رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس صندوق التنمية الثقافية: لسنا «دجاجة تبيض ذهبا».. ولا نتلقى أموالا من الدولة


* دخل الصندوق لا يغطي 50% من مصروفاته
* 70% من لجان الملتقيات "شباب".. والكبار "وتد الخبرة"
* صندوق التنمية "بيئة طاردة للمتكاسلين" والفساد ممنوع


"من فصول الباليه والرقصة الأرقى بالعالم، إلى رئاسة مكتب إداري بحت أكثر من 13 عامًا".. هي الدكتورة نيفين الكيلاني رئيس صندوق التنمية الثقافية، تلك المرأة الناعمة التي تولت عمادة معهد الباليه وتربت منذ صفوفها الابتدائية الأولى بأكاديمية الفنون كطالبة بالمعهد، ثم دكتورة فيه حتى وصلت إلى عمادته، قبل إدارتها لدفة التنمية الثقافية.. حتى أصبحت وزارة الثقافة بمثابة البيت الذي ولدت فيه، فوجدت نفسها تحبو على أبوابه.

وخلال الأشهر الأخيرة، اختارها الكاتب الصحفي حلمي النمنم لرئاسة الصندوق لتكمل في رئاسته عاما كاملا في هدوء وسكينة، بلا بلبلة للرأي العام أو مشكلات إدارية.. وفي حوار أجرته "فيتو" مع الكيلاني، جاء على النحو التالي:


*خلال عام من رئاستك للصندوق ما أبرز المعالم الرئيسية التي وضعتيها لإدارتك؟
أولا كان يجب أن أهتم بإنهاء جميع الملفات المفتوحة على مكتبي سواء كانت مشروعات هندسية أو احتفاليات، ثم كانت أول أهدافي العامة منذ إبلاغي برئاسة الصندوق، تتمثل في تنمية الموارد الذاتية له، وهي مهمة في غاية الصعوبة خاصة بعد تأثر دخل الصندوق نتيجة انفصاله عن الآثار، حيث كان دخله يعتمد بنسبة 70% على نسبة الـ 10% الواردة له من قطاع الآثار، وبعد انفصال وزارة الثقافة عن الآثار توقف ذلك المورد تمامًا، وكانت تلك النسبة تمول مجموعة كبيرة من مشروعات القطاع خاصة الهندسية منها.

*إذن ما أكثر الجوانب التي تأثرت في الصندوق بفصل الآثار عن الثقافة؟
أكثر الجوانب هي جزئية إنشاء المكتبات، وهي تعتبر من أهم المهام الموكلة للصندوق لإنشاء مكتبات في المحافظات والمناطق النائية، وكان معدل إنشاء الصندوق السنوي لها تقريبًا 10 مكتبات قبل انفصال وزارة الثقافة عن الآثار، أما بعد انفصالهما انخفض هذا المعدل منذ عام 2011 ليصل إلى 3 مكتبات سنويًا فقط.

*وما الثلاث مكتبات التي أنجزها الصندوق خلال عام 2016؟
افتتحنا مكتبة البداري في أسيوط، وهناك مكتبة ثانية في مدينة العريش بسيناء، ولكن افتتاحها مؤجل نظرًا للظروف الأمنية التي تمر بها سيناء خلال هذه الفترة، أما المكتبة الثالثة فهي واحة باريس ويعمل الصندوق حاليًا على إنجازها ليتم افتتاحها خلال الشهر الجاري.

*ما الركائز الأساسية التي اتبعتيها في تنمية موارد ودخل الصندوق؟
بعد رئاستي للصندوق تلقيت عدة مقترحات لتنمية الموارد، كان أبرزها إعادة النظر في النسب المخصصة للصندوق من التراخيص وتذاكر السينما والمسرح، حيث كان مخصص للصندوق قرشا واحدا من كل تذكرة سينما وهي عملة غير موجودة من الأساس، لذا طلبنا زيادة تلك النسبة ولكن ما زال الأمر حيز المناقشة والنظر وبانتظار الموافقات والإجراءات الرسمية، لتطبيقه بشكل رسمي.

*على الرغم من تلك الأزمات المالية، لمَ تعول قطاعات الوزارة وتلقي بعبئها المادي على الصندوق؟
لأن هناك تصورا دائما بأن الصندوق هو "الفرخة اللي بتبيض ذهب"، وهي شائعة لا أساس لها من الصحة ولا وجود لها على الإطلاق.

*كانت هناك إشارات حول أن الصندوق غارق في الديون.. فهل هذا صحيح؟
ليست ديون بالمعنى المعروف والمطلق، وإنما يسحب الصندوق من رصيده، فالميزانية تقاس بمعيار الدخل والإنفاق، ومصاريف الصندوق حاليًا أكبر من دخله لذا نضطر للسحب من الرصيد لأننا نعمل بنظام الموارد الذاتية فلا نتلقى أي ميزانية من الدولة، وحاليًا دخل الصندوق بعد انفصال الآثار يغطى نسبة أقل من 50% من مصروفاته وميزانيته، على الرغم من تخفيضنا للمصروفات بشكل كبير إلا أننا ما زلنا نعاني من نفس الأزمة المالية.

*وما الموارد الذاتية للصندوق، خلاف نسب تذاكر السينما؟
جزء من ميزانية الصندوق يكون عبر المنشآت التي يمتلكها ويحق له تأجيرها مثل كافيتريا الهناجر الواقعة بساحة دار الأوبرا المصرية، ومنافذ البيع المختلفة للكتب ومنتجات مركز الحرف التقليدية بالفسطاط، إضافة إلى المعارض الخارجية والداخلية لمنتجات الحرف.

*مشروع الـ "بوك بانك" تحولت صناديقه في الهناجر والزمالك إلى مجرد صناديق فارغة أو لا تفرغ باستمرار.. فما جدوى المشروع إن لم يكن منفذا؟
أولا المناطق الموجود بها صناديق فارغة ليس عيبًا فينا، وإنما هي فارغة لإن المواطنين لا يضعون ولا يتبرعون فيها بكتبهم، أما باقي الصناديق فيتم تفريغها كل ثلاثة أشهر، حيث توجد لجنة مشكلة من صندوق التنمية تتابع المشروع، وبعد التفريغ تتشكل اللجنة لفرز الكتب الموجودة داخل الصناديق، ما يصلح للاستخدام يتم تحويله للمخازن لتوزيعه على المكتبات التي يتم إنشاؤها من خلال الصندوق بشكل سنوي أو كدعم لوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وقصور الثقافة، وما لا يصلح يتم استبعاده والإبقاء عليه في المخازن فقط، ويتم تقديم تقرير دوري بمستجدات المشروع لي.

*يعيب البعض على احتكار أسماء وأشخاص بعينها لملتقيات ومهرجانات الصندوق وعدم الاستعانة بالشباب.. فما ردك؟
على العكس تمامًا.. وأقرب مثال هو ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، فلجنته أغلبها من الشباب والجيل الجديد بنسبة تتعدى الـ 70%، ولا يوجد سوى شخص أو اثنين من الرواد، وهو ما يجب علينا فعله، فلا يمكن أن تقتصر اللجان على الشباب فقط أو الكبار فقط، وإنما يجب أن تتوازى بين هذا وذاك لعمل شبكة من تواصل الأجيال وتبادل الخبرات، فلا يمكن لأي جهة الاستغناء عن روادها لأنهم مثال حي للعطاء يجب الاستفادة من خبراتهم.

*هناك بعض المطالبات التي تنادي بإلغاء الصناديق التابعة للهيئات والوزارات.. فهل يسري الأمر على صندوق التنمية الثقافية؟
لا أعتقد فنحن قطاع ذو موارد خاصة لا يتلقى ميزانية من وزارة الثقافة ولا نسبة من أجور العاملين، فتلك المطالبات كانت تنادي بإلغاء أو ضم الصناديق الخاصة لميزانية الدولة، لأن هناك بعض الصناديق التابعة للهيئات لاتعلم عنها الدولة أي شيء.. وهو ما لا ينطبق على الصندوق لدينا، فعلى الرغم من أنه يحمل نفس مصطلح "صندوق" في تسميته، إلا أنه يختلف في نظام العمل عن باقي صناديق الدولة.

*ما المشاريع الهندسية التي يعمل الصندوق على الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة؟
أولا مكتبة واحة باريس في الوادي الجديد، إضافة إلى الجزء الثاني من المرحلة الأولى لمركز الفسطاط، حيث يتم فيه إنشاء متحف للمقتنيات الخزفية وأفران خزف وزجاج جديدة، إلى جانب بناء استوديوهات للفنانين يتم تأجيرها، ومتحف نجيب محفوظ في تكية أبو الدهب، وسيتم الانتهاء من تلك المشاريع في مدة أقصاها 6 أشهر.

*في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية وتحرير سعر الصرف، كيف سينعكس هذا على الصندوق؟
لن يشعر بتلك الأزمة الفنانين المتعاملين مع الصندوق، ولا الجمهور الذي يحضر فعالياته، وإنما إدارة الصندوق هي من ستشعر بوقع الأمر في الموارد المالية، من خلال المشاركات في المعارض الخارجية، حيث نتعامل فيها بالعملة الصعبة.. أظن أنه من الصعب إلغاء المشاركات الدولية، فسنحاول الحفاظ على مشاركاتنا، ولكن بإيجاد خطط بديلة لمواجهة الأمر.

*النظام الإداري مترهل يعاني من الفساد، فما أوجه الفساد التي أوقفتها منذ عملك برئاسة الصندوق؟
لا أريد تكرار كلمة فساد، فأنا لم أجده منذ رأست إدارة الصندوق، فعلى الرغم من وجود ترهل في النظام الإداري للدولة إلا أن نظام العمل بالصندوق ما زال متماسكًا، فمن يأتي للعمل به ويتكاسل يجد نفسه منزويًا في النهاية.. لذا أريد أن أؤكد على أن الصندوق بمثابة بيئة طاردة للمتكاسلين.

*أُشيع أنه تم تجديد ندبك لرئاسة الصندوق فترة جديدة.. فهل هذا صحيح؟
حتى الآن لا.. فموعد التجديد لم يحن بعد.

*إذن لو تم تجديد ندبك مرة أخرى، هل تصح الإشاعة المترددة حول انتهاكك للقانون باجتيازك لفترة الندب المحددة قانونيًا؟
أولا هناك مستشار قانوني للوزارة يبحث تلك الأمور القانونية البحتة، نعم أنا أعمل بالصندوق منذ فترة طويلة تقرب على 13 عامًا، ولكن أعمل تحت مصطلح إشراف فني على مشروع لبعض الوقت وهو ما لا يعد انتدابًا كاملا، أما عملي خارج أكاديمية الفنون بمصطلح "الندب الكامل" لم يتجاوز عاما واحدا منذ رئاستي للصندوق، وهو ما لا يخل بقانون الندب في الدولة، ولا يعد انتهاكًا للقانون وتجاوزه.
الجريدة الرسمية