الضبعة وسر الإعلان المفاجئ عن توقيع «الخميس»!
فجأة تعلن وكالة "سبوتنيك" الروسية نقلا عن مصادر مسئولة في شركة "روس أتوم" الروسية لم تذكرها عن أن الشركة قد توقع عقد محطة الضبعة النووية مع مصر الخميس القادم رغم أن "يكولاى سباسكى" نائب رئيس الشركة نفسها قال في 22 نوفمبر الماضى حرفيا "أن الشركة تعول على توقيع عقد بناء أول محطة كهروذرية في مصر في وقت قريب" ومثل هذه التعبيرات الدبلوماسية تعني أن الموعد لم يحدد وأن المفاوضات لم تنته وأن هناك مشكلات عالقة يريد نائب رئيس الشركة تحميلها ضمنيًا لمصر !
إذن.. ما معنى الإعلان المفاجئ؟ وما معنى وصفه في المصادر الإعلامية الروسية بأنه "هدية روسيا لمصر"؟ بينما نلحظ أن رد الفعل المصري يوحي بوجود أزمة مكتومة بخصوص المشروع، إذ قال الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء إن "البينة على من ادعى"!
إذن لماذا فجأة؟ ولماذا الخميس؟ في اعتقادنا أن الخميس هو آخر أيام عام 2016 بما يمكن لأي وفد روسي العودة إلى بلاده وحضور احتفالات رأس السنة هناك، وبالتالي يبدو أن هناك إصرارًا روسيًا على إنجاز التعاقد قبل انتهاء العام.. وربما كان لذلك عدة أسباب وهي التحسن المتوقع في العلاقات المصرية الأمريكية والتفاهم المصري الأمريكي المشترك الذي قد يصل إلى حد التحالف في مواجهة الإرهاب (تحالف لمحاربة الإرهاب وليس رهانات مصرية تقضي بالاعتماد الكامل على الولايات المتحدة كما يشيع البعض)، ورغم أن هذا السبب ليس جديدًا على روسيا فإن رسائل مصرية سياسية وصلت إلى موسكو الأيام الماضية تبرز عتابا مصريا عن تأخر رفع حظر الطيران الروسي والمصري من وإلى القاهرة وموسكو والعكس بينما لم تتم إجراءات مماثلة مع تركيا مثلا التي أسقطت طائرة روسية عسكرية وقتل على أرضها السفير الروسي، وهنا نلحظ بدء رحلات طيران تجاري بين البلدين إذ أقلعت قبل يومين طائرة مصر للطيران لنقل سلع وخضراوات إلى روسيا !
هناك أسباب أخرى ربما يكون لها تأثير مهم منها مثلا قرب الإعلان عن صفقة سياحية كبيرة جدًا بين مصر وإحدى الدول الكبرى أنجزته إحدى الشركات الخاصة قد ينهي في حال إتمامه انتظار مصر للسياحة الروسية وبالتالي التخلص من ورقة ضغط على مصر أرهقتنا طوال الأشهر الماضية!
على كل حال.. ما يجري ليس صدامًا ولا خلافًا ولا حتى أزمة شاملة مكتومة وإنما يمكن تفسيره في رغبة روسيا معرفة قدرة مصر ورغبتها في التعاون مع روسيا وإلى المدى الذي يمكن أن نصل إليه في العلاقات خصوصًا أن عتابًا روسيًا تاريخيًا على مصر التي حاربت وانتصرت بسلاح روسي في أكتوبر 73 وقبلها أسهمت روسيا في بناء بنية صناعية عملاقة في مصر، فضلا عن السد العالي وقبلها الإنذار الروسي ضد العدوان الثلاثي في 56 ثم فوجئت بإرسال مصر مقاتلين للحرب ضدها في أفغانستان !
إلا أن مصر استطاعت بعد 30 يونيو القفز بمستوى التعاون إلى مستويات غير مسبوقة منذ الستينيات تجلى في صفقات أسلحة مهمة وتنسيق سياسي شامل وتعاون اقتصادي في مشاريع القناة وغيرها، ثم يأتي الإعلان المفاجئ عن توقيع عقد محطة الضبعة ليؤكد -في حال صحته- قرب انطلاق التعاون المصري الروسي ووضعه على مساره الصحيح مرة أخرى وفي مشروع عملاق يوفر وحده نصف احتياجات مصر الحالية من الكهرباء وبما يعظم قدرات مصر الأخرى من الطاقة واكتشافاتها وقدرتها على تنوع توظيفها ليكون العقد فعليًا بمثابة "هدية روسية رائعة في ختام 2016" !