اغتيال العقل المبتكر لجماعة الإخوان.. 20 طلقة تنهي حياة التونسي محمد الزواري مخترع طائرة «أبابيل»..القسام تتهم الموساد.. وتنقلاته بين تركيا وسوريا تشير لجريمة كبرى
بين التشكيك في اغتياله على يد الموساد أو تورط الجماعات الجهادية وربما تشير أصابع الاتهام إلى أجهزة استخبارات دولية، يبدو أن اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري، سيبقى لغزا تطوى صفحاته النسيان مع مرور الأيام.
نعى كتائب القسام
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أمس السبت، أن المهندس التونسي محمد الزواري الذي قتل الخميس 15 ديسمبر في مدينة صفاقس هو أحد قادتها، محملة إسرائيل مسئولية الجريمة ومتوعدة بالرد.
واعتبر البيان أن "اغتيال الزواري اعتداء على المقاومة وكتائب القسام وعلى العدو أن يعلم بأن دماء القائد لن تذهب هدرا ولن تضيع سدى".
وعثر الخميس على محمد الزواري مقتولا بالرصاص داخل سيارته وأمام منزله في مدينة صفاقس، بحسب وزارة الداخلية.
طائرات أبابيل
وأضاف بيان القسام أن الزواري "هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية –دون طيار- والتي كان لها دورها في حرب العام 2014" التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وأوضح أن "القائد الطيار الزواري التحق قبل عشر سنوات في صفوف المقاومة الفلسطينية وانضم لكتائب القسام وعمل في صفوفها أسوة بالكثيرين الذين أبلوا في ساحات المقاومة والفعل ضد العدو الصهيوني".
وحذرت القسام من أن "اغتيال الزواري يمثل ناقوس خطر لأمتنا العربية والإسلامية بأن العدو الصهيوني وعملاءه يلعبون في دول المنطقة ويمارسون أدوارا قذرة وقد آن الأوان لأن تقطع هذه اليد الجبانة الخائنة".
من ناحيتها، أعلنت حركة حماس أنها ستفتح للزواري اليوم "بيت عزاء" في ميدان الجندي المجهول غرب مدينة غزة.
علاقته بالإخوان
كانت حركة النهضة الإسلامية – الإخوان- صاحبة أكثرية المقاعد في البرلمان التونسي قد طالبت الجمعة، السلطات بكشف هوية منفذي "اغتيال" الزواري المحسوب عليها.
وقالت الحركة في بيان إن "عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها المهندس والمخترع محمد الزواري، تهدّد أمن التونسيين واستقرار تونس" داعية "المصالح الأمنية إلى الكشف عن ملابسات العملية وعن الجناة والجهة التي تقف وراءهم".
تفاصيل الاغتيال
وفق بيان وزارة الداخلية التونسية "تمّ حجز 4 سيارات استعملت في تنفيذ الجريمة، ومسدسين وكاتمي صوت استعملا في العملية، بالإضافة إلى هواتف جوالة وعديد الأغراض الأخرى ذات الصلة بالجريمة."
ولفت البيان إلى أن الوحدات الأمنية "تمكنت في سياق بحثها في هذه القضية من وضع صورة تقريبية لأحد المشتبه بهم الذين قاموا بتنفيذ الجريمة، وما زالت الأبحاث الأمنية متواصلة للكشف عن مختلف الأطراف الضالعة في هذه الجريمة وملابساتها ودوافعها."
وأوضح بيان الداخلية أن جثة القتيل أصيبت بثماني رصاصات من جملة "أكثر من عشرين رصاصة" أُطلقت عليه.
وتابع أن المحققين يحللون حاليا أشرطة فيديو للجريمة سجلتها كاميرا مراقبة.
ويشار إلى أن محمد الزواري تعرض إلى طلق ناري مباشرة في جمجمته مما يرجح أن القاتل متمرس على استعمال السلاح.
تركيا وسوريا
كان الضحية وعمره 49 عاما، وعادة يتنقل إلى تركيا وسوريا، وقد عاد إلى تونس منذ 4 أيام على الأرجح وقد تم العثور قرب موقع الجريمة على سيارة مكتراة ملطخة بالدماء وقربها بقايا خراطيش.
ويذكر أن مواقع إخبارية عديدة أشارت إلى أن "الضحية كان مقيما في سوريا ويقيم حاليا في منزل والده رفقة زوجته السورية، وهو مهندس طيران وكان من المعارضين الإسلاميين وظل في المنفى طوال حكم زين العابدين بن على وعاد لها بعد ثورة 2011.
اتهام الموساد
قال الإعلامي التونسي برهان بسيس لوكالة الأناضول التركية، إن "العملية يقف وراءها جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي رصده واغتاله أمام منزله في صفاقس."
وبحسب بسيس، "عمل الرجل منذ مدة على مشروع تطوير الطائرات دون طيار وتصنيعها".
وقال بسيّس: "محمد الزواري، خرج من تونس سنة 1991، واستقر لمدة قصيرة في ليبيا، ثم السودان، وسوريا، وفي سوريا ربط علاقات متطورة مع حركة حماس الفلسطينية وكان مقرّبًا منها ليتعاون مع جناحها العسكري الذي استفاد من مهاراته العلمية ونبوغه".
وتابع بسيّس "الرجل كان الأول على دفعته بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وكان يعمل منذ مدة على مشروع تطوير الطائرات دون طيار وتصنيعها، رصده الموساد الإسرائيلي منذ مدة وكان محلّ متابعة بالنسبة لهم".
وأكدت مصادر أمنية، أنّ "المهندس والأستاذ الجامعي محمد الزواري، التقى قبل وقوع الجريمة امرأة تونسية قادمة من المجر، ادّعت أنها صحفية، وكانت برفقة رجلين اثنين، لإجراء حوار معه حول آخر ابتكاراته في مجال الطيران".
وأضاف المصدر: "أنّ هذه المرأة غادرت تونس، يوم الأربعاء، أي قبل يوم واحد من عملية الاغتيال، ويشتبه في ارتباطها ومن معها، بالقضية".
وصنع الزواري المختص في الطيران، طائرة دون طيار، قادرة على الطيران لمدة ساعة كاملة، في 2013، يتم التحكم فيها عن بعد، وتمّ تجربتها خلال شهر يونيو الماضي.
من جهته قال بلقاسم المكي، كاتب عام جمعية نادي الطيران المدني بالجنوب التونسي، التي كان يرأسها محمد الزواري، إنه كان يعد رسالة دكتوراه بمدرسة المهندسين بصفاقس، حول غواصة تعمل بالتحكم عن بعد.
وهو مهندس طيران ومخترع تونسي؛ درس الهندسة وعمل طيارا وعاش سنوات طويلة منفيا بين عدة دول عربية، ثم عاد إلى وطنه إثر ثورة 2011. وانضم في المهجر إلى كتائب عز الدين القسام التي ساعدها في صناعة الطائرات دون طيار.
تاريخه الجهادي
انخرط الزواري في شبابه في صفوف حركة الاتجاه الإسلامي التونسية -التي صار اسمها فيما بعد حركة النهضة- فكان أحد نشطاء "الاتحاد العام التونسي للطلبة" المحسوب عليها، وكان نشاطه السياسي سببا في الملاحقة الأمنية له من النظام التونسي بقيادة الرئيس المخلوع زين العابدين بن على.
اعتقِل بعد الأحداث الدامية التي ارتكبتها السلطات الأمنية يوم 8 مايو 1991 في عدة جامعات تونسية، وكانت تتويجا لحملة أمنية على "الاتحاد العام التونسي للطلبة" بدأت بصدور قرار تجميد أنشطته يوم 29 مارس 1991.
وبعد الإفراج عنه غادر تونس فتنقل بين ليبيا -التي أقام فيها مدة قصيرة- والسودان وسوريا حيث استقر وتزوج بسيدة سورية عام 2008، وعمل هناك قرابة عشرين عاما قبل أن يعود إلى تونس إثر اندلاع ثورتها وإسقاط نظام بن على في 14 يناير 2011.
وأثناء إقامته في سوريا؛ ربط الزواري علاقات مع "حماس" فكان مقربا منها، وتعاون مع جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام التي استفادت من مهاراته العلمية في تنفيذ مشروعها لتأسيس وتطوير طائرات مسيرة دون طيار.
تورط الموساد
على صعيد تورط جهاز الموساد الإسرائيلي في عملية الاغتيال، وقعت حالة من التضارب في التصريحات التي نشرتها وسائل الاعلام العبرية، وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، أن جهاز الموساد الإسرائيلي، نفذ الخميس، عملية اغتيال لمهندس تونسي، ساعد حركة حماس عبر تزويدها بتقنية صناعة الطائرات دون طيار.
وفى تضارب واضح، زعمت صحيفة معاريف العبرية، اليوم، أن عملية اغتيال الخبير التونسي الطيار محمد الزواري بإطلاق النار تجاهه، ليست من أساليب جهاز الموساد الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة عبر موقعها الإلكتروني، إن تلك العملية لا تتناسب مع عمليات الموساد وقد تم تركها مسبقا ولم تعد عمليات مفضلة للجهاز الذي ينفذ عمليات بأساليب حديثة.
وأضاف "مستوى الكفاءة المهنية للعملية يثير العديد من التساؤلات ويشير إلى أنها أساليب مبتذلة لم يعد الموساد يستخدمها، كما أنه لم يكن هدفا مغريا لتنفيذ مثل هذه العملية بهذا الأسلوب القديم".
ورجح الموقع أن تكون عملية الاغتيال تمت لأسباب جنائية أو خلافات مع مجموعات تتعلق بطرق عمله.