شركات وطنية في أزمة
تواجه عدد من الشركات الصناعية والتجارية الكبرى التي تعمل في مجال الصناعة والتجارة وتتولى مسئولية استيراد السلع الاستراتيجية والقمح وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج من الخارج بعدم المقدرة على مواصلة العمل لارتفاع مديونياتهم الدولارية للبنوك عقب قرارات تعويم الجنيه، وطالبت هذه الشركات البنك المركزى بالتدخل لإنقاذهم من الإفلاس، خاصة أن المديونيات بسبب تقاعس البنوك عن تغطية كامل الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد السلع نتيجة فروق الاعتمادات بالدولار، حيث إن البنوك تطالبهم بسداد المديونية بأسعار اليوم، مما يمثل خسائر كبيرة لهم، لأنهم قاموا باستيراد مستلزمات إنتاج ومواد خام ومنتجات تحتاجها السوق المصرية، وتم بيعها بالجنيه المصرى بالأسعار التي سبقت قرار تحرير سعر صرف الجنيه.
البنوك التجارية سمحت للمستوردين بتنفيذ عمليات استيرادية بتأمين نقدي يعادل 110% بالجنيه المصرى تطبيقًا لقرار البنك في ذلك الوقت، وبالرغم من قيام الشركات المستوردة بتغطية العمليات الاستيرادية بنسبة 110% من قيمتها بالجنيه المصرى فإن البنوك تقاعست عن تدبير العملة الأجنبية للعمليات الاستيرادية التي تمت سواء بكمبيالات وتعهدات غير معززة.
وهذه الشركات المستوردة تقوم بالاستيراد بالعملة الأجنبية وتقوم بالبيع بالجنيه المصرى في السوق المحليــة، كما أن القانون يلزم هذه الشركات بتدبير احتاجاتها من النقد الأجنبى عن طريق البنوك المعتمدة، وفى حالة مخالفة ذلك وتدبير الاحتياجات من السوق الموازية يعرضها ذلك إلى عقوبات ومصادرة الأموال.
أيضًا هناك مشكلات ضريبية ناشئة عن عدم اعتراف مصلحة الضرائب بأسعار الصرف من السوق الموازية، مما يترتب عليها فرض ضرائب وهمية وغير حقيقية..
إن المراكز المالية بالدولار ناشئة ومستحقة الدفع قبل قرار التعويم بفترات ليست بالقصيرة، كما أنه يستحيل على العملاء تدبير العملة، حيث إنها لا تتوافر لديهم موارد ذاتية للدولار وأن الموارد المالية المكشوفة تم تمويل ومستلزمات إنتاج وخامات واحتياجات مصانع وتم بيعها بالسوق المحليــة بالجنيه المصرى قبل قرار التعويم الذي تجاوز الفرق فيه أكثر من 102% وهذا الفارق الكبير لا يمكن لأي منشأة أن تتحمله، حيث إنه يفوق قدرتها الرأسمالية، الأمر الذي يهدد معظم الشركات ذات المراكز المالية المكشوفة بالدولار بالإفلاس.
أصحاب هذه الشركات ليسوا ضد عمليات الإصلاح الاقتصادى التي تتم حاليًا فهم رجال وطنيون من الدرجة الأولى، والكثير منهم دعم مصر كثيرا طواعية ودون إجبار، ولكن لابد من حل أزمة هذه المبالغ التي طرأت بعد تحرير أسعار صرف وهو الأمر الذي يؤدى إلى إفلاس تلك الشركات وتسريح آلاف العمال وتدمير وإهدار رءوس الأموال الوطنية التي تم بناؤها عبر عشرات السنين، مما يؤثر فى سياسة الاستثمار في مصر التي يعمل الرئيس خلال الفترة الأخيرة على تحسينها، فمن الممكن أن تكسب البنوك بعض المال ولكنها ستخسر شركات كبرى..
هذه الشركات كثيرًا ما وقفت بجوار الاقتصاد القومى في محنته وأزماته الكثيرة، كما أن حل هذه الأزمة واجب وطنى وقومى فهذه الشركات تستورد كل ما يجعل البلاد تقف على قدميها ولا تستورد "مصاصات ولبان" حتى نقول لهم أنتم أحرار مع البنوك.. افعلوا ما شئتم.. إنقاذ هذه الشركات واجب وطنى وتدخل الرئيس أمر ضروري حتى نبعث رسالة جادة للجميع أن الدولة جادة في حماية الاستثمار وأن مصر تغيرت بالفعل وأن ما يقال في المؤتمرات وعلى المنصات عن دعم المستثمر عبارات حقيقية وليس كلامًا والسلام.