«تغـــــريق».. لا «تعــــويم»
يبدو أن فرحتنا بأنباء انهيار سعر الدولار بعد قرارات 3 نوفمبر 2016 وانتصار الدولة على تجار الورقة الخضراء، ستكون مثل فرحتنا ببيانات "أحمد سعيد" في صوت العرب صباح يوم 5 يونيو 67.."فنكوش".. لأن الجنيه لم يَعُوُمْ، بل غَرَقَ وسار بكل أسف في سكة "اللى يروح مايرجعش".. وأصبح الدولار يلامس العشرين جنيهًا.
يوم 2 نوفمبر الماضي كتبت متفائلًا وقلت بالحرف إن الشعب المصري بأكمله في معركة، يترقب بشغف أخبار انتصار الدولة على المضاربين المجرمين الذين يكتنزون الدولار كما كان يتابع أخبار انتصار أكتوبر المجيد، نتمنى أن يكتمل النصر ويصبح حقيقة، سوف يرينا الله فيهم قدرته ويخسرون و يخسأون، سوف تنتصر مصر على هؤلاء المجرمين الذين ينهشون اقتصاد وجسد الوطن المنهك من أجل مصالحهم الانتهازية القذرة.
الحقيقة المؤكدة على مر تاريخ مصر، أنه لم يحدث تراجع في سعر الدولار أمام الجنيه أبدًا، أقول ذلك ردًا على من كانوا يزعمون أن الدولار سيهبط بعد التعويم إلى عشر جنيهات.
بعض الدول التي تفوق صادراتها وارداتها بكثير مثل اليابان، على سبيل المثال تسعى لتخفيض سعر عملتها الوطنية أمام الدولار، لأن ذلك يعني أنها ستجلب مزيدًا من العملة الصعبة لها، لكن في حالة مصر التي تستورد كل شيء، يصبح قرار تعويم عملتها الوطنية أمام الدولار مصيبة كبرى، حيث ارتفعت أسعار كل شيء ارتفاعًا جنونيًا غير مسبوق في تاريخها، بحيث لم يعد يصلح لمواكبتها سوى تضاعف دخول المصريين بأكثر من 120%، وهذا بالطبع مستحيل في دولة ضاعفت رواتب و أجور موظفيها من 96.2 مليار جنيه، إلى 228 مليار "من لحم الحي" في 6 سنوات بنسبة 230% تقريبًا.
منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى الآن يظل عبد الناصر هو أفضل رئيس مصري حافظ على كرامة الجنيه، فطوال 16 عامًا من حكمه، ورغم ما تعرضت له مصر من حروب ومؤامرات لكسر شوكتها بدءا بالعدوان الثلاثي، ومرورًا بخطيئة استنزاف قدرات الجيش المصري بالدفع به إلى اليمن، وانتهاءً بهزيمة 67 وحرب الاستنزاف، لم يفقد الجنيه سوى 4 قروش فقط من قيمته، بينما فقد الجنيه 950% تقريبًا من قيمته في 30 سنة هى فترة حكم المخلوع مبارك.
وإذا كان خبراء الاقتصاد يؤكدون أن قوة أي دولة تنبع من قوة عملتها.. فالأرقام التالية تعطي دلالات على منحنى هبوط الجنيه المصري الذي كان أقوى من عملة بريطانيا العظمى حتى عام 1952.
تسلم فاروق السلطة وكان الدولار يساوي 25 قرشًا وتركها وكان يساوي 36 قرشًا [هبوط 45% في 16 سنة]
ترك عبد الناصر السلطة وكان الدولار يساوي 40 قرشًا [هبوط 8 % في 16 سنة]
ترك السادات السلطة وكان الدولار يساوي 60 قرشًا [هبوط 50 % في 11 سنة]
ترك مبارك الحكم وكان الدولار يساوي 5.88 جنيه [هبوط 950% في 30 سنة]
ترك المجلس العسكري السلطة وكان سعر الدولار يساوي 6.07 جنيه [ هبوط 3% في 15 شهرًا]
ترك مرسي السلطة وكان سعر الدولار يساوي 7.05 جنيه [هبوط 20% في سنة]
ترك الرئيس المؤقت عدلي منصور السلطة وكان الدولار يساوي 7.18 جنيه [ هبوط 1.8% سنة]
اليوم ونحن في نهاية عام 2016 وصل سعر الدولار في عصر الرئيس السيسي إلى 19.20 جنيها [هبوط نحو 300% في عامين ونصف].