رئيس التحرير
عصام كامل

السعودية وعمان.. مفترق طرق في منطقة مهددة بالانفجار


يرى مراقبون أن تباين وجهات النظر بين عمان والسعودية في قضايا المنطقة الإقليمية ولاسيما مواضيع الاتحاد الخليجي أو العلاقة مع إيران، كانت السبب خلف تجاهل الملك سلمان لزيارة عُمان في جولته الخليجية.


واختتم قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعمال دورتهم السابعة والثلاثين التي استضافتها مملكة البحرين على مدى يومين حيث أوصى المجلس بالاستمرار في مواصلة الجهود من أجل الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، مع تكليف المجلس الوزاري باستكمال الإجراءات اللازمة للقمة الخليجية المقبلة التي تستضيفها الكويت.
كان الموقف الخليجي قد شهد بعض التوتر إثر السجال بين الرياض ومسقط، حيث أبرز هذا التوتر عدم قيام العاهل السعودي بزيارة سلطنة عمان في جولته الخليجية التي شملت جميع الدول الخليجية، عدا عُمان.

ويرى مراقبون أن هذا التجاهل حمل في طياته تململا سعوديا بسبب التباين في وجهات النظر بين الرياض ومسقط في عدة قضايا، ربما كان أبرزها الملف الإيراني، ومقترح الاتحاد الخليجي، وكذلك محاولة عمان النأي عن نفسها من التحالف العربي الذي مثله عاصفة الحزم.

كما تتمتع سلطنة عمان وإيران، اللتان تطلان على مضيق هرمز، بعلاقات متميزة على كافة الأصعدة، حيث إن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، زار السلطنة في مارس 2014، وهي الزيارة الأولى له لدولة عربية منذ توليه مهام منصبه في أغسطس 2013، وهو ما ينظر إليه السعوديون بانزعاج.

"الاتحاد الخليجي قرار ارتجالي"
في حوار مع برنامج مسائية في DW عربية أكد الإعلامي العماني موسى الفرعي أن السلطنة ليست مع إيران ولا تسايرها، فعُمان لها قرار سيادي مستقل، وترى في إيران جارة، ولكن لن تسمح لها أن تتدخل في الشأن الخليجي. 

وقال الفرعي: إن مسقط ترى أن الدعوة لفكرة الاتحاد الخليجي كانت إرتجالية، كما أن هنالك بونا شاسعا في التكامل بين الدول الخليجية حاليا.

وأوضح الإعلامي العماني أن التكامل الاقتصادي على سبيل المثال غير موجود، وأن هنالك خطط اقتصادية منفصلة لكل دولة، كما أن العملة الخليجية التي تم التخطيط لها سابقا لم تحصل. 

وأكد الفرعي أن السلطنة ترى أنه من الأفضل التركيز على مبدأ التعاون الخليجي، كما إن تفعيل اتفاقيات عديدة لمجلس التعاون الخليجي بقيت دون تفعيل.

من جهته رفض الخبير في الشئون الخليجية حسن ظافر الشهري ادعاءات الإعلامي العماني بأن قرار الاتحاد هو قرار "ارتجالي"، حيث أكد في حوار مع برنامج مسائية في DW عربية أن الدعوة للاتحاد قائمة منذ مدة، وقال إن القرارات الخليجية المتخذة مثل عاصفة الحزم وغيرها جاءت بناء على حاجة وضرورة واقعية وليس بناء على قرارات ارتجالية.

وأقر الشهري بوجود خلافات بين الدول الخليجية إلا أنه وصفها بأنها مجرد "فجوات"، وأكد الخبير السعودي "أن تجاهل الملك سلمان لزيارة عمان جاء بناء على غضب سعودي من تصرفات سلطنة عمان لا سيما بعلاقتها بالحوثيين وإيران".

محاولة لإقصاء عُمان
رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم اللندنية عبد الباري عطوان كتب على موقع الصحيفة الإلكتروني يوم الأربعاء 7 ديسمبر أن العلاقات السعودية العُمانية "ليست على ما يرام"، وأن "الهوة بين البلدين تتسع".

وقال الكاتب الفلسطيني إن المسئولين العمانيين نهجوا طوال السنوات سياسة مستقلة عن مجلس التعاون الخليجي ودوله، وأبدوا تحفظا على القيادة السعودية وفضلوا اتخاذ موقف محايد في الأزمة السورية وابقوا سفارتهم في دمشق مفتوحة، كما حرصوا على علاقات طيبة مع إيران، وابقوا على علاقات مع الحوثي، ورفضوا المشاركة في عاصفة الحزم، هذه المواقف كلها لم ترض القيادة السعودية حتما، لهذا تريد الرياض إقامة اتحاد على أنقاض مجلس التعاون لإقصاء سلطة عمان بسبب مواقفها، كما يرى عطوان.

من جهته أكد الكاتب الصحفي السعودي سليمان العقيلي في لقاء مع DW عربية أن السياسة العمانية ونهجها للحياد، ولدت "تحفظا" لدى الدول الخليجية الأخرى، والتي ترى في هذا الموقف "ابتعادًا عن الموقف العربي المشترك".

ويضيف العقيلي بأن مسقط "فضلت إيجاد مسافة بينها وبين أشقائها الخليجيين، والاقتراب من إيران"، حيث شاهدنا ذلك بعد أن رفضت عمان دخول الحلف العربي بقيادة السعودية، والتزمت الحياد، لتكون الدولة الخليجية الوحيدة الخارجة عن السرب، كما ترفض الاتحاد الخليجي وهو موقف غير مفهوم بالنسبة للدول الخليجية المجاورة، "إذ أن الخطر سيصيب عمان أيضا كما سيصيب الدول الخليجية في حال حصول حرب مع إيران".

السياسة العمانية تربك الخليجيين
إلا أن المحلل السياسي العماني على سعيد اليافعي أكد في حوار مع DW عربية أن هنالك مفهوما "خاطئا" عن السياسة العمانية، لدى أشقائها الخليجيين، فعُمان هي عضو في الاتحاد الخليجي، وتؤمن أيضا بالعمل المشترك، إلا أن المبررات للدخول في الحلف العسكري لم تتحقق، فالدول الخليجية "لم يصبها تهديد مباشر، من أجل إقامة هذا الحلف".
ويضيف المحلل العماني أن مسقط أرسلت بجنودها أثناء تعرض الكويت للغزو العراقي، وعمل جنودها جنبا إلى جنب مع باقي الجنود العرب، في حين تختلف المشكلة اليمنية، حيث تحكمها صراعات إقليمية مختلفة.
وكانت عمان قد أعلنت مرارا عن إيمانها بضرورة البحث عن حل سلمي لأزمة اليمن، إلا أن بعض الدول الخليجية فضلت الحل العسكري، حسب المتحدث.

وعن فكرة الاتحاد الخليجي قال اليافعي إن عُمان لا ترى ضرورة لإقامة هذا الاتحاد، حيث إن تفاصيله غير واضحة، ومن غير المعلوم إلى أين سيقود.
واعتبر اليافعي أن سياسة عمان مكنتها من جلب الاستقرار للمنطقة، وهي تخشى من تعرضها للخطر في حال تغيير السياسة المحافظة التي تنهجها، ويقول "شيطنة الآخر" ليس هو الحل الصحيح.

ويضيف اليافعي أن خلفية العلاقات العمانية الإيرانية المتميزة ليست وليدة اللحظة بل كانت دائما راسخة، وقال الخبير العماني: "الإيرانيون جيراننا، والبلدان يتشاركان ضفتيْ مضيق هرمز الإستراتيجي، كما تربطنا معهم معاهدات، ولقد احترم الإيرانيون الاتفاقيات الموقعة". 

ويتابع: "لو انفجرت المنطقة، فلن تتضرر عُمان وحدها بل جميع دول المنطقة بما فيها إيران والدول الخليجية الأخرى".
الجريدة الرسمية