أحّد.. أحّد يا حكومة قريش؟!
لو نفذت الحكومة اتفاقها ورفعت سعر الدواء يبقى قول عليها السلام. قول يا رحمن يا رحيم. تبقى الحكومة سقطت بامتياز. تكون الحكومة قد هوت من حالق.
صحيح حكومة شريف إسماعيل مصنفة محترفة سقوط. لكن دعنا نعتبر أزمة الدواء ثاني أكبر اختبار لها بعد مسألة "تعويم الجنيه". إذا كانت الحكومة تترنح الآن بعد "التعويم"، فهي "هتطوح" لو وافقت على زيادة أسعار الأدوية.
وزير الصحة الدكتور أحمد عماد وعد شركات الأدوية بالموافقة على طلب زيادة الأسعار. قال إنه سيعرض الاتفاق على رئيس الوزراء خلال يومين. إذن فاضل على الخطر خطوتان. بقى على المصيبة يومان. لو صح ما قاله الوزير الصحة، يبقى شركات الأدوية عرفت تضحك على وزير الصحة ومستشاري وزير الصحة وعرفت تضحك على كل المسئولين الحكوميين في قطاع الدواء.
لو وافق رئيس الوزراء وأقر طلب الزيادات، يبقى لا وزير الصحة ولا رئيس الوزراء بيفهموا في الأدوية. وقتها تقدر تقول إنه لا لرئيس الوزراء ولا لوزير الصحة خبرة بملف الدواء.
شركات الأدوية طلبت مؤخرًا زيادة 20% على أسعار السوق. إذا كان بأسعار السوق وملايين المصريين يعانون، فما بالك بهذه الزيادات؟
المهم، قالت الشركات إن زيادة الأسعار الحل الوحيد لعودة نواقص الأدوية إلى السوق. سبق واستجابت الحكومة مايو الماضي لطلب مماثل من الشركات، لكن لا النواقص توفرت بالأسواق، ولا خطوط الإنتاج التي قالت الشركات إنها ستعود للعمل عادت.
الزيادات المنتظرة هي الثالثة خلال أقل من عام. كل مرة تطلب الشركات زيادة أسعار متعللة بزيادة تكاليف الإنتاج. تقول إن زيادة سعر بيع بعض الأدوية، ستعيد خطوط إنتاج توقفت لارتفاع التكلفة مقابل سعر البيع. توافق الحكومة، لكن أزمة نقص الأدوية تستمر. لا الشركات توفرها، ولا خطوط الإنتاج المتوقفة تعود للتشغيل.
الشركات تضحك على الحكومة، والحكومة تقر كل طلب بالزيادة. تشير الشواهد إلى أن قلب الدكتور وزير الصحة أبيض. الدكتور أحمد عماد ليس له في المراوغات ولا يتوقع اللعب من تحت لتحت. تطلب الشركات الزيادة، فيقر هو الزيادة ثقة في الله وفي الشركات.
منذ 2011 للآن، زادت الأدوية أكثر من مرة. لا الشركات ملت طلب الزيادة، ولا الحكومة ملت الموافقات. المحصلة أن الأدوية نار، بينما أزمة النواقص هي هي بلا حلول.
الشركات تضغط على الحكومة، وتلعب برئيس الوزراء، وبوزير الصحة. مع كل زيادة، ترفع الشركات أسعار أدوية ذات هامش الربح الأعلى، وتخفض من إنتاج عقاقير هامش الربح الأقل. كثرة الطلب، يؤدي إلى "شح" بعض الأدوية من جديد. تتعلل الشركات بارتفاع تكاليف الإنتاج. تعيد الكرة مرة أخرى وتطلب زيادة السعر!
مع شح الطلب على أدوية بعينها تظهر السوق السوداء. تتوقف المستشفيات الحكومية عن صرف الدواء. يزيد الضغط على الحكومة. تعود وزارة الصحة لتوافق على مطالب شركات الأدوية بالزيادة، رغم إيمانات وزير الصحة الغليظة بالصمود أمام ملاعيب مافيا الدواء!
الأزمة كبيرة. الحكومة لا تعي كيفية التعامل مع ملفات معقدة. الدليل أن كل قرار للحكومة، يسقط بالناس في بئر عميقة "مالهاش قرار". يكفي أنها الحكومة التي اتخذت قرار تعويم الجنيه وزيادة سعر البنزين في ليلة واحدة. لك أن تتخيل نوعية هكذا رجال إدارة في التعامل مع المسائل الحساسة!
الدواء في السوق المصرية وصل أضعافا مضاعفة. الأسعار نار، وألوف الأصناف غائبة عن رفوف الصيدليات. أدوية قلب وسكر وسرطان، حتى فلاتر الغسيل الكلوي اختفت في قصف الشركات ما تحت حزام الحكومة.
لو انصفت الحكومة تضبط سوق الدواء. لو أرادت الانصاف تحسن إدارة ملف الشركات. شركات الأدوية في العالم كله متهمة حتى تثبت براءتها. مكاسب صناعة الأدوية ألف في المائة وأكثر. لو انصفت الحكومة تتصرف في سعر الدواء. ليس مطلوبا من المريض التصرف في المرض.
لو انصفت الحكومة.. لا تقر الزيادات. يكفى ما زاد. لا مزيد من الغلا والكوى. يكفى غلا وكوى. مليون تصرف ممكن لو لدى الحكومة خبرة بأعمال الحكومة.. لكن قريشا قوم لا يعدلون!
أحّد.. أحّد.. يا حكومة قريش !
wtoughan@hotmail.com
twitter: wtoughan