تخاريف قطرية!
آخر التخاريف القطرية، جاء على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قال لا فض فوه: إن مصر تدعم الإرهاب!
كيف؟
يفسر الوزير القطري رؤية بلاده.. «للأسف من وجهة نظرنا أن مصر تؤيد النظام في سوريا، وهذا يعني أنها تدعم الأسد!».. ودعم الأسد يعادل دعم الإرهاب.. لأنه إرهابي.
لم يقدم الوزير القطري دليلا واحدا على أن مصر تدعم الرئيس السوري، وإن كانت تترك مصيره ليحدده الشعب السوري، ولا تتوقف عن تحذير العرب من أن هدم الموسسات الوطنية في سوريا، يقود إلى مصير التقسيم الذي يجري على قدم وساق في العراق.. وبوادره واضحة في ليبيا.
الوزير القطري غير معني على الإطلاق بما يجري على أرض الواقع، من عدم تدخل مصر في الشئون الداخلية للدول العربية، وهو موقف ثابت لا تحيد عنه، مهما مورس عليها من ضغوط عربية.. أو عالمية.
ولن يهتم النظام القطري بتصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، الذي أكد أنه ليس لمصر وجود عسكري على الأرض السورية، وأن تلك المزاعم لا وجود لها إلا في خيال من يروجون لها، وتأكيده على التزام مصر بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
وتتوالي التخاريف القطرية بمطالبة مصر على لسان الوزير القطري «بأن تعود إلى حضننا» ولا غرابة في تلك التصريحات، فقد وصل جنون الثروة بحكام قطر إلى الاعتقاد أن بمقدورهم التأثير على قرارات الدول العربية الكبري ذات التاريخ الموغل في القدم، مستندين إلى احتياجها للمال، لمواجهة مشكلاتها الاقتصادية، وعندما جربت أن تمارس تلك الضغوط مع مصر، وطالبت باستعادة وديعة لها في البنك المركزي، أعادتها مصر على الفور، رغم ما كانت تمر به من ظروف اقتصادية صعبة.
ولا يمكن الفصل بين التصعيد القطري في الهجوم على مصر، سواء عن طريق قناة الجزيرة، أو تصريحات المسئولين القطريين، وبين الخلاف في وجهات النظر، بين مصر والسعودية، وسعي الدولة القطرية إلى تعميق هذا الخلاف، واستثماره في تنفيذ السياسة المكلفة بهالإضعاف مصر.. والسعودية، ولن ينسي حكام قطر موقف المرحوم الملك عبدالله الذي أجبرها على وقف قناة «مباشر مصر» التي كانت تحرض قطاعا من المصريين على تخريب المنشآت، واستمرار الفوضى في الشارع المصري، وإشعال الفتن الطائفية والاجتماعية، وقد عادت الجزيرة للعب هذا الدور عقب رحيل الملك السابق عبدالله، الذي كان يعرف قدر مصر ومحبا لشعبها.. وحريصا على استقرارها.
ولا شك أن المحاولات الجادة من دولة الإمارات لرأب الصدع بين مصر والسعودية ستفسد على حكام قطر ومن يقفون خلفهم مساعيهم لإضعاف الدول العربية الصامدة، وفي مقدمتها مصر والسعودية، ولكن تلك المساعي النبيلة ستبقى ناقصة، إذا لم تقم على المصارحة الكاملة التي تستند إلى أن مصر لا تتدخل في توجهات الدول الأخرى.. ولا تقبل أن تخضع لسياسات ترسم من خارجها.
مصر لم تغضب من التقارب السعودي التركي، رغم عداء الرئيس التركي للشعب المصري، وهجومه المستمر على قيادته المنتخبة، ولم تتدخل في التقارب بين السعودية وإثيوبيا، وإقامة مشروعات سعودية تعتمد على سد النهضة الذي يهدد حياة المصريين ويحرمهم من الماء، ولم يعد خافيا على المصريين التقارب الشديد بين السعودية وحكام قطر.. رغم تجاوز قطر كل الحدود في الإساءة إلى الشعب والجيش المصري، ولم يعد بمقدور المصريين الصبر على تلك التجاوزات القطرية أكثر من ذلك.
ومن عجب أن الوزير القطري الذي يتهم مصر برعاية الإرهاب لمجرد رفضها التدخل في الشأن السوري، يعترف بأنه لن يتخلي عن دعم ما يسمى بالمعارضة السورية حتى لو تخلت عنها أمريكا، ولا عن تمويل الجماعات الإرهابية في ليبيا، وفي غزة، والعراق، وفي كل مكان في العالم تتواجد فيه تلك الجماعات الإرهابية!
ولن تتوقف.. التخاريف القطرية!