بأي ذنب قتلوا!؟
لست مستوعبا أن مواطنًا مصريا يفجر نفسه ويقتل مواطنين مصريين آخرين أبرياء وهم يؤدون صلواتهم في بيت من بيوت الله، بأي ذنب قتلوا؟ كيف وصل هذا الشاب إلى هذه الحالة من غسيل المخ؟ هل أفهموه أن هذا طريقه إلى الجنة؟ ألم يقرأ قول الله تعالى "من قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا"؟
لا يمكن لمن فعل ذلك أن يكون مصريا أو مسلما أو حتى إنسانا، الذين استشهدوا في حادث الكنيسة البطرسية مواطنون أبرياء لم يرتكب أحدهم جرما يستحق عليه الموت بهذه الطريقة البشعة، وكل واحد منا معرض أن يكون مكان أحدهم أو مكان أسرهم، ما حدث يفرض علينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا وبلدنا، ويجب أن نبدأ اليوم قبل الغد في محاربة الفكر الذي يجعل هذا الشاب أو غيره يقدم على ارتكاب هذا الجرم البشع، أو حتى مجرد التفكير فيه..
يجب الاعتراف بأنه ما زال على منابر مساجدنا من يدعو على إخواننا المصريين المسيحيين، وأن وزارة الأوقاف لا تستطيع السيطرة على كافة مساجد الجمهورية، لأن عدد الأئمة لديها أقل بكثير من عدد المساجد والزوايا، وأن الخطاب الديني شكل بلا مضمون، وليس هذا فقط بل الأخطر من ذلك أن المواطنين لا يستجيبون لكلام ونصائح دعاة الأزهر والأوقاف، سواء في خطبة الجمعة أو البرامج أو حتى في قاعات التدريس..
إذا كنا جادين في القضاء على الإرهاب من جذوره يجب اليوم قبل الغد إلغاء خانة الديانة من كل الأوراق الرسمية وأن نبدأ بالتعليم في العشر سنوات الأولى من عمر الطفل، ويكون دور المدرسة فقط هو تربيته على القيم الإنسانية الجميلة، وغرس التسامح ونبذ العنف وعدم التعصب، وتقبل الآخر وحب العمل وإتقانه، واحترام القوانين، وسلوكيات وآداب القيادة، والحفاظ على الممتلكات العامة، والصدق، والأمانة وعدم الكذب..
يجب غرس حب الوطن والانتماء إليه بالأفعال وليس بالأقوال والشعارات والأغاني، ويكون دور المدرسة هو بناء الشخصية المصرية المتسامحة مع نفسها ومع الآخرين، والمقصود بالآخرين هنا ليسوا فقط إخواننا المسيحيين، وإنما أي إنسان بصفة عامة..
وهنا سوف يكون لدينا أجيال مشرفة ومتميزة علميا وأخلاقيا تخدم دينها ووطنها، وقادرة على أن تضيف إلى الحضارة الإنسانية إنجازات تحسب لنا بدلا من حالنا الذي لا يسر عدوا ولا حبيبا، وأصبحنا عالة على الغرب حتى في الغذاء والدواء، يجب أن نعترف أيضا أن الشخصية المصرية خلال العقود الماضية أصيبت بأمراض خطيرة، بدءا من الأنانية وحب الذات وكراهية بعضنا بعضا، حتى بين الأشقاء أنفسهم من أب وأم، فأصبح من النادر أن نجد أخوة أشقاء متحابين ويتمنون الخير لبعضهم، وليس بينهم مشكلات وصراعات ومحاكم..
التعليم والإعلام والخطاب الديني والثقافي والفن والأحزاب والجامعات وكل ظروف التي يعيش فيها المواطن المصري يجب ألا تفرز إلا هذه الشخصية السوية، ويكون هذا أساسه التعليم، ومن مراحله الأولى حيث تتشكل فيها شخصية المواطن، الدول التي تقدمت ألغت المناهج الدراسية في السنوات الأولى للأطفال، وجعلت من المدرسة مسرحا للأنشطة، ومؤسسة لبناء الشخصية بل ومنعت على الأطفال الخروج بالكتب خارج أسوارها، ولهذا وصلت إلى عنان السماء..
نحن نعود إلى الخلف لأننا مازلنا مصممين على حل مشاكلنا بسياسة رد الفعل والمسكنات وعلاج العرض وليس المرض، وعدم الاستفادة من التجارب الناجحة للآخرين، اتمنى أن نحارب الإرهاب بجانب محاربة الإرهابيين، واللهم أحفظ مصر
Egypt1967@yahoo.com