رئيس التحرير
عصام كامل

خيبة حكومية جعلتنا مطية


هل يعرف رئيس الحكومة شريف إسماعيل ما يجري في البلد من مآس والتردي الذي أصبحت عليه؟! وهل يعرف طارق عامر محافظ البنك المركزي حجم النكسة التي آلت إليها بسياساته المالية والمصرفية؟!


سؤالان أعتقد أن لا هذا ولا ذاك لديهما القدرة على الإجابة عليهما. لأنهما غير مؤهلين لإدارة السلطة التنفيذية والمالية والمصرفية في مصر في هذا الظرف الصعب.. فكل الحلول لديهما تنحصر في فرض الضرائب وزيادة الأسعار وإغراق البلد بالقروض وفوائدها التي يتحملها المواطن المطحون، ولا شيء لديهما أكثر من ذلك!!

بالنسبة لمحافظ "النكسة" طارق عامر، أتذكر عندما بدأ الدولار بالارتفاع أنه صرح لطمأنة الشعب بأنه سيتخذ بعض الإجراءات ستجعل الدولار بـ "4 جنيهات" وأن السياسة المصرفية في أيد أمينة!!، ونتيجة إجراءاته خفض دائم للجنيه وانهيار العملة المحلية وتبخر مدخراتنا ثم "تعويم" كامل للجنيه قفز بالتضخم إلى أعلى مستوى منذ 8 سنوات، ولم تنتهي "نكسة" عامر عند هذا الحد بل اقترب الدولار أمس من 20 جنيها وهو "يتفرج" على الانهيار ولا يحرك ساكنا، لدرجة أن أحد خبراء الاقتصاد توقع وصول الدولار إلى 40 جنيها في ظل عجز البنك المركزي والحكومة عن مواجهة التضخم الحاصل وزيادة سعر الدولار المبالغ فيه دون تدخل حاسم لوقفه!!.

أما شريف إسماعيل فوضعه لا يقل مأساوية عن سابقه، لا يحاسب ولا يراقب ولا يتابع ولا يبتكر، ونتيجة "خيبة الحكومة" أن "الشعب أصبح مطية"، يعاني ويدفع الثمن المادي والنفسي والمعنوي في كل خطوة، إن كان من غلاء فاحش لا تستطيع حكومة إسماعيل مواجهته، أو جشع تجار يتحكمون في الدولة، أو استغلال موظفين لمواقع عملهم وتسخيرها لتحقيق مصالح شخصية على حساب أصحاب المعاملات، وانتشار الجريمة والابتزاز والفساد والرشوة وتعطيل مصالح الناس.

تحدثت الأسبوع الماضي عن التقصير الأمني الذي تسبب في تفجير الكنيسة البطرسية ومسجد الهرم، في ظل انشغال الشرطة بالصغائر والتوافه على حساب المهام الأساسية، وبعد إدانة ضابط و3 أمناء شرطة بتعذيب المواطن مجدي مكين حتى الموت في قسم الشرطة وإحالتهم إلى الجنايات، كان يفترض برئيس الوزراء ووزير الداخلية التوقف عند هكذا جريمة نكراء، والبدء فورا بتطهير الوزارة خصوصا "أمناء الشرطة" الذين ارتكبوا جرائم لا حصر لها وتسببوا في إيذاء وتعذيب المئات بلا ذنب أو قضية!!. لكن شيئا من هذا لم يحدث وعرفنا أن أسرة الضابط المتهم عرضت 250 ألف جنيه فدية على أسرة مكين للتنازل عن القضية حتى يفلت من العقاب، لكن أسرة مكين رفضت المساومة على دمه.

يتخذ الوزراء قرارات "عنترية" بلا دراسة لتداعياتها ثم يتراجعون عنها مثلما حدث في قرار وزير الزراعة بشأن نسبة فطر الأرجوت في القمح ثم اضطر للتراجع عنه مرغما لعدم وجود بدائل.. عدوى "العنترية" والتخبط والعشوائية انتقلت إلى رئيس الوزراء نفسه، الذي قرر إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك، وتطبيقه بأثر رجعي ما يؤكد وجود مستفيدين من الإعفاءات الجمركية التي "تقضي على صناعة الدواجن المحلية"، وأمام الرفض الشعبي والبرلماني اضطر شريف مرغما على التراجع عن "قرار تفصيل من أجل أشخاص معينة" وكان يفترض بالبرلمان استجواب رئيس الحكومة ومحاسبته ومعرفة المستفيدين من القرار حتى لو أدى الأمر إلى طرح الثقة فيه.

تخبط وعشوائية حكومة شريف إسماعيل تسببت في خسائر 250 مليون جنيه على الأقل للمشاركين في معرض الأثاث "le marche" نتيجة منع إقامته قبل الافتتاح بثلاثة أيام فقط. بعد أن أرسلت الشركات المشاركة السيارات المحملة بمنتجاتها إلى أرض المعارض بمدينة نصر، لتفاجأ برفض إدارة هيئة المعارض تفريغ الشحنات، لأن "الداخلية" منعت المعرض لدواعي أمنية.. فإذا "الداخلية" تخشى من بضعة آلاف يزورون معرض أثاث فكيف تؤمن البلد بطولها وعرضها وماذا نقول للمستثمرين الذي نأمل في استقطابهم للعمل في مصر؟!.

يقول رئيس غرفة صناعة الأثاث باتحاد الصناعات "أن المصانع المحلية ضاعفت طاقتها الإنتاجية خلال الفترة الماضية، على أمل تحقيق مبيعات ورواج في المعرض، الذي يعد من أكبر معارض الأثاث والديكور في مصر والشرق الأوسط. لكن ما تفعله الحكومة حاليا يعكس صورة سيئة عن مصر أمام المستثمر الأجنبي".
هذه لمحات من مآسي حكومة فلتت منها الأمور في جميع ومؤسسات الدولة.
الجريدة الرسمية