بالفيديو.. حكاية بطل عملية خطف «ابن عمة ملكة بريطانيا» في بورسعيد
"خطف الضابط أنتوني مورهاوس ابن عمة ملكة بريطانيا عام 1956" قصة بطولة يتناقلها أهالي محافظة بورسعيد وتغنوا بها على السمسمية، ويقصها الأجداد للأحفاد في ذكري جلاء العدوان الثلاثي كل عام.
بداية القصة
وتعود أحداث القصة إلى فترة وجود اتفاقية على تبادل الأسري، وجاءت أوامر للمقاومة الشعبية ببورسعيد بخطف الضباط الإنجليز لاستبدالهم بأسري مصريين، وكان معروف عن "مورهاوس" أنه مغرور ويكره المصريين، فقرر أبطال المقاومة الشعبية اختطافه.
التقت عدسة «فيتو» بـ"مروج حمدالله" نجلة البطل "محمد حمد الله" قائد الفرقة الرابعة بالمقاومة الشعبية التي قامت بخطف الضابط "مورهاوس" لنتعرف منها عن قصة بطولة والدها، وعلاقة الرئيس جمال عبد الناصر بأبطال المقاومة الشعبية ببورسعيد.
قالت مروج: "بورسعيد كان بها عشرة مجموعات مقاومة شعبية، وكان والدي رئيس المجموعة الرابعة منها وعمره لم يتجاوز الـ20 عاما، وتكونت مجموعته من والدي محمد حمدالله، ومحمد سليمان، وأحمد هلال، وحسين عثمان، وطاهر مسعد، وعلى زنجير قائد السيارة رقم "57".
وتابعت: "في تمام الساعة السابعة صباح يوم 11 ديسمبر 1956، كان "موروهاوس" يقود سيارة جيب، ويطارد طفل يقود دراجة ليوقفه ويقتله، لأن في ذلك الوقت كان الإنجليز منعوا ركوب الدراجات بعد أن استخدمها الفدائيون في رمي القنابل على قوات الاحتلال".
واستكملت: "قامت مجموعة الفدائيين التي يقودها والدي باللحقاق بالضابط، وأثناء عملية مطاردة الضابط الإنجليزي للطفل، ارتبك الطفل فسقط من على دراجته فنزل إليه مورهاوس، فلحق به الفدائيون على الفور وتجمع حوله أهالي بورسعيد".
وتابعت: "نجح الفدائيون من إقناع الضابط الإنجليزي بأنهم ضباط مصريون، وسيأتون بالطفل له في مكان تجمع معسكر الاحتلال، ويجب على الضابط أن يرحل الآن حتى لا يفتك الأهالي به".
ضابط مغرور
واستدركت ساردة باقي القصة: "الضابط كان مغرورا، وبسبب ثقته الزائدة قذف الطبنجة الخاصة به في تابلوه السيارة، فخطفها أحد أبطال المقاومة وهي مازالت في الهواء، فقام والدي بتقييد حركة "مورهاوس" بحركة يطلق عليها "قيادة الأسير" ووضع إصبع في ضهر الضابط وكأنها مسدس فانهار مورهاوس تماما".
واستكملت: " قاد الفدائيون الضابط الإنجليزي إلى سيارة رقم 57 قيادة "على زنجير" أحد أعضاء المجموعة، وتوجهت السيارة إلى بلوكات النظام، وتم تجريد مورهاوس من متعلقاته الشخصية تماما والكارنية الخاص به، ثم كتفوا حركته بكلبشات ووضعوه في صندوق، ثم تخلصوا من سيارتهم الأصلية حتى ينجحوا من الفرار من قوات الاحتلال، واستخدموا سيارة خدمة المياه وهي سيارة مسموح لها بالمرور في حظر التجوال المفروض في الشوارع".
وتابعت: " توجه فريق المقاومة الشعبية ومعهم أحد رجال الشرطة المصرية والضابط "مورهاوس" إلى منزل بشارع عرابي حاليا، ووضعوا الصندوق الذي بداخله "مورهاوس" في الدور الأرضي، ولكنهم لم يلاحظوا أن الصندوق وضع "مقلوبا".
قوات المقاومة
وعن معرفة قوات المقاومة عن هوية ذلك الضابط، قالت نجلة بطل العملية لم يكن يعلم الأبطال أن "مورهاوس" هو ابن عمة ملكة بريطانيا، ولكنه كان بالنسبة لهم ضابط مغرور تم أسره لاستبداله بالضباط المصريين فقط.
وعن رد فعل قوات الاحتلال بعد خطف "مورهاوس"، قالت مروج: "بمجرد أن علم الإنجليز بعملية الخطف، جن جنونهم، وقاموا بعمل دوريات تفتيش في كل مكان ببورسعيد، وقاموا بعمل حصار وأسلاك شائكة ابتداء من شارع كسري حتى طرح البحر ومن شارع الأمين حتى شارع محمد، وهي منطقة كبيرة جدا، لمدة ثلاث أيام".
سر الفشل
وعن سبب فشل الإنجليز في الوصول إلى مورهاوس، قالت مروج: "السبب كان ضابط مصري من ضمن مجموعات البحث، يدعي "محمد المر"، حيث إنه كان مصاحبا لمجموعات التفتيش الإنجليزية، وقام بكتابه ""CLEAR على العقار المخبأة به مورهاوس دلالة لديهم بأن المنزل تم تفتيشه وخالي من "مورهاوس"، فظنت كل مجموعة بأن المجموعة الأخري فتشت ذلك العقار بالفعل".
وتابعت: " بسبب شدة الحصار وعدم قدرة الفدائيين لدخول العقار المخبأ به، ظل "مورهاوس" داخل الصندوق بدون أكل أو شرب ثلاث أيام، كما أن الصندوق كان مقلوبا، فلفظ أنفاسه الأخيرة، وعندما اكتشف الفدائيون الأمر، حفروا في المكان الذي كان مخبأ به ودفنوه".
واستكملت: "ظلت قوي الاحتلال تعذب أهالي بورسعيد للوصول لـ"مورهاوس" بكل وحشية، ضاربين بكل المواثيق الدولية عرض الحائط، فعلقوا المشانق وفتحوا خراطيم المياه الباردة على المواطنين العرايا، وجعلوا المواطنين يحفرون حفرا بأنفسهم ليدفنوا فيها، ولكنهم لم يصلوا إلى شيء، فاضطروا إلى الانسحاب من حي المناخ والعرب إلى حي الإفرنج الذي كان يقطن فيه "الأجانب المستعمرين".
وتابعت: "بعد الانسحاب، تم إخراج جثة "مورهاوس" ووضع رفاته في صندوق خشبي، ثم تم دفنها أمام مقابر "الأجانب" الكومنولث، وظل هناك حتى مرحلة المفاوضات وتبادل الأسري، وطلب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تسليم الجثة إلى البوليس الدولي، وعقب التسليم تم محاكمة مورهاوس في إنجلترا بعد وفاته بسبب تخاذله وتركه لسلاحه ووحدته دون أوامر".
زيارة عبدالناصر
وعن طبيعة العلاقة بين الراحل الزعيم عبد الناصر وبين حمد الله البطل والد مروج قالت: "عبد الناصر كان يزور بورسعيد في كل عيد قومي لها ويجتمع مع الفدائيين أبطال المقاومة الشعبية ومنهم والدي ليشاركهم الاحتفال بأعياد النصر، كما قام الرئيس أنور السادات والرئيس مبارك أيضا بمقابلة والدي، ومبارك كرم والدي في إحدي الاحتفالات".
وعلى صعيد آخر، أبدت مروج حمدالله حزنها من عدم تقدير الدولة لأبطال المقاومة الشعبية، قائلة: "والدي توفي عن عمر يناهز 65 عاما سنة 2001، أنا شايفة إن الدولة معملتش حاجة لأي بطل من أبطال المقاومة الشعبية»، منوهة بأنه كان من المفترض أن يطلق أسماءهم على شوارع أو ميادين ببورسعيد وخارج بورسعيد.
وتابعت، بالفعل لجنة التراث والتاريخ حددت شارع لإطلاق اسم والدي البطل "محمد حمد الله" عليه، قبل ثورة 25 يناير 2011، ولكن لم يتم تنفيذ أي شئ حتى الآن.
واختتمت نجلة بطل عملية خطف الضابط الإنجليزي ابن عملة ملكة بريطانيا قائلة: "أبطال المقاومة الشعبية دافعوا عن مصر وصدوا العدوان الثلاثي، بس دايما بورسعيد مهملة وخارج الخريطة وأبطالها مهمشين، والاهتمام فقط بأبطال أكتوبر، بالرغم من أن بطولة المقاومة الشعبية ببورسعيد 56 لا تقل عن بطولة أبطال حرب أكتوبر.