رئيس التحرير
عصام كامل

وثائق سرية تكشف خطة إسرائيل لضم سيناء.. تل أبيب وضعت الجزيرة ضمن مملكتها.. «بن جوريون» طالب رئيس أركانها بتجهيز عملية عسكرية.. و«آيزنهاور» حذر من عبدالناصر والسوفييت


نشرت صحيفة "هاآرتس" العبرية، وثائق تنشر لأول مرة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلى، كان على مقربة من ضم قطاع غزة مع سيناء قبل 60 عامًا، لكن رئيس وزراء آنذاك، ديفيد بن جوريون غير رأيه في اللحظة الأخيرة وأعلن الانسحاب.


القانون الإسرائيلي

وأضافت الصحيفة، أن الوثائق تؤكد أن الاحتلال كان ينوي تطبيق القانون الإسرائيلي على أراضي قطاع غزة وسيناء، والذي كان يعني ضمهما عمليا لإسرائيل، وفي الوقت نفسه كشفت الوثائق المشار إليها خشية تل أبيب من الأبعاد السياسية لإجراءاتها بعد الحرب.

مملكة إسرائيل الثالثة

وأظهرت الوثائق أن بن جوريون، بعث في السادس من نوفمبر 1956 مذكرة إلى رئيس أركان الجيش في حينه، موشي ديان، أعلن فيها عن "مملكة إسرائيل الثالثة" ومضاعفة مساحة إسرائيل أربع مرات.

وأعلن بن جوريون في السابع من الشهر نفسه بالكنيست، أن "مكانة سيناء تتجدد في هذه الأيام"، وكشفت الوثائق عن خطاب تم حفظه في أرشيف إذاعة الجيش "جاليه تساهال" بشأن سيناء، قال فيه "إن سيناء هي النقطة المحورية لأمننا وسلامنا الداخلي، وأيضا علاقاتنا الخارجية في الساحة الدولية وفي الشرق الأوسط".

وكشف عن الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة معهد "عكفوت" للدراسات، والتي هي عبارة عن مراسلات تشير إلى نية السيطرة على الأراضي التي تم احتلالها. وكانت هذه الوثائق في قاع ملف في الأرشيف.

بداية المعركة

فيما أكد المدير العام للمعهد، ليئور يفني، أن الحديث عن الوثائق هي عبارة عن بداية المعركة السياسية المتواصلة للدولة بشأن قوانين الاحتلال أمام القانون الدولي.

وتكشف الوثائق أن المستشار القضائي للحكومة وقتها، حاييم كوهين، أعد وثائق لبن جوريون، تهدف إلى الإعلان عن سريان القانون الإسرائيلي على الأراضي المحتلة، وفي الرابع من نوفمبر كتب لـ "بن جوريون" أنه أرسل إليه مسودات لأنظمة الطوارئ بشأن الأراضي المحتلة التي تم الاستيلاء عليها، وذلك كي يوقع عليها.

قوانين العملات الأجنبية

وكانت وزارة المالية بحسب الوثائق معنية بأن تسري قوانين العملات الأجنبية السائدة في إسرائيل على هذه المناطق، وأن وزير القضاء يطلب لفت الانتباه إلى الآثار السياسية والعسكرية المترتبة على السيطرة القانونية عليها، وأنه لا يعارض ذلك.

وتتضمن الوثائق التي أعدها كوهين لـ بن جوريون، ولم يوقع عليها، إعلانا لوزير الأمن يقول فيه إن أراضي سيناء هي أراض بحوزة الجيش الإسرائيلي، وأن كل قانون يسري في إسرائيل ينظر إليه كأنه ساري المفعول في كل منطقة يعتبرها وزير الأمن بحوزة الجيش.

وفي السادس من نوفمبر 1956، بعث روزين برسالة مفصلة، تم تصنيفها على أنها "سرية"، حذر فيها من أن التوقيع على الوثائق التي أعدها المستشار القضائي كوهين تؤدي عمليا إلى ضم الأراضي المحتلة.

مشكلات قضائية

وأضاف أن ضم غزة سيكون قانونيا لكونها جزءا من أرض إسرائيل الانتدابية، ولكن ضم سيناء سيؤدي إلى مشكلات قضائية ودولية خطيرة".

وأشار إلى أنه بموجب القانون الدولي فإن نقل السيادة لا يكون إلا بموجب اتفاق سياسي. واعتبر أن فرض قوانين الدولة المحتلة على الأراضي الواقعة تحت الاحتلال هو دلالة واضحة على فرض السيادة على أراض محتلة.

فيما بعث المدعي العسكري العام الإسرائيلي، د. مئير زوهر، وجهة نظره إلى المسستشار القضائي للحكومة، استعرض فيها الإمكانيات المختلفة بشأن قطاع غزة وسيناء. وأشار بدوره إلى أنه من الناحية القضائية يمكن ضم قطاع غزة، والإعلان عنها كمنطقة مهجورة أو مستعادة. أما بالنسبة لسيناء فإنه لا يمكن اعتبارها منطقة بحوزة الجيش الإسرائيلي، وفي حال ضمها سيسري عليها القانون الإسرائيلي الأمر الذي يتناقض مع ميثاق جنيف.

عبد الناصر والاتحاد السوفيتي

وأشار التقرير إلى أن لرئيس الأمريكى الأسبق "آيزنهاور" عارض ذلك بشدة النوايا الإسرائيلية، ورأى في الحرب خطوة قد تدفع الرئيس الأسبق، جمال عبد الناصر، إلى أحضان الاتحاد السوفييتي، ولذلك ضغط على إسرائيل كي تنسحب.

وخلصت الوثائق أنه في النهاية لم يتم التوقيع عليها، وفي السابع من نوفمبر عام 1956 أعلن بن جوريون أن إسرائيل سوف تنسحب من الأراضي التي احتلتها، إلا أن الجيش الإسرائيلي احتلها ثانية عام 1967.
الجريدة الرسمية