رئيس التحرير
عصام كامل

«الحوثي» في القاهرة !


كثيرة هي الأوراق المصرية التي يمكن استخدامها في لعبة المكايدات السياسية.. من استقبال عبد الملك الحوثي الزعيم اليمني إلى استقبال علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني السابق إلى مجرد -مجرد- لقاءات دبلوماسية على أي مستوى مع إيران أو حتى لقاءات مع ممثليها في محافل دولية إلى تقديم مشروع في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في اليمن إلى رفع مستوى استقبال مسئولين سوريين إلى عودة السفير المصري إلى دمشق إلى صفقات تجارية مع سوريا إلى صفقات سلاح أكبر وأكثر أهمية مع العراق إلى التداخل المباشر على الساحة اللبنانية..


إلا أن مصر الكبيرة العظيمة أقدم دول الأرض لا تفكر بهذه الطريقة.. وربما لن تفكر بهذه الطريقة.. لسبب بسيطًا جدًا هو أنها لا تفكر في أي قرار إلا لأسباب موضوعية تستبعد منها الأسباب الذاتية وتستبعد منها الأسباب الانفعالية وتستبعد أي أسباب فيها شبهات رد الفعل.. وقد أثبتت التجربة أن لمصر الكبيرة العظيمة أقدم دول كوكب الأرض القدرة على اتخاذ ما تراه من قرارات ومواقف لها صفة المبدئية وتتصل بالمصالح العليا لها ولأمتها العربية.. مهما كلفها ذلك ومهما كان ثمنه ومهما كانت تعاني من ظروف وأزمات!

قبل أيام أكد الرئيس السيسي على حرص مصر على الأمن القومي العربي وأنها لن تصمت مع أي تهديد له.. كان كلامه رغم الأذى مما يجري والتأذي من بعض التصرفات هنا وهناك.. كان يمكنه تجاهل الأمر كله ولا يتعرض له من قرب أو من بعيد لكنه يتحدث عن سياسة مصر الثابتة وما تحمله من أمانة وما تفهمه عن أمنها وأمن محيطها.. ويصحح خطأ وقع في زمن ما أدى إلى تقلص الدور المصري، وقد عانينا من تداعيات ذلك فترة ليست بالقصيرة !

الأهم: إن مصر تتعامل مع ثوابت بثوابت ومع متغيرات بمتغيرات وتتعامل مع موضوعات وليس مع أشخاص وتتعامل مع قيم وليس مع أمزجة شخصية وتتعامل مع الحاضر والمستقبل وليس مع الحاضر وحده، وهي بين ذلك كله لا تتعامل مع "الكل" بمنطق "الواحد".. هناك في الخليج سعوديون رائعون يحبون مصر وشعبها ورموز في السعودية نفسها على المستوى نفسه وأكثر.. وهناك الإمارات وشعبها العظيم والكويت وشعبها العظيم وعمان وشعبها العظيم والبحرين وشعبها العظيم.. و.. وهناك شعب قطر الطيب المحب لمصر وشعبها والمغلوب على أمره!

كثيرة هي كروت اللعب السياسي.. القليل منها يفي ليدور البعض حول نفسه ألف مرة ومنها من يؤدي أن تدور الدنيا حول صاحبها وبه آلاف المرات.. ولم نذكره أعلاه.. إلا أن مصر الكبيرة العظيمة أقدم دولة في الكون.. لا تفكر بهذه الطريقة ولكننا -حقيقة- علينا أن نعترف بأن المستقبل غيب والغيب في علم الله وحده !!
الجريدة الرسمية