رئيس التحرير
عصام كامل

أسباب استيراد مصر للمنتجات البترولية «تقرير»


المتابع الجيد يدرك أن مصر غنية بالثروات البترولية، فلديها كنوز وفيرة واحتياطات تفوق 100 تريليون قدم مكعب غاز غير مستغلة في المياه العميقة بالبحر المتوسط على حدودنا الإقليمية، وأرض متمثلة في الصحراء الغربية، والكثير من المناطق البرية تحتوي على احتياطيات كبيرة من الزيت الخام، والتي في حالة استغلالها سنحقق الاكتفاء الذاتي، وربما يصل الأمر إلى منع الاستيراد من الخارج.


لكن يبقى سؤال يطرح نفسه مجددا، لماذا أصبحنا دولة مستوردة للمنتجات البترولية بكل أنواعه "سولار وغاز طبيعي وبنزين" ونحن نمتلك بحرا وبرا وإمكانات ليست موجودة في دول أخرى، بالتأكيد هناك أسباب جعلتنا نستورد حتى أصبحنا ضمن قائمة الدول المستوردة بالشرق الأوسط، لتلبية احتياجات السوق المحلية والذي يتزايد استهلاكه يوما بعد يوم.

الاضطرابات السياسية

قبل توضيح العوامل المؤدية إلى الاستيراد، وجب التنويه أن الدولة تستهلك شهريا ما يقرب من 6.5 مليون طن وقود بتكلفة إجمالية تصل إلى 890 مليون دولار والتي زادت بعد تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف؛ حيث كانت قيمة الفاتورة ما قبل التعويم 500 مليون دولار.

ومن الأسباب التي جعلتنا نستورد، الاضطرابات السياسية في فترة ثورة يناير والتي كانت الضربة الكبرى لقطاع البترول؛ حيث انسحبت في ذلك الحين بعض الشركات الكبرى العاملة في البحث والتنقيب في البحر والبر بمصر، ومن أبرزها أباتشي الأمريكية، وشل الهولندية، وشركات فرنسية وغيرها في ذلك الحين، لعدم مقدرة الدولة في حينها على سداد مستحقات الشركات الأجنبية والتي بلغت حينها 6.3 مليارات دولار عبارة عن مصروفات حفر وتنمية آبار.

وكان من توابع تلك الاضطرابات، قلة الإنتاج من الغاز والزيت الخام؛ حيث ظل إنتاج مصر من الغاز متجمدا في الفترة من 2011 حتى 2013 على كميات ثابتة بنحو 2.3 مليار قدم مكعب غاز في حين تزايد الاستهلاك إلى 3.7 مليارات قدم مكعب غاز، وأما الزيت الخام فقد ظل إنتاجه ما بين 450 ألف حتى 500 ألف برميل، في حين وصل استهلاكنا إلى مليون و200 ألف برميل يوميا، وهو أمر كان يتم تعويضه بالاستيراد.

مطالب الشركة البريطانية

واشتد الأمر تعقيدا حينما توقفت شركة بي بي البريطانية عن العمل في تنمية حقل شمال الإسكندرية وذلك في نهاية 2013، والذي يصل إنتاجه المتوقع بنحو 600 مليون قدم مكعب غاز وكان السبب وقتها خلافات بين الحكومة والشركة على تعديل سعر شراء الغاز؛ حيث رفضت الشركة في ذلك الحين بيع حصتها من الحقل للحكومة بعد استخراج الغاز على سعر 4 دولارات مما جعل الإنتاج المحلي من الغاز متوقفا على 2.3 مليار قدم مكعب غاز يوميا.

وفي عام 2014 أدركت الحكومة الخطر الذي يلاحقها من تلك الأزمات؛ حيث اتخذت حزمة من الإجراءات، كان من أبرزها سداد جزء من مستحقات الشركاء الأجانب؛ حيث سددت الدولة 3.3 مليارات دولار في الفترة من 2014 وحتى نهاية 2015، فعادت الشركات الأجنبية مرة أخرى للعمل في مواقع امتيازها مما أحدث تحسنا تدريجيا في انتاج الغاز والزيت المحلي؛ حيث زاد إنتاج الغاز إلى 3.7 مليارات قدم مكعب بدلا من 2.3 مليار قدم مكعب وقفز الإنتاج اليومي من الزيت الخام إلى 750 ألف برميل بدلا من 500 ألف برميل.

وعادت شركة بي بي البريطانية إلى العمل في حقل شمال الإسكندرية، وتقوم حاليا بتنمية الحقل لاستخراج الغاز بكميات قد تصل إلى مليار قدم مكعب غاز وفقا لتقديرات الشركة في الشهر الماضي، وجاء ذلك بعد موافقة الحكومة على شراء الغاز من الشريك بسعر 6 دولارات.

إجراءات حكومية

وزارة البترول تؤكد أن إجراءات الحكومة في جذب الشركات الأجنبية للتنقيب عن الغاز والزيت خطوة جيدة لتعويض الخلل الذي أصاب مصر في فترة ثورة يناير، ولكن نحتاج فترة مدتها 3 سنوات للإعلان عن الاكتفاء الذاتي ومنع الاستيراد؛ حيث ما زالت حقول غاز وخام مكتشفة وجار تنميتها.
الجريدة الرسمية