رئيس التحرير
عصام كامل

إلغاء حصة الدين !


طالب نواب أمس الأول بإلغاء حصة الدين بالمدارس.. قالوا إنها البداية الحقيقية لمكافحة التطرف.. الدعوة وجيهة وفى محلها، لكن الشكوك في الإقدام على هذه الخطوة أيضًا في محلها.


إن جيت للحق.. وإن أردت الإنصاف الحلول الكسيحة لن تجدى.. الأفكار "مكسورة الأرجل" لن تتقدم بنا إلى الأمام.. إن جيت للحق أيضًا مواجهة التطرف يجب أن تبدأ من المدارس.. مكافحة التطرف يجب أن تبدأ من كتاب الدين بالمدرسة.. ومن حصة الدين في المدرسة.

إلغاء حصة الدين حل واجب.. ومهم حصة الدين بكل المقاييس بداية للتطرف وتعليم الأطفال بدايات التطرف. مناهج الدين في المراحل المختلفة ترويج مجانى للتطرف، وكره الآخر.. والتفرقة بين أصحاب الأديان المختلفة.

دعك من كم هائل من القصص التراثية في كتب المدارس، لا هي تتفق مع العقل ولا مع العقيدة السليمة، لكن لن يجدى أي حديث عن تجديد الخطاب الدينى، بينما التلاميذ المسيحيون يخرجون من الفصول في حصة الدين الإسلامي.

الفصل بين المسلمين والمسيحيين في المدرسة أول إيحاء للصغار بالطائفية.. خروج الطفل المسيحى من الفصل أو إشارة إلى أن هناك "غير".. وأول إشارة للمسلم أن هناك "مختلفًا".

قبل فترة تكلم كثيرون عن استبدال تدريس الدين بتدريس "علم الأخلاق".. قالوا إن تعليم الدين في سن صغيرة لن يجدى وليس مناسبًا.. استبدال الدين في المرحلة الابتدائية بتدريس "الأخلاق" يخلو من إشارات وتلميحات الطائفية. وهذا صحيح.

أطفال الابتدائى ليسوا في سن التكليف.. إذا كان المستهدف من تدريس الدين توصيل قيم مختلفة للطفل في سنواته الأولى، فعلم الأخلاق كفيل بتحقيق الهدف نفسه.

في الدول المتقدمة لا يدرّسون الدين كما ندرسه لأطفالنا.. لا يفصلون بين الأطفال في المدارس لاختلاف الملة ثم يتحدثون في المستقبل كيف يخرج الإرهاب باسم الدين.. والاعتداء على المغايرين في الدين باسم الله.

إلغاء حصة الدين أول مبادرة لها وجاهتها من نواب البرلمان.. لكن لظروف كثيرة لن يتم النواب مشروعهم، ولن تستمر مطالباتهم.. واضح أن مجتمعاتنا عليلة تفضل الكلام ابن عم الحديث عن الحلول.. كلامنا في المحن أكثر من أفعالنا.

عادتنا ولا نشتريها.
مع كل حادثة تتكلم الحكومة والنواب والنخبة والمشايخ والقساوسة.. عن أسباب التطرف، وكيفية مكافحة التطرف.. يظهر في المناقشات كلام ذو منطق أحيانًا.. يتداول كثيرون حلولا لها وجاهتها أحيانًا أخرى.. لكن في النهاية صفر.. المحصلة دائما صفر.. كأنك يا أبو زيد ما غزيت.

بسرعة تنتقل الحالة من "الفرن" إلى مرحلة التبريد.. ثم مرحلة النسيان.. تتكرر الحوادث فيتكرر الكلام.. ثم هكذا دواليك.. دون حلول.. لتتكرر الحوادث من جديد.. كأنك يا أبو زيد ما غزيت.
wtoughan@hotmail.com
twitter: @wtoughan
الجريدة الرسمية