شبح الجوع يهدد الطبقة المتوسطة باليمن «تقرير»
مع استمرار الصراع في اليمن، ازدادت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية تدهورا، واتسعت رقعة الجوع في البلد الفقير، الذي تدمره الحرب المستعرة منذ 19 شهرا.
وتفجرت مجاعة في المديريات الساحلية بالحديدة- غرب اليمن، بالتزامن مع تفشي الجوع بشكل غير مسبوق، هكذا يحصد أمراء الحرب الثروة على حساب ضحايا الحرب، والبطون الخاوية، والمنازل المدمرة.
ولم تكتف الحرب بما خلفته من مآس ودمار، وتشريد لعدد كبير من اليمنيين، بل عذبتهم بالجوع، وقد امتزجت أنات الشعب بأصوات المدافع، ما جعل الأنين غير مسموع، واختلطت الدماء بالدموع.
فالحرب من رحم الأحقاد تولد، وأينما وجد الفقر والجهل والسلاح توجد الحرب، وبدماء الأغبياء توقد، والبريء فيها يقتل، أو يجوع ويشرد، وفي أرضها شيطان الموت بالنار يعبد، والشعب من كل حقوقه يجرد، ويتحول الواقع إلى نار، وآثار دخان أسود، والمآسي وحدها من تبقى وتخلد.
نتائج الصراع
وتسببت الحرب المدمرة في خسائر مدنية واقتصادية هائلة في اليمن، وكشف البنك الدولي، أن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل 2015، إلى أكثر من 20 مليون حاليا، فيما تؤكد اليونيسف أن 1.5 مليون طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية العام، وأن 370 ألف طفل منهم على الأقل يعانون من سوء التغذية الحاد، الذي قد يعرضهم للوفاة.
وأشارت اليونيسف إلى وفاة أكثر من 10 آلاف طفل يمني بسبب انخفاض الرعاية الصحية، وتفشي الأمراض، وتدهور الخدمات، وتوقف نحو 600 مرفق صحي عن العمل، وإغلاق 5 من مراكز التطعيم.
وأوضحت الأمم المتحدة: إن 10 آلاف مدني لقوا مصرعهم بالحرب الدائرة في اليمن، وذكرت أن النزاع في اليمن تسبب بتدهور شديد في الاقتصاد، وتسريح 70% من العمالة لدى شركات القطاع الخاص.
مأساة الحرب
وقالت «بلقيس السلامي» رئيسة منظمة مروج: إن اليمن أصبح بلدا منكوبا؛ بسبب الحرب، وقد بدأ الجوع يضرب الطبقة المتوسطة، فقد خسر ثلاثة ملايين موظف بالقطاع الخاص وظائفهم؛ بسبب الحرب، وتوقف الشركات ودمار عدد من المنشآت، وكل من فقد وظيفة بلا شك ينفق على أسرة، واستمرار الحرب جرد الطبقة المتوسطة من مدخراتها التي أنفقتها طوال فترة الحرب، ودخلت هذه الطبقة مربع الجوع.
وأشارت بلقيس السلامي إلى أن الحرب شردت ثلاثة ملايين مدني، ويحتاجون إلى مساعدات، ومعظمهم فقدوا مصادر دخلهم واستقرارهم، وانضموا لدائرة الأشد احتياجا، منوهة بأن مساعدتهم تتطلب مبالغ هائلة، والمنظمات غير قادرة على تقديم المساعدات للفقراء والمتضررين والنازحين بشكل كامل؛ بسبب عددهم الكبير.
ولفتت السلامي إلى أن: المديريات الساحلية في الحديدة غرب اليمن، شهدت مجاعة؛ كون سكانها كانوا يعتمدون على الأعمال بالأجر اليومي والصيد، وقد توقفت أعمالهم؛ بسبب الحرب، ما تسبب بحدوث مجاعة.
وحذرت السلامي، من ظهور مجاعات بأماكن جديدة وعديدة في اليمن، يصعب السيطرة عليها، فقد اقتربت ساعة الصفر من مجاعة واسعة؛ وهذا ما تؤكده المعطيات التي يجب على العالم أن ينظر إليها بعين الاعتبار، ولا يتجاهلها.
وأكدت السلامي أن المساعدة الحقيقية للشعب اليمني، الذي أصبح 80% منه بحاجة إلى مساعدات عاجلة، هي وقف الحرب، وعودة الاستقرار، وعملية إعادة إعمار وتأهيل شامل للمصانع، والمنشأت، والمنازل المتضررة من الحرب، بالإضافة إلى استمرار تدفق المساعدات؛ حتى يتم تفادي مرحلة الخطر في الوضع الإنساني.
حقائق اقتصادية مؤلمة
من جانبه، يقول صادق مذكور، المحلل الاقتصادي اليمني: إن الاقتصاد اليمني انهار، وهذا الأمر الذي ترفض الاعتراف به سلطات الحوثيين بصنعاء، وسلطات الرئيس عبد ربه منصور هادي بعدن، لافتا بأن الطرفين غير قادرين على سداد رواتب موظفي القطاعات الحكومية، والتي لم يتسلموها منذ ثلاثة أشهر في كافة المرافق الحكومية، ما يدل على إفلاس البنك المركزي.
ويشير مذكور، إلى أن ثلاثة ملايين موظف بالقطاع الخاص فقدوا وظائفهم، منذ اندلاع الحرب؛ بسبب توقف نشاط معظم الشركات، ومغادرة أخريات من اليمن، وتدمير مصانع بنيران الحرب، مؤكدا أن فئة العاملين بالأجر اليومي تضررت بشكل كبير، ودخلت مربع الأشد فقرا، لاسيما في المحافظات التي تشهد معارك برية.
وحول حجم الأضرار التي خلفتها الحرب بالقطاع الاقتصادي، أوضح مذكور، بأن الحرب دمرت 98 مصنعا في مختلف محافظات اليمن، وتقدر قيمة الأضرار بنحو 75.89 مليار دولار، موضحا بأن 8 مليارات دولار من رأس المال الوطني خرجت خارج اليمن؛ بسبب الحرب، و8 مليار دولار من رأس المال الوطني غادرت اليمن بسبب الأزمات السياسية قبل الحرب.
ووفقا لذلك، فإن توقف تصدير النفط، ومغادرة كمية هائلة من رأس المال الوطني إلى خارج اليمن، وتدمير وتوقف عدد كبير من المصانع والشركات، كان سببا رئيسيا في الانهيار الاقتصادي، مشيرا إلى أن الشعب يدفع وسيدفع ثمن هذه الحرب، وما خلفته بالمستقبل، وكلما طالت الحرب كلما زاد ثمن الأضرار والدمار، على حساب الأبرياء.