رئيس التحرير
عصام كامل

انتقادات لتقديم مرتبة حق الأب بحضانة الأبناء حال زواج الأم.. استشاري طب نفسي: للأمهات حق الثورة.. دينيا وعلميا الطفل أقرب إلى والدته من أبيه.. الطلاق بمصر يتم بشكل غير حضاري


واجه مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد عاصفة من الغضب، حيث وجهت العديد من النساء رسائل احتجاجية لواضعي هذا المشروع الجديد الذي تقدمت به لمجلس النواب النائبة سهير الحادي.


وركزت الانتقادات على الجزء الخاص بتعديل تقديم مرتبة حق الأب في الحضانة لتأتى بعد الأم مباشرة حال زواج الأم، حيث رأت النساء في هذا التعديل إهانة لمكانة الأم، وأن هذا التعديل يرحب بزواج الرجل بعد الطلاق، على عكس زواج المرأة الذي يحرمها من أطفالها.


يقول الدكتور إبراهيم مجدي حسين -استشارى الطب النفسى: "منذ يومين وجدت ثورة عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي من الأمهات المطلقات وغير المطلقات بسبب مشروع قانون الحضانة الجديد الذي طرحته إحدى نائبات مجلس النواب ومعها 60 نائبا".


وتابع: "أكثر الانتقادات التي واجهت مشروع القانون الجديد التعديل الخاص بتقديم مرتبة حق الأب في الحضانة لتأتي بعد الأم مباشرة حال زواج الأم".


انتقادات حادة
وأوضح قائلا: "سوف أسرد بعض نماذج الانتقادات، حيث وجدت بعض الأمهات تقول إن هذا القانون لن يمر إلا على جثتنا ويتساءلون كيف سيعيش الطفل مع زوجة أبيه وأمه لا تزال على قيد الحياة، هل فعلا الأمهات لديهن حق في الثورة ضد مشروع هذا القانون أم لا؟ وما هو مدى تأثير هذا القانون نفسيا على الأطفال؟


ثورة الأمهات
وأكد استشاري الطب النفسي: "نعم.. وبكل ثقة أقولها، الأمهات لديهن حق في الثورة على مشروع هذا القانون.. لو تكلمنا بيولوجيا وفسيولوجيا سوف يتم الإثبات بالدليل القاطع أن أم الطفل أقرب إليه من أبيه.


دلائل بيولوجية وفسيولوجية
وتابع: "هناك هرمون اسمه الهرمون البيبتيدي أو الأكسيتوسين (بالإنجليزية: Oxytocin) وهي كلمة مشتقة من اللاتينية ὀξύς oxys وتعني الولادة السريعة، يُفرز هذا الهرمون بشكل جزئي من العصبونات جانب البطين (بالإنجليزية: paraventricular nuclei) في منطقة الوطاء (hypothalamus)، ويُنقل من الوطاء إلى الجزء الخلفي من الغدة النخامية عن طريق العصبونات، يُخزن هذا الهرمون في الفص الخلفي للغدة النخامية ويستخدم عند حاجة الجسم إليه".


وأضاف أن لهذا الهرمون أهمية خاصة في عملية الولادة، ولا تكمن أهمية هذا الهرمون فقط في دوره الكبير في علاقة الأم بطفلها والعلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، لا بل ويتعداه إلى وظائف أخرى.


وأوضح حسين أن الدراسات الحديثة أثبتت أن هذا الهرمون يفرز أكثر عند المرأة ومرتبط بالحمل والرضاعة، ويطلق على هذه الهرمون مصطلح حديث الآن وهو هرمون الحب، إنه باختصار الهرمون الذي يجعل هذه العاطفة العظيمة التي لا يجد لها أحد تفسير وهي عاطفة الأمومة، العاطفة التي يستطيع أحد تجاهلها أو الوقوف أمامها، أقوي عاطفة في العالم، عاطفة تكلمت عنها كل الأديان، لأن الأم بالفطرة أرحم وأحن من الأب والدليل بشكل علمي كما ذكرت هذا الهرمون.


القرآن الكريم
دعونا نرى كيف يذكر القرآن الكريم الأم ويوصي عليها، قال الله عز وجل: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" (14) لقمان، وقال: "وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) مريم، فالدليل هنا أن من لم يبر والدته يصبح جبارا وشقيا، لأن الأم مصدر الحنان والعاطفة والرحمة.


قال الله تعالى: "قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) طه، حيث قال (يا ابن أم) ترفق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه، لأن ذكر الأم هاهنا أرق وأبلغ، أي: في الحنو والعطف.


الحديث النبوي
نأتي إلى حديث رسول الله الذين نعرفه جميعا، حيث قال صلّى الله عليه وسلم، حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من، قال ثم أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من، قال أبوك.. وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله".


وأكد استشاري الطب النفسي أن التوصية بالأم ثلاث مرات دليل على مدى أهمية الأم ومكانتها أكثر من الأب نفسه بثلاث مرات، فهل يتغير هذا كله سواء كانت الأم مطلقة أو متزوجة، بالطبع لا، تبقي هي الأم، تبقي هي مصدر الحنان والعاطفة والأصل.


الجانب النفسي
وتابع: تطرقنا للجانب الديني والفسيولوجي والبيولوجي، نأتي للجانب النفسي في موضوع الحضانة، فالطلاق في حد ذاته يسبب ضغط شديد على الأطفال وهناك اضطراب نفسي ومذكور في مراجع الطب النفسي separation anxiety، ومن ضمن أعراضه أن يصاب الطفل بقلق شديد وبكاء متواصل ورفض الذهاب إلى المدرسة ورفض الطعام لإحساسه بأنه فقد شخص كان يرعاه.


وأكد أن هذا الاضطراب يصيب الأطفال عندما ينتقلون من مكان إلى مكان أو مدرسة إلى مدرسة، وبعد انفصال الأهل، والدراسات الحديثة تقول إن بقاء الطفل المنفصل أهله مع أمه حتى وصوله مرحلة المراهقة أمر ضروري لتخطي هذه المشكلات النفسية.


وأوضح حسين أن الانفصال وتأثيره النفسي على الأطفال مشكلة تؤرق الأسر، وطبقا للدراسات وإحصائيات حديثة في مصر تؤكد أن ارتفاع معدلات الطلاق بنسبة كبيرة طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعداد والإحصاء، والدراسات الأجنبية الحديثة تشير إلى أن هناك ربطا بين الانفصال وتأثيره خصوصا على المراهقين وسلوكياتهم، فوجد انتشار معدلات التدخين وتعاطي المخدرات وتناول الكحوليات، بجانب الانحراف السلوكي والكذب والسرق والميل للعنف وكسر القواعد. 


صراع الآباء
وأشار استشاري الطب النفسي إلى أنه عادة ما يتم الطلاق في مصر بشكل غير حضاري ونجد صراعا بين الأب والأم على الأطفال، ويوجد محاولات من أهل الأم والأم نفسها لجعل الطفل يكره والده، ونجد الأب يحاول من ناحية أخرى جعل الأطفال يكرهون أمهم، ويصرف ببذخ، كل هذه الأفعال تؤدي إلى ظهور عدة اضطرابات نفسية عند الأطفال منها القلق والتوتر واضطرابات الشخصية عند الوصول إلى مرحلة الكبار وفي بعض الأحيان الفصام الذهاني، لأن الطفل يعيش في صراع دائم بين ما يقوله الأم والأب، بجانب الخوف من الارتباط عند الوصول إلى مرحلة الزواج.


انفصال الآباء
وقال حسين إن الدراسات الحديثة أشارت إلى أن الانفصال يجب أن يكون بشكل حضاري، وحددت شروط للحاضنة يقيمها الطبيب النفسي والأخصائي الاجتماعي والنفسي والقاضي، ودور الطبيب النفسي كما تقول مراجع الطب النفسي الشرعي في الولايات المتحدة هي:

1- ضمان استقرار الحالة النفسية للطفل إذا كان الأب أو الأم حاضنة.
2- فحص نفسي للأب والأم وتحديد من منهما يستحق حاضنة الطفل، وضمن من تسقط حاضنتهم الأب المدمن أو الأم المدمنة، الأب أو الأم الذين لديهم ميول عنف.

3- تحديد الثقافة والتعليم للأب والأم ومعرفة كيف سيستفيد الطفل إذا انتقلت الحاضنة لأي منهما.
4- التأكد من وجود دخل ثابت للأب أو الأم يستطيع أن يوفر حياة كريمة للطفل.
5- التأكد باستمرار أن صراعات بين الأب والأم لن تؤثر على نفسية الطفل.


وأشار إلى أنه تم عمل تقييم كل 6 أشهر وعلى إثره يتم تحديد لمن تذهب الحضانة، ويذهب المختصون للزيارة على الطبيعية لمنزل الحاضن أو الحاضنة.


قوانين الحضانة
وأوضح الدكتور مجدي حسين استشاري الطب النفسي أن مشروع قانون الحضانة الجديدة في مصر يتم تخيير الطفل، ولكن هذا ليس كافيا، لأن الطفل من الممكن أن يتعرض للمغريات التي تؤثر على اتخاذه القرار، إذ أن قوانين الحضانة في الخارج تخضع لشروط علمية وثقافية وليس لها علاقة إذا تزوجت الأم أم لا.


وأكد قائلا: "الخلاصة أن الابن لن يجد مأوى رحيما يلجأ إليه ويحنو عليها وقت الشدة إلا حضن أمه"..
الجريدة الرسمية