«أكل الكتاب» أسهل طرق التخلص منه في «المكتبة» لزوران جيفكوفيتش
يرسم الكاتب الصربي «زوران جيفكوفيتش» في روايته القصيرة «المكتبة» لوحة أدبية عجائبية تكشف عن هيامه بالكتب والمكتبات ليحصد بها جائزة «أدب الخيال العالمي» بعد عام من نشرها ٢٠٠٣، لتكون بذلك المرة الثانية التي تفوز بالجائزة رواية لم تكتب بالإنجليزية، ولتجعلها أشهر عمل أدبي صربي في القرن ال ٢١.
وترجمت الرواية إلى ١٦ لغة من بينها العربية، وبذلك تصبح أول رواية صربية تترجم للعربية، على صفحاتها المائة وفصولها الستة يعرض لنا قصص غريبة هو والكتب أبطالها الرئيسين.
المكتبة الافتراضية "لدينا كل شيء".
هل فكرت يوما أن هناك مكتبة افتراضية تحوى كل شيء كٌتب على وجه الأرض؟! ماذا لو كان هذا صحيحًا ؟! وماذا لو كنت كاتبا وبحثت بها عن اسمك ووجدت أعمالا لم تكتبها بعد ؟! كيف سيكون رد فعلك ؟! ستثور وتحتار اما ستطلع لمعرفة ما تحتويه ؟!.. كل هذه الأسئلة يجيب عنها زوران جيفكوفيتش في الفصل الأول من روايته القصيرة "المكتبة" ليأخذنا في رحلة خيالية أبعد ما تكون عن الواقع لكن تفاصيلها الدقيقة تجعلك تتمنى لو كانت حقيقية رغم غرابتها.
وأضاف: "أعتقد أنكم تظنون أنى سأصدق قائمة الكتب التي تدعون أنها كتبي رغم أنها لم تكتب بعد، ربما كنت سأعجب بقدرتكم على تبصير الغيب، لولا ترددكم الواضح في اختيار عام وفاتى".
المكتبة المنزلية
في الفصل الثاني من الرواية يجد الكاتب مجلد من كتاب غريب يحمل عنوان "أدب العالم" في صندوق بريده وبإغلاقه الصندوق ثم فتحه مجددا يجد مجلد آخر بنفس العنوان، يحمل الكاتب على عاتقه مسئولية نقل كل مجلد إلى غرفته الصغيرة حتى يصل عدد المجلدات إلى ثمانية آلاف وثلاثمائة وخمس كتاب وهو ما اتسعت له الغرفة.
ويتابع: "لقد تعلمت منذ زمن بعيد أن العالم يحفل بالأعاجيب التي لا نجد لها تفسير، ولا جدوى من محاولة حل ألغازها. وماذا سيجنى من يحاول سوى البؤس؟ من يريد يا ترى أن يكون تعيسًا بلا داعي؟ يجب أن يتقبل الإنسان الظواهر غير العادية كما هي، دون تسويغ أو تفسير، فهذه أيسر طريقة للتعايش معها".
المكتبة الليلة
تستمر الأحداث العجائبية في الفصل الثالث حينما يذهب الكاتب إلى المكتبة متاخرا عن موعد إغلاقها ليحبس بداخلها ثم يكتشف أن هناك مكتبة ليلية بها كتب عن حيوات كل من عاشوا على الأرض أي أكثر من مائة وتسعة مليارات حياة، وتٌتاح بذلك فرصة للكاتب للاطلاع على كتاب حياته ليقول عن هذه التجربة: "كنت عاريًا في كتاب حياتى ولا سبيل لسترى، كمجرم عتيد كشفت جرائمه على رءوس الأشهاد ".
مكتبة الجحيم
في الفصل الرابع يقترح الكاتب علاج المجرمين بالقراءة، فمن خلال حديث بين مجرم ومسئول بالسجن بين المسئول للمجرم كيف تصبح القراءة عقاب لمن لم يفتح في حياته سوى كتابين لم ينهِ في الأول الصفحة الرابعة بينما الثاني لم يتجاوز الفقرة الافتتاحية .
لتكون القراءة الأبدية بذلك علاج لمن تسول له نفسه ارتكاب جرائم ينهى عنها القانون.
"لا شيء غير القراءة، سوف تجلس في زنزانتك وتقرأ، هذا كل ما ستفعله، لن يكون لديك أي التزامات أخرى، لكن يتعين على أن أنبهك أن الأبدية زمن طويل جدا وقد تسأم القراءة بعد حين.هذا ما يحدث لكثير من نزلائنا".
أصغر مكتبة
"للكتاب رائحة خاصة بهم، ثمة رائحة تنبعث منهم وكلما تعثرت كتابتهم فاحت رائحتهم، وازدات قوة.. بهذه الكلمات ودون مقابل مادى، يبيع رجل أعمى للكاتب كتاب بعنوان أصغر مكتبة، ليكتشف الكاتب أن محتوى الكتاب يتغير بغلقه وبذلك يكون الكتاب أصغر مكتبة لأنه يحتوى كل الكتب لكن لا تستطيع استرجاع الكتاب بعد غلقه، وحتى بمحاولته نسخ الكتاب تظهر الصور بيضاء فارغة، ليتوصل الكاتب بعدها لفكرة نسخه يدويًا لمحتوىات الكتاب ثم وضعه اسمه عليها ولن يكتشف أحدا سره.
المكتبة النفسية
"المكتبة النفسية كالمعدة، يجب أن يحرص الإنسان أشد الحرص على ما يدخل في جوفها، لا يجب أن يدخل المكتبة النفسية إلا الكتب اللائقة بها".. يجد الكاتب في الفصل الأخير كتاب غريبا على مكتبته، يحاول التخلص منه أولا بإلقائه في سلة النفايات ليعود ويجده أمامه على مكتبه ثم يحاول مرارا وتكررا التخلص منه عن طريق تقطيعه وبعدها إغراقه ثم إلقائه من أعلي بناء في المدينة وحتى دهسه تحت عجلات القطار وعندما لا يجدى ذلك نفعا، لا يجد حل سوى أكله وبذلك يتخلص من تشويه مكتبته الأنيقة وهو ما حدث بالفعل.
