رئيس التحرير
عصام كامل

مقترح زيادة أسعار الأدوية يشعل الأزمة.. الصيادلة: المفاوضات تمت في الغرف المغلقة.. الأطباء: الشركات الأجنبية نجحت في فرض شروطها.. «الحق في الدواء»: القرار مخالف للقانون ونطعن عليه


اشتعلت أزمة توفير الدواء مع الإعلان عن وجود نية للحكومة برفع أسعار الأدوية بداية فبراير المقبل، وامتناع الشركات عن توريد الأدوية وإنتاجها طمعًا في الزيادة المقررة.


مقترح الكوارث
وقال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن مقترح زيادة أسعار الأدوية الجديد الذي تم بين وزير الصحة وشركات الدواء به كوارث، منها أن الأدوية المرشحة للزيادة ستقوم الحكومة برفع سعرها مرة ثانية في أغسطس ٢٠١٧ حسب أسعار الصرف في الأسواق وهو إقرار من الحكومة بوجود نوايا لتحرير سعر الدواء وترك تحديد أسعاره حسب أهواء الشركات.

ربط أسعار الدواء
وأضاف أن ربط أسعار الدواء بسعر الصرف يعني أن الدواء لم يصبح مسرعًا جبريًا، محذرًا من حدوث ذلك حيث يوجد مستحضر سعره ٥٠ جنيها سيُصبِح بعد زيادة فبراير بـ ٧٥ جنيهًا، ثم بعد أغسطس لو زاد سعر الصرف سيقفز مرة أخرى ليصل إلى ١٠٠٪‏، وهو أمر مخالف لأحكام القانون ١٦٣ لسنة ١٩٥٩ بشأن التسعير الجبري للأدوية.

وأوضح أن شركات الدواء التي امتنعت عن الإنتاج من ثلاثة شهور ضغطت عن طريق مراكز نفوذ لها في صنع القرار بوزارة الصحة واستخدمت آليات حديثة لتهيئة الرأي العام.

توقف إنتاج الشركات
وأشار إلى أن موافقة الحكومة ضمنيًا على زيادة ١٥٪‏ لكل شركة نتيجته توافر إنتاج نحو ٣ آلاف صنف فقط من ١٣ ألف صنف مسجلين في وزارة الصحة إذ ستتوقف الشركات عن إنتاج ٨٥٪‏ من باقي الأدوية التي لم تشملهم الإتفاقية عن الإنتاج بعد أن قدمت الحكومة موافقة ضمنيًا للشركات والتي لن تنتجها انتظارًا لتنفيذ الحكومة اتفاقها بزيادتها كمرحلة ثانية تبدأ في أول يوليو المقبل بحسب أسعار الصرف في الأسواق.

حجة الجرد السنوي
وأكد "فؤاد"، أنه حتى تطبيق القرار تمتنع الشركات الموزعة عن طرح الأدوية في الصيدليات انتظارًا لبيع ما لديها بزيادة ٥٠٪ وهو ما حدث منذ عشرة أيام إذ تمتنع شركات عن التوزيع بحجة وجود جرد سنوي، ما سينتج عنه كارثة للمرضى وخسارة فادحة لنحو ٦٥ ألف صيدلية، وهو أمر متعسف ويضيع حقوق المرضى وستحول الأخطار حول حياتهم، ما سينعش السوق السوداء استغلالًا للموقف وتحميل المرضى فواتير باهظة.

الطعن على القرار
وأوضح أن المركز المصري للحق في الدواء سوف يطعن على قرار رفع الأسعار أمام المحاكم الإدارية؛ لأنه يخالف أحكام القانون ١٦٣ بشأن التسعير الجبري للأدوية ويفتح باب لتحرير سعر الدواء الذي تطالب به المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدولي.

فيما أكد الدكتور محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن الصيدلي المصري يئن من نقص الأدوية، وهو يمثل الحلقة الأقوى والأكبر في منظومة الدواء المصري.

وأضاف أن وزارة الصحة تعمدت عدم دعوة نقابة الصيادلة لمفاوضات الغرف المغلقة التي تمت بينها وبين الشركات في إهدار صريح للقوانين المنظمة التي جعلت من نقابة الصيادلة شريكًا كاملًا في وضع وتحديد السياسات الدوائية في مصر.

وأضاف أن النقابة خاطبت وزارة الصحة مرارًا وتكرارًا لحل أزمات قطاع الدواء وانتشال هذا القطاع من حالة التشتت وإنقاذ مرضى مصر من تكدس الأدوية منتهية الصلاحية التي ترفض شركات الدواء ارتجاعها دون وجه حق وتتخاذل وزارة الصحة عن إلزامها بذلك.

وتابع: "النقابة لم تجد إلا أذان صماء وعقول متحجرة وانتصارًا لرؤية الشركات وأصحاب رءوس الأموال في توجه يثير الشك والريبة".

حالة بلبلة
وأضاف أن تسريب مسودات وتفاصيل المفاوضات مع الوزارة أدى إلى حالة من البلبلة في الشارع المصري وتقليل الكميات المنتجة من الأدوية انتظارًا للزيادة المزعومة في حلقة جديدة من حلقات سوء إدارة الأزمة.

نفق مظلم
قالت الدكتورة منى مينا، وكيل النقابة العامة للأطباء، إن مشكلة نقص الدواء المصري تدخل في نفق أكثر إظلامًا، وذلك حال الإقرار النهائي لمقترح وزارة الصحة الذي يناقش حاليًا، بزيادة نسبة محددة من الأدوية نحو 15% تختارها كل شركة دواء محلية أو أجنبية من منتجاتها على حدة.

وأضافت أن الشركات سوف تختار الأدوية الأكثر انتشارًا والأغلى لتعظيم الأرباح، بالتالي تزداد أسعار أغلب الأدوية المتداولة نحو 30- 500%، أما الأصناف التي لن ترتفع فيستمر النقص الشديد لها حتى ترضخ وزارة الصحة لزيادتها في أقرب وقت.

وأوضحت "مينا"، أن لكل مادة دوائية عالمية نحو 122 مثيلا من إنتاج شركات مختلفة والمثائل المرتفعة الثمن سعرها نحو 10-20 ضعف المثائل الرخيصة، كما أنها لن تخسر حتى مع تضاعف سعر الدولار والاستجابة لرفع سعر المثائل الغالية ليس له معنى سوى الرضوخ لضغط شركات الدواء العالمية القوية التي تنتج المثائل الأغلى.

وأكد أن الحل هو رفع سعر المثائل الرخيصة، التي تنتجها دائمًا الشركات المحلية المعرضة للخسارة، وبالتحديد المثائل الأرخص لها؛ لأن كل شركة لها بعض المنتجات مرتفعة السعر وبعض المنتجات رخيصة السعر، مشيرة إلى أن الاعتماد على الإنتاج المحلي يعني انخفاض سعر الكثير من الأدوية بدلا من الاستيلاء التدريجي للشركات الأجنبية على كامل سوق الدواء، في حال إفلاس الشركات المحلية، وتمكن الشركات متعددة الجنسيات أكثر فأكثر من التحكم في كامل سوق الدواء.

وتابعت: "تجاهل الحلول يعني استمرارًا في السير في نفس الطريق الذي أنتج الوضع الكارثي الحالي، فستكون له نتائج مرعبة على سعر الدواء، وعلى شركات الدواء المصرية وعلى الاقتصاد المصري".
الجريدة الرسمية