رئيس التحرير
عصام كامل

بذور الإرهاب!


هل سيكون حادث الكنيسة البطرسية هو الأخير في سلسلة حوادث التطرف والإرهاب؟ بالقطع لن يكون، ذلك لسببين– من وجهة نظري المتواضعة– أساسيين: أولهما يرجع لحالة الأمن وتراخيه في متابعة القنابل الموقوتة المسماة بجماعة الإخوان الإرهابيين، والتي لا تحتاج كل قنبلة منها أو كل عضو في تلك الجماعة إلا إلى الأمر بالتفجير ليفجر ويقتل، يستوي في ذلك من لم يتورط من قبل في الإرهاب مع من هو محترف ذلك الإرهاب، ومن كان في أعلى الدرجات العلمية بالجاهل الأمي، فكل عضو في الجماعة معد ليكون قنبلة يأتي وقتها في الوقت الذي تحدده قيادة هذه الجماعة، فهم يظنون أنهم ينصرون الإسلام بتلك الأفعال، غير قادرين، بعد عملية غسيل المخ التي خضعوا لها، على فهم أنهم لا ينصرون سوى ذلك الدين الجديد الذي جاء به حسن البنا وسيد قطب، والذي يأمر بالقتل والاغتيال والدمار والإهلاك لصالح مصلحة الجماعة فقط، تلك التي جعلها البنا في ذهن أصحابه بديلا عن الإسلام، ومصلحة الجماعة هي نفسها مصلحة من يموله،ا ويقف خلفها بداية من المخابرات الإنجليزية إلى المخابرات الأمريكية، وكلها في خدمة مصالح إسرائيل بالقطع.


أما السبب الثاني في تكرار هذه الحوادث فيرجع في الأساس إلى الفكر المنحرف الذي نشأ عليه الكثير من أبنائنا في المدارس والجامعات، فالمدرسة هي التي تحدد ما ستكون عليه ثقافة وسلوكيات الطفل عندما يشب ويكبر، لكن هذه المدرسة انحرفت بما يجب أن تكون عليه من زرع ثقافة التعددية وتقبل الآخر إلى زرع ثقافة الفردية والاستعلاء ووصم الآخر بكل الصفات غير الحميدة، بداية من المخالف إلى الكافر، ونجد أن المناهج المدرسية مصممة للحفظ والتلقين دون إعمال العقل؛ مما أوجد فرصة للجماعات المتطرفة، في أن يقوم عناصرها بحشو عقول التلاميذ بأفكارهم المسمومة، ونشر التطرف والتشدد، بل وتدخلت عناصر الإخوان في وضع المناهج الدراسية، خاصة مناهج اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية، منذ أعطاهم السادات قبلة الحياة – تلك التي ندم عليها بعد فوات الأوان، وأدت لاغتياله هو شخصيا– في السبعينيات ليكونوا عونا له في مواجهة التيار اليساري..

أظهروا له الطاعة في البداية، فترك لهم الحبل على الغارب في النقابات وبعض الأماكن والوزارات الخدمية والشعبية، كان من أهمها المراكز التعليمية المختلفة، وخاصة في وضع المناهج، فتفنن أعضاؤها في وضع المناهج التي تخدم أهداف الصهيونية العالمية والكيان الإسرائيلي، والتي تحض على تكفير وتقبيح الآخر، وذلك لإحداث فتنة في المجتمع تأتي على الأخضر واليابس..

وشجعت الجماعة إقامة المناظرات الدينية في السبعينيات والثمانينيات بين المسلمين والمسيحيين، وشاركت فيها بهدف نشر الفرقة والخلاف والاستعلاء، رغم أن هذه المناظرات لا جدوى حقيقية منها، فمن أراد أن يدخل الإسلام فلن تقنعه هذه المناظرات، ومن أراد أن يعتنق المسيحية فلن تدفعه هذه المناظرات لذلك، وإنما كان الهدف الأصيل منها تعميق هوة الخلاف، وإظهار الآخر بمظهر الكافر الذي يجب فرض الجزية عليه وإلزامه بالذل والانكسار.

لم نجد في التاريخ الإسلامي كله خاصة في فترة فتح مصر على يد عمرو بن العاص أثرا لمثل هذه المناظرات وكانت وقتها أولى، بل وجدنا عمرو بن العاص يؤمن المسيحيين على كنائسهم، ويشارك في إرساء الكرسي البابوي لكنيسة الإسكندرية على نظيره في روما لاختلاف المذاهب بينهما. كما أقر ابن العاص التعامل باللغة القبطية، ولم يلغها، واتخذ من بعض النصارى حكاما على بعض الأقاليم المصرية، ولم يهدم كنيسة أو يفجرها، فأظهر سماحة الإسلام رغم الاختلاف في الدين، وهو في هذا ليس مبتدعا وإنما ممتثلا لأمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما".

فهل آن الأوان لتنقية المناهج من المواد التي تحض على الفتنة وكراهية الآخر؟ وهل آن الأوان للتشدد في الرقابة على المعلمين الإخوان الذين يحشون رءوس التلاميذ في المراحل التعليمية المختلفة بمبادئ هذه الجماعة المارقة ويعلنون العداء للدولة، ويحاربونها داخل غرف الفصول المغلقة بعيدا عن رقابة الأمن؟.
الجريدة الرسمية