمه المباشر لها ومتابعته عن قرب لنشاطها..
وهو ما يدفعنا للحشد الشعبي الداعم لكل إجراءات مكافحة الفساد وهو ما يتطلب وعيًا غير مسبوق أيضا للمصريين يجعل من كل منهم أمينًا على أموال الشعب والوطن وأن يقاوم كل منا الفساد في مكانه وموقعه وأن ننشر على نطاق واسع أرقام كل الجهات الرقابية فلا يمكننا أن ننتظر 40 عامًا أخرى للتخلص من فساد متراكم ومركب ومتشعب في الجهاز الإداري بل علينا -كشعب وأجهزة - إنجاز المهمة وبأسرع وقت ممكن !