رئيس التحرير
عصام كامل

ليبراليون اشتراكيون ومنى مينا وسمك لبن تمر هندي!


يقر صاحب هذه السطور بما سبق وأعلنه عشرات المرات بمختلف وسائل الإعلام المتاحة من أنه من أنصار التخطيط الشامل وأنه من أنصار دور كبير للدولة في المجتمع وأولها طبعًا الخدمات الصحية باعتبارها احتياجًا فوق أساسي إن جاز التعبير..

وللدخول في الموضوع مباشرة فنحن نقف الآن أمام مكلمة لا طائل منها أصبحت نقابة الأطباء طرفًا فيها بقيادة الدكتورة منى مينا.. بينما الأزمة تتلخص في معادلات بسيطة كالآتي:

-الرئيس السيسي تكلم قبل يومين عن حلول لإعادة تشغيل المستشفيات التكاملية.

-المستشفيات التكاملية شكل من أشكال تقديم الخدمة الصحية أسسها وزير الصحة الأسبق الدكتور إسماعيل سلام.

-بعد تولي الدكتور حاتم الجبلي، وزارة الصحة، ألغى "التكاملية" فتوقفت عن العمل رغم أن الهدف منها كان تقديم خدمات صحية في القرى والنجوع البعيدة عن المستشفيات العامة وهذا لغز يحتاج إلى تحقيق!

-تحول الكلام وعلى غير الحقيقة من إنقاذ 377 مستشفى كانت في الأصل 522 وتآكلت إلى الرقم السابق إلى خصخصة الخدمة الصحية ذاتها خصوصًا وعامة الناس لا يعرفون أن أنواع المستشفيات في مصر هي "عامة ومركزية وتعليمية وتأمين صحي وتخصصية" لم يقترب منها أحد ولن يستطيع أن يقترب منها أحد لأنها محمية ومحصنة أصلا بالدستور!

- أصبح الحال هو أننا أمام مئات المستشفيات التي لا تعمل ولا يوجد لها الآن مخصصات لتعود للعمل وإعادتها للعمل هو ما ينقذ الفقراء فعليًا وليس بقاءها مغلقة، وبالتالي فإما أن يسند عدد منها إلى هيئات أخرى مثل القوات المسلحة أو الشرطة أو هيئات خيرية أو استثمار مشترك مع القطاع الخاص بشروط تعاقدية ملزمة، على أن يعاد ضخ هذه الأموال من عائد الاستثمار المشترك من العدد المختار من المستشفيات في العدد الأكبر الآخر من المستشفيات المغلقة..

وهنا المعادلة واضحة وسهلة لا تحتاج لأي جدل ومع ذلك تجدهم يعودون ليكررون الكلام نفسه من أنها محاولة لخصخصة الخدمات الصحية رغم أنها مصانة بنصوص الدستور فسيقولون لك إنها مقدمة للخصخصة، وستكرر لهم الكلام أنها محمية بالدستور وهكذا وكأنك في حوار طرشان..

أو يقولون "تريدون حرمان الفقراء من الخدمة الصحية" رغم أنهم محرومون منها فعلا بسبب إغلاق هذه المستشفيات ووجودها ولو اعتبروا مثلا أن عدد هذه المستشفيات 200 مستشفى، وكأن الباقي وعدده 177 غير موجود لكسب الفقراء 200 مستشفى هم ونحن في أشد الاحتياج لها ويمكن من العائد المفترض العودة لبناء مستشفيات تكاملية أخرى جديدة!

ورغم المعادلة السهلة السابقة ستجدهم يرفضون ويعترضون وإذا سألتهم سيقولون "تظل مغلقة أحسن" كما قال أحدهم في برنامج "العاشرة مساء" أمس !

الآن: ما الذي يجعل الليبرالي اشتراكيًا فجأة ؟ ويدافع عن الملكية العامة وحقوق الفقراء والغلابة فجأة؟ رغم أنه ضدهم فعليًا في كل مواقفه الأخرى؟ وما الذي يجعل الاشتراكي ليبراليًا فجأة ينسى دور الدولة وحقوق المجتمع بحجة الخوف على الحريات؟! ما سر هذه السيولة التي تحمل مكايدات سياسية أكثر مما تحمل من غيرها؟! ماذا تريدون من هذا البلد بالضبط ؟ هل تريدون بقاء مشكلاته بلا حلول ؟ هل تريدون وقف عجلة أي حركة للأمام ؟

وفي الأخير نقول إننا نريد دولة قوية تتخذ قراراتها وفقًا لمصالح الناس إنما الاستمرار في التردد في القرارات والمواجهات المصيرية من التصدي لجشع التجار ولصوص الشعب ومن يقف خلفهم من كبار الفاسدين إلى التردد في التصدي لمن يعرقلون أي حلول يستفيد منها الفقراء وغير القادرين بحجة الدفاع عنهم فسنجد أنفسنا جميعًا أمام شلل تام وأمام تناقضات كارثية من المستحيل أن تستمر كما هي وإلا سندفع ثمنها باهظًا !!
الجريدة الرسمية