حزن الكتاب المصريين بعد إغلاق صحيفة السفير اللبنانية.. السناوي: نصرت القضية الفلسطينية.. صلاح عيسى: تبنت الفكر العربي التقدمي.. وفريدة النقاش: «الغلق» مصير الصحافة الورقية
أثار قرار إغلاق صحيفة السفير اللبنانية استياء الجماعة الصحفية في مصر والوطن العربي بشكل عام، ولما لا وهى واحدة من الصحف القلائل التي رسخت لمبادئ عدة كان أهمها مقاومة الاحتلال وإعلاء صوت الكلمة عاليا رغم ما تم ممارسته من تضييق على عمل الجريدة منذ إطلاقها عام 1974 تحت شعار "صوت الذين لا صوت لهم"، لتبدأ بذلك رحلة استمرت ٤٢ عاما تثري فيها القارئ العربي بشتى أشكال المعرفة.
كما تعرضت خلالها لمحاولات ترهيب عدة أبرزها نسف مطابعها في سنة 1980 وأكثر من محاولة لنسف منزل صاحبها ورئيس تحريرها طلال سلمان ثم محاولة اغتياله في سنة 1984، بالإضافة لاستهداف مبناها بكثير من الصواريخ والعبوات الناسفة خلال الحرب الأهلية، حيث كانت الصحيفة اللبنانية الوحيدة التي لم تتوقف يومًا واحدًا خلال الاجتياح الإسرائيلي (1982)، على رغم من أن توزيعها كان محصورًا، بفعل الحصار الإسرائيلي، في شوارع العاصمة.
التوقف عن الصدور 3 مرات
تعرضت "السفير" للتوقف عن الصدور 3 مرات بقرارات صادرة عن الحكومة اللبنانية، كان آخرها عام 1993 بعد نشرها وثيقة عن المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية. وقد لقي القرار اعتراضات واسعة وحظيت "السفير" بتضامن شعبي من مختلف التيارات السياسية في مواجهة القرار، في ثم أثره تعديل قانون المطبوعات فمنع تعطيل الصحيفة قبل صدور الحكم بالإدانة، كما منع توقيف الصحافيين احتياطيًا.
في هذا التقرير استطلعت «فيتو» آراء عدد من الكتاب المصريين حول قرار غلق الجريدة وما ستخلفه من فراغ صحفي على الساحتين اللبنانية والعربية.
القضية الفلسطينية
من جانبه، اعتبر الكاتب عبدالله السناوى، إغلاق جريدة السفير اللبنانية حدث حزين للصحافة العربية بأسرها، وأى متابع للصحافة العربية سيعرف أنها لعبت دورا كبيرا في نصرة القضية الفلسطينية، معتبرا أن طلال سلمان من أفضل رؤساء التحرير في العالم العربي على الإطلاق.
وأضاف السناوى أن الصعوبات المادية التي واجهت "السفير" كانت أكبر من طاقة الجريدة على الاحتمال وهو ما أدى في النهاية إلى إعلانها إغلاق أبوابها، وعن شهادته عن صحافة الأربعينيات والخمسينيات، قال إن الصحافة المصرية الحديثة بدأت في الثلاثينيات بظهور صحيفة المصرى وكان التابعي هو أمير ومؤسس الصحافة العربية التي جمعت بين أناقة اللغة وسهولتها في نفس الوقت على عكس ما كان سائد في الصحافة وقتها.
أما الأربعينيات، فشهدت ظهور صحيفة أخبار اليوم التي تأثرت بالصحافة البريطانية الشعبية خصوصا في الشكل الإخراجي والأخبار السريعة والاتجاه لموضوعات الإثارة على عكس الأهرام التي بدأت قبلها وأخذت الطابع المحافظ.
بينما اعتبر السناوي مرحلة الخمسينيات، مرحلة جديدة في الصحافة المصرية والتي توجت بقانون "تأميم الصحافة" أو بالأحرى "تنظيم الصحافة"، حيث أصبحت الصحف ملك للدولة "الصحف القومية"، كما شهدت الصحف تنوعا فكريا وسياسيا بالرغم من ملكية الدولة لكن مساحة الحرية بها كانت كبيرة وحتى أكبر منها الآن.
خبر تعيس
من جانبه أعرب الكاتب الصحفي صلاح عيسى عن حزنه الشديد بعد إعلان إغلاق جريدة السفير اللبنانية صباح اليوم السبت العاشر من ديسمبر، قائلا: إنه خبر تعيس لأن السفير حينما نشأت في سبعينات القرن الماضي شكلت مدرسة جديدة في الصحافة وكانت تتبني الفكر العربي التقدمى وشارك فيها مصريون مثل مصطفى الحسينى، مؤكدا أن السفير من أهم الصحف العربية التي شكلت ثقافة جيله لما كانت تنشره من مواد أدبية وثقافية قيمة.
وتابع عيسى: لقد تعرضت السفير لصعوبات عدة لاعتمادها على مساعدات مالية من دول عربية تساند الخط القومى ورغم ذلك حافظت على استقلاليتها حيث كانت صاحبة مستوى جدى ورفيع في الكتابة والتحرير، مضيفا: لقد واجهت السفير صعاب مختلفة وقت الحرب الأهلية اللبنانية إلا أنها صمدت رغم ذلك وكانت تصدر وقت الحرب.
وحول شهادته عن صحافة الأربعينيات والخمسينيات، قال النصف الأول من الأربعينيات كانت مرحلة ركود للصحافة العربية والمصرية حيث الحرب العالمية الأولى وكانت أغلب الأخبار عن الحرب، كما خضعت الصحافة وقتها للرقابة وكانت مساحة الحرية بها ضئيلة لسوء استغلال السلطة والتضيق عليها من خلال قوانين الطوارئ، أما النصف الثانى من الأربعينيات فشهد مرحلة ازدهار وإن كانت حالة الطوارئ عادت 1948 وبدأت صحف عريقة في الصدور مثل دار الهلال ودار المصرى واهتمت الصحف وقتها بإصدار سلاسل كتب شهرية مثل أخبار اليوم.
اتجاه التعبئة
وأضاف في النصف الأول من الخمسينات حدثت انقلابات عسكرية بالدول العربية مثل سوريا والعراق وشكلت مرحلة انتقالية في الصحافة العربية وظهر الصراع بين الديموقراطية والشمولية، وقد اختارت الصحافة العربية السير نحو اتجاه التعبئة، في النصف الثانى من الخمسينيات، واهتمت الصحف بقضايا التحرر في العالم العربي وتوجيه الاهتمام إلى الثقافة مع وجود تضييق على السياسة الداخلية مثل العودة إلى الحزبية.
ورأت الكاتبة فريدة النقاش، إغلاق جريدة السفير اللبنانية شيء مؤسف للصحافة العربية وتمثل خسارة للصحافة اللبنانية والعربية؛ لأنها كانت جريدة مهمة وصوت للقوة اللبنانية والمقاومة العربية ضد إسرائيل.
وأضافت النقاش إذا لم تتم عملية إنقاذ كبرى للصحف الورقية سيكون مصيرها الإغلاق، مشيرة إلى أن كل الصحف الورقية تتجه إلى الإغلاق نتيجة ارتفاع تكاليف الطباعة وأسعار الورق واتجاه الإعلانات إلى التليفزيون والصحافة الإلكترونية.
وقالت النقاش إن كل مرحلة من الصحافة لها خصائصها وطرق وأدوات تعبيرها طبقا للأحداث الجارية والأحزاب الفاعلة في تلك المرحلة، مشيرة إلى أن الصحافة في الأربعينات كانت مقيدة حيث كانت مصر خاضعة للاحتلال وبحلول الخمسينات ظهرت صحافة جديدة بعد تحرر مصر من الاحتلال.