استهداف إخواننا الأقباط
هناك تصور واعتقاد لدى الإخوان وأنصارهم أن ثورة ٣٠ يونيو، ومن ثم الإطاحة بحكمهم، ترجع في المقام الأول إلى الإخوة الأقباط، الذين شاركوا فيها بنسبة كبيرة بلغت- حسب زعمهم - أكثر من ٦٠٪ من مجموع الثوار!.. وهذا هو سبب ارتكاب جرائم في حقهم، من حرق للكنائس والممتلكات عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين..
ولعل الجريمة الإرهابية التي قام بها الانتحاري محمود شفيق صبيحة الأحد ١١/ ١٢ بالكنيسة البطرسية وأدت إلى سقوط 27 من الضحايا (معظمهم من النساء والأطفال)، علاوة على أكثر من ٥٠ من الجرحى والمصابين، تؤكد أن الإرهابيين لا يستهدفون فقط رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، ومن يطلقون عليهم فقهاء السلطان، وإنما يستهدفون أيضا إخواننا الأقباط الذين شاركوا في ثورتي ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو..
وبغض النظر عن المشاركة في الثورتين، فلا يوجد دليل على أن ثورة ٣٠ يونيو قامت على أكتاف إخواننا الأقباط فقط.. فهل كانوا يرفعون صلبانهم أثناء الثورة، أو كانت لهم هتافات أو أزياء أو مظاهر خاصة تميزهم عن غيرهم؟ وحتى لو كانت مشاركتهم كبيرة كما يدعون، ألا يمثل هؤلاء الأقباط جزءا من نسيج هذا الوطن، لهم كافة حقوق المواطنة، وهم شركاء الوطن والقرار والمصير، ومن ثم يحق لهم أن يثوروا كغيرهم من المواطنين المسلمين؟ إن استهداف الأقباط في هذه المرحلة يعبر عن نقلة نوعية في عمل وتوجه الإرهابيين، خاصة بعد تضييق الخناق عليهم من خلال الضربات الموجعة التي وجهت إليهم في سيناء..
ويمكن القول: إن استراتيجية الإرهابيين تتلخص فيما يلي؛ أولا: تخفيف الضغط عليهم بنقل نشاطهم إلى القاهرة عن طريق ما يطلق عليه "الذئاب المنفردة"، ثانيا: تشتيت جهود الأجهزة الأمنية وإرباك استراتيجيتها، وتعويق نشاطها وشل فعالياتها، وثالثا: إنهم قادرون على الرد بشكل أكثر قوة وعنفا، وتأثيرا..
قيل: إن "الانتحاري" ومن معه تلقوا تعليمات وتوجيهات من مسئولي العمليات النوعية التابعة أصلا للإخوان، وقيل أيضا- حسب "رويترز"- إن "داعش" أعلنت عن مسئوليتها عن الحادث، كما أكدت نيابة أمن الدولة العليا أن المتورطين في الجريمة النكراء مرتبطون بتنظيم أنصار بيت المقدس..
عموما، لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن الهدف الذي يسعى إليه الإرهابيون-ومن يقف وراءهم- هو تصدع وتقويض النظام المصري، هز أمن واستقرار البلاد، زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة (السياسية والاستخباراتية والأمنية)، وضرب الاقتصاد المصري في مقتل عن طريق تجميد النشاط السياحي وهروب الاستثمار الأجنبي، الأمر الذي يلقي على الجميع مسئولية كبيرة..